الخميس، 07 نونبر 2024 18:28

برن- المزايدات الإنتخابية تُـذكي العنصرية في سويسرا

الأربعاء, 03 غشت 2011
هل ثمة انجراف في الساحة السويسرية نحْـو مزيد كراهية الأجانب؟ يبدو أن هذه هي الحقيقة القائمة في الميدان وِفقا لأحدث التقارير عن حوادث العنصرية التي رصدتها المراكز الاستشارية لضحايا العنصرية.

وفيما يحرض اثنان من المستشارين الاجتماعيين في العاصمة برن على وضع البيانات التي أوردها التقرير في نصابها، يحذِّران في الوقت نفسه من تزايد النَّـزعات العنصرية الدفينة.

يقول التقرير: تعرَّضَ رجل عربي للشتيمة من قِـبل مسؤوله، الذي نعَـته بأنه وأمثاله من العرب "أشباه رجال"، ودعا إلى إبادة كل العرب. وتقدمت سيدة ألمانية بطلب وظيفة، فجاءها الرد سلبيا وفيه اتهام لها بالغَـطرسة، بأنها تفتقر إلى التواضع وأن هذا هو الموقف النموذجي للمرأة الألمانية. وطُـرد رجل هندي من شقَّـته لأن البوابة اتَّـهمته بتلويث المبنى بروائح البهارات التي يستعملها في الطبخ.

تلك ثلاثة أمثلة لحوادث عنصرية حدثت العام الماضي في سويسرا، لم ينتبِـه لها أحد ولم تتحدّث عنها الصحف، لكن رصَـدها وأظهرها للرأي العام، تقرير عام 2010 الذي يحمل عنوان "حوادث العنصرية التي رصدتها المراكز الاستشارية"، ويمثل توثيقا آنِـيا وغيْـر مكتمل ومجتَـزَّأ لحوادث التمييز العنصري في سويسرا، باعتبار أنه لا يحتوي إلا على حالات الإقصاء أو التمييز التي وقع الإبلاغ عنها لدى أحد المراكز الاستشارية السبعة، التي تُشكل "شبكة الاستشارات الخاصة بضحايا العنصرية".

تقول أنيت لوتي، المساعدة الاجتماعية في المركز الاستشاري لضحايا العنف والعنصرية في برن: "بالرغم من أن التقرير يساعِـد على فهْـمٍ أفضلَ لواقع التمييز العنصري في سويسرا، إلا أنه لا يعكس الواقع"، وتضيف قائلة بأن: "النَّـزعة العنصرية الدفينة والمغمورة نمَـت في بلدنا، والأشخاص الذين يمارَس بحقِّـهم التمييز لا يملكون دائما الشجاعة للإبلاغ عن سوء المعاملة التي تعرّضوا لها، خِـشية من عواقب مواجهة المتهم".

هل تنجَـرف سويسرا نحو التمييز؟

ويُـعتبر التقرير "حوادث العنصرية التي رصدتها المراكز الاستشارية"، هو الدراسة التحليلية الثالثة التي تجري على المستوى الإقليمي. وفي عام 2010، تم فحص 178 حادثة بزيادة 16 حالة عمّـا كان في عام 2009، حيث زاد على وجْـه العموم عدد حالات التمييز المُبلّـغ عنها بحق أشخاص مُـلوّنين أو بحق أشخاص مسلمين أو لحالات من التعسُّـف في استعمال السلطة. ووِفقا لمُـعدِّي الدراسة، فإن هذا الاتجاه "يعود  إلى أجواء كراهية للأجانب، غيْـر محدَّدة المعالِـم أو إلى وجود تعصُّـب أعمى" عزّزته المساجلات السياسية في السنوات الأخيرة.

هل معنى هذا أننا نشهَـد تحوُّلا في البلاد نحو معاداة الأجانب؟ "لا. فالغالبية من أهْـل سويسرا تتعامل مع الأجانب بشكل سليم"، هذا ما قاله جورجيو أندرييولي، مدير مشروع "معا ضدّ العنف والعنصرية" والذي ذكّر من خلال تعريجه على مبادرات السبعينات ضد زيادة نسبة الأجانب في البلاد، بأن النَّـزعات المعادية للأجانب وُجِـدَت في سويسرا على الدوام.

وأردف أندرييولي قائلا: "لكن اليوم، تفاقَـمت هذه المواقف بفعل الخطاب السياسي، الذي كان في وقت من الأوقات حِـكرا على اليمين المتطرِّف، ولكن تمّ التغاضي عنه، حتى أصبح اليوم نهْـجا متَّـبعا من قِـبل بعض الأحزاب المعتدلة".

واللافت، بأن الأجواء السياسية السائدة، ليس في سويسرا فحسب، بل أيضا في كل من ألمانيا والسويد وفرنسا وفنلندا، لا تساعد على التحاوُر والاحترام بين الناس، خاصة إذا تعدّدت مشاربهم وتنوّعت أصولهم. وبرأي لوثي أن: "الحملات الانتخابية الأخيرة، ساهمت بلا شك في تفاقُـم المشكلة، وما لم يكن مقبولا، اجتماعيا وأخلاقيا، في وقت من الأوقات، أصبح الآن على ما يبدو يُغَـض الطَّـرف عنه، ومع ذلك، نلاحظ زيادة وعْـيٍ شعبيٍ حِـيال القضية".

حذار من الخلط

وممّـا يجدر بالذكر، أن حوادث التمييز العنصري التي ضبطها التقرير، شملت كل الأماكن، وبشكل رئيسي في المُـدن، حيث توجد المراكز الاستشارية وتتوفَّـر المعلومات المفصَّـلة، وفي الأماكن العامة وفي أماكن العمل وعند المُـلاقاة مع الشرطة.

ومن الممكن أن يكون الجميع ضحايا تمييز، وفي أي ساعة من النهار أو الليل، كما في تلك الحالة التي وقعت أمام مدخل أحد النوادي الليلية، حيث تصدّى أحد الحرّاس لشابَّـين وخاطبهما قائلا: "عُـذرا، أمثالكما كثيرون في الداخل، تعالا مبكّـريْن في المرة القادمة"، عندها أظهر أحدهما هوية الجنسية السويسرية طالبا التوضيح، رد عليه قائلا: "واضح تماما مِن اسمك بأنك لست سويسري الأصل".

وفي السنوات الأخيرة، لم يُبَـلّغ عن وقوع متكرّر لحوادث مماثلة، حتى لدى المركز الاستشاري لضحايا العنف والعنصرية في برن، الذي قرّر أن لا يبقى مجرد وسيط بين الضحية والمُتّهَم، وإنما يقوم بحملة توعية وإرشاد، باعتبار أن "البلاغات المتكرّرة التي سببها التمييز العنصري في مداخل المقاهي والحانات والمراقص والنوادي الليلية، كشفت عن ظاهرة واسعة الانتشار في المدينة"، على حد قول جورجيو أندرييولي.

وبناء على ذلك، عمد المركز الاستشاري لضحايا العنف والعنصرية في برن واللجنة الفدرالية لمكافحة العنصرية وبلدية مدينة برن، إلى وضع مجموعة من التوصيات والبيانات في مذكّـرة تمّ توزيعها على مدراء المؤسسات العمومية. ووفقا لأندرييولي، فإن "الهدف من المطوية، هو التأكيد على أنه حينما يُسمَـح بمنع شخص من دخول مرقص أو مقهى، فلابد من تقديم ضمانات تحُـول دون وقوع هذا الشيء بدافع عنصري، إذ ليس من العدْل الاشتباه بشخص لمجرّد أنه ينتمي إلى فئة معينة".

التعسُّـف في استعمال السلطة

ويسلِّـط التقرير الضوء على ظاهرة أخرى مُـثيرة للقلق ومرتبطة بحالات عنصرية متورَّط فيها رجال شرطة، وقد زادت وتيرتها في عام 2010، حيث قفزت من 17 إلى 23 حالة، استهدفت بالدرجة الأولى أشخاصا معظمهم من البلدان الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى.

وفي نفس السياق، عبَّـر كل من لوتي وأندرييولي عن استغرابهما قائلين: "لاحظنا بأنفسنا وجود نزعة عنصرية لدى رجال الشرطة، لم نجد لها تفسيرا، كما وجدنا في عديد من المرات، بأن من الأجانب مَـن لا يعرف بأنه ملزم بتقديم جواز سفره لرجال الأمن، وهو ما يكون في بعض الأحيان سببا لتطوّر المشكلة"، ولذلك، نَـوّه كل من لوتي وأندرييولي إلى أن الواجب يُـملي على القائمين على تطبيق القانون أن يتصرّفوا دوما بمهنية.

وفي الختام يتمنى كل من أنييت لوتي وجورجيو أندرييولي أن يتمكَّـنا من خلال التقرير الثالث حول "حوادث العنصرية التي رصدتها المراكز الاستشارية"، المدعوم من قبل منظمة حقوق الإنسان في سويسرا واللجنة الفدرالية لمكافحة العنصرية، من وضع تدابير قادرة على تحقيق التوعية والوقاية، ذلك أنه قد "طفح الكيل".

3-08-2011

المصدر/ موقع سويس أنفو

فيضانات إسبانيا

فيضانات إسبانيا.. وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج معبأة لتقديم المساعدة للمغاربة بالمناطق...

01 نونبر 2024
فيضانات إسبانيا.. وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج معبأة لتقديم المساعدة للمغاربة بالمناطق المتضررة

تتعبأ وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، من خلال خلية الأزمة المركزية، وكذا المصالح القنصلية المغربية بالمناطق الإسبانية المتضررة من الفيضانات، من أجل تقديم المساعدة للمغاربة المقيمين بالمناطق...

Google+ Google+