وفي وقت يقترب فيه موعد إحياء ذكرى الهجمات الإرهابية، هناك أيضا تأمل داخلي للمجتمع الأميركي وبين الكثير من الأوساط الأميركية حول العلاقة مع المسلمين. وقال أوباما أمس: «الإسلام كان دائما جزءا من العائلة الأميركية، والمسلمون الأميركيون ساهموا منذ زمن لقوة بلادنا وهويتها وفي جميع الأحوال. وهذا الأمر صحيح بشكل خاص خلال السنوات العشر الماضية». وتحدث عن إحياء «الذكرى العاشرة لتلك الهجمات الشنيعة التي آلمت قلوبنا، وسيكون ذلك الوقت لإحياء ذكرى الذين خسرناهم والعائلات التي تواصل ذكراهم والأبطال الذين ساروا لنجدة الآخرين ذلك اليوم وكل الذين خدموا ليبقونا آمنين خلال هذا العقد الصعب». وشدد أوباما على أهمية التذكر بأن «مسلمين أميركيين فخورين ووطنيين» كانوا من بين هؤلاء المتضررين، قائلا إن «المسلمين الأميركيين كانوا ركابا أبرياء على متن تلك الطائرات، بما فيهم زوجان شابان كانا يتطلعان لولادة مولودهما الأول، وكانا عاملين في البرجين»، مشيرا إلى برجي مركز التجارة العالمي الذي استهدف يوم 11 سبتمبر 2001. وقال أوباما إنهم كانوا «أميركيين بالمولد وبالاختيار.. كانوا يتطلعون إلى المستقبل» قبل مقتلهم.
ودُعي أمس عائلات الضحايا المسلمين في هجمات 11 سبتمبر لحضور مأدبة إفطار البيت الأبيض، وطلب منهم أوباما الوقوف ليتعرف عليهم باقي الحضور وضجت قاعة الطعام في البيت الأبيض بالتصفيق والتحية. ولفت أوباما أيضا إلى عناصر الشرطة والإطفائية المسلمين، بالإضافة إلى الجنود المسلمين في صفوف الجيش الأميركي. وقال: «المسلمون الأميركيون يبقوننا آمنين، نحن نرى ذلك في الخدمة الشجاعة للجنود، بما فيهم الآلاف من المسلمين الأميركيين». وحضرت الشيبا خان، والدة الجندي الأميركي المسلم كريم خان، الذي كان جنديا في العراق وقتل هناك، الإفطار وحياها أوباما بالاسم، وتم التصفيق لها ولعدد من الجنود المسلمين الذين حضروا مأدبة أول من أمس.
وشدد أوباما على أهمية التمعن في معاني ما بعد هجمات 11 سبتمبر، قائلا «هذا العام، وفي كل عام، علينا أن نسأل أنفسنا: كيف نحيي هؤلاء الوطنيين، الذين ماتوا والذين خدموا». واعتبر أن الطريقة الأفضل من خلال تلاحم الولايات المتحدة واحترام كل الأديان والإثنيات والمعتقدات. وقال: «علينا أن نكون كأميركا التي عاشوا من أجلها وماتوا من أجلها وضحوا من أجلها». وأضاف أن «أميركا لا تتحمل فقط الناس بمعتقداتها المختلفة، بل أميركا تشعر بالثراء بسبب تنوعنا»، مؤكدا: «لا يوجد نحن وهم، بل كلنا نشكل معنى نحن».
وبينما ركز أوباما تصريحاته على الوضع الداخلي الأميركي، لم يغفل عن الإشارة إلى ما يحدث في بلاد المسلمين. واعتبر أن الولايات المتحدة يجب أن تبقى بلدا «يدافع عن كرامة وحقوق الشعوب حول العالم، سواء أكان شابا يطالب بحريته في الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا أو طفلا جائعا في القرن الأفريقي حيث نعمل لإنقاذ الأرواح».
واعتبر أوباما أن عقد مأدبة الإفطار يمثل «تقليدا ثريا في البيت الأبيض للاحتفال بالأيام المقدسة لمعتقدات مختلفة والاحتفال بالتنوع الذي يحدد هويتنا كبلد». وأضاف: «هذه احتفالات أميركية بشكل خاص. أناس من أديان مختلفة تجتمع بتواضع أمام الخالق والتأكيد على تعهدات كل واحد للآخر».
وحرص أوباما، كعادته، على استخدام العبارات المناسبة، قائلا بالعربية «رمضان كريم». وتحدث مطولا عن فوائد الشهر الكريم وأهميته للمسلمين، بينما وزعت التمور على الحاضرين ليفطروا عليها. وحضر الإفطار مسؤولون أميركيون مثل مستشارة الرئيس الأميركي فاليري غاريت وعضوي الكونغرس المسلمين كيث أليسون وآندريه كارسون، بالإضافة إلى دبلوماسيين من دول إسلامية وغير إسلامية. ويذكر أن السفير الإسرائيلي في واشنطن من بين المدعوين منذ سنوات إلى هذه المناسبة، وحضر أيضا ممثلون عن الجالية المسلمة في الولايات المتحدة.
12-08-2011
المصدر/ جريدة الشرق الأوسط