المدارس الثنائية اللغة تدرِّس مناهجها بلغتين مختلفتين وتساعد الأطفال الأجانب على الاندماج وعلى الحفاظ على هويتهم الثقافية وتمكن الأطفال الألمان من الانفتاح واستقاء لغة جديدة وتبلوِر للتلاميذ مستقبلاً واعدا.
للمدارس الثنائية اللغة تاريخ طويل في ألمانيا حيث بدأ تاريخها في بداية عام 1963 بعد اتفاقية بين جمهورية ألمانيا الاتحادية والجمهورية الفرنسية حول التعاون الفرنسي الألماني في هذا المجال. وأصبح في ألمانيا أكثر من مائة وخمسين مدرسة ابتدائية تقدم تعليما من هذا النوع. ولا يقتصر التعليم ثنائي اللغة على الأطفال من أصول مهاجرة فقط بل يوجد أيضاً تلاميذ ألمان يستفيدون من تعلم المنهج المدرسي بلغتين، إحداهما أجنبية والأخرى الألمانية.
اندماج وانفتاح بين الأطفال
ولا تقتصر اللغة الأجنبية على اللغتين الإنكليزية والفرنسية بل تشمل أيضا التركية والروسية. كما بدأ تعلـُّم المنهج المدرسي باللغة العربية بالإضافة إلى الألمانية يلقى اهتماماً في بعض المدارس الخاصة التي أسسها عرب مهاجرون كي لا يفوت أولادهم قطار التعلم بلغتهم الأم.
في مدينة كولونيا غرب ألمانيا مثلاً توجد مدرسة ابتدائية ثنائية اللغة يتعلم الأطفال ويقرؤون كتبهم فيها باللغتين الألمانية والإسبانية، كما تقول مارغيت فايكس مديرة المدرسة: "الفكرة الأساسية هي إتاحة الفرصة للأطفال للتعلم في المدرسة بلغتهم الأم التي نشؤوا وتربوا عليها بالإضافة إلى الألمانية. وهذا مهم خاصة للتلاميذ من أصول مهاجرة. وبهذا لا تكون اللغة عائقا أمام تعلمهم واندماجهم في المجتمع أو عائقاً أمام بلوغهم أهدافهم".
تعزيز للهوية الأصلية
المديرة مارغيت فايكس هي نفسها من أصول إسبانية مهاجرة. وهي تعرف جيدا كم هو من الصعب الاندماج في المجتمع المضيف وفي ذات الوقت الحفاظ على اللغة الأم التي يتكلمها الوالدان في البيت. كما أن تعلـُّم الأطفال من أصول إسبانية مهاجرة أو من أصول لاتينية جنوب أمريكية في مدرستها يوفر عليهم وقت دروس اللغة الإسبانية الخاصة التي كانوا سيتلقونها في فترة ما بعد الظهيرة لو لم يكن المنهاج المدرسي محتوياً على كتب تعليمية باللغة الإسبانية.
مارتينا شميت هي أم لإحدى التلميذات في المدرسة. وهي ممتنة جدا للخدمة التي تقدمها المدرسة لابنتها وتقول: " سجلتُ ابنتي في هذه المدرسة الابتدائية لأنه من المهم لابنتي أن يكون الاستماع إلى لغتها الأم خارج المنزل أمراً عادياً أيضاً كما هو بالنسبة للغة الألمانية. كما أنها تتعلم الكتابة والقراءة والمحادثة بكلتا اللغتين. أبوها من تشيلي، من أمريكا الجنوبية وأعتقد أن تعلم ابنتي للإسبانية مهم لتعزيز ثقتها بنفسها ولكي يتجذر ارتباطها بهويتها وبأصل أبيها".
استثمار جيد لمستقبل الأطفال
التلاميذ في هذه المدرسة ليسوا فقط من أصول مهاجرة، بل هناك من الألمان أيضاً مَن يرغب في أن يتعلم أولادهم في هذا النوع من المدارس، كما يقول الألماني غريغور فروميه، الذي اختار هذه المدرسة لتعليم أولاده ويؤكد أهميتها قائلاً: "هذه المدارس استثمار جيد لمستقبل الأطفال".
في هذه المدرسة ثنائية اللغة يتعلم الأطفال مادة الاجتماعيات مثلاً بكلتا اللغتين ومن قِبَل معلمتين اثنتين، إحداهما تشرح موضوع الدرس باللغة الألمانية والمعلمة الأخرى تشرح نفس الموضوع باللغة الإسبانية، وهكذا في بقية مواد المنهج المدرسي كمادتـَيْ الفن والقراءة وغيرها.
التعلـُّم من بعض والتعلم مع بعض
الأطفال يغنون معاً ويكتسبون انطباعاً إيجابياً عن المدرسة، بل ويتعلم بعضهم من بعض وهذا هو الأهم وما يميز المدرسة، كما تقول المعلمة ساندرا نييتو دي دييغو:"العملية التعليمية ناجحة جداً هنا. الأطفال يتعلمون معاً ويستفيد بعضهم من بعض من أجل استيعاب أفضل. فالأطفال الناطقون بالإسبانية يشرحون ويترجمون للأطفال الناطقين بالألمانية الأشياء التي لم يفهموها، والعكس صحيح. "
إذَنْ فالقاعدة التعليمية المميِّزة للمدرسة هي: "التعلم من بعض والتعلم مع بعض". وبهذه الطريقة توفر المدارس الابتدائية الثنائية اللغة المزيد من المعرفة اللغوية أكثر بكثير مما لو تعلم الطفل في المنزل فقط أو في دورات اللغة وحدها. ولذا، أصبح هذا النوع من المدارس يحظى بشعبية متزايدة في ألمانيا ويلقى اهتماماً متناميا من قبل الدولة.
26-09-2011
المصدر/ موقع دوتش فيله