دويتشه فيله: مراقبة أكثر صرامة لحدود أوروبا الخارجية، ومراكز مكتظة لإيواء اللاجئين، وترحيل اللاجئين إلى دول ثالثة: هل وجدت ألمانيا وأوروبا برأيك الطريق الصحيح للتعامل مع اللاجئين؟
ناديا هيرش: لا يجب أن تتحول أوروبا إلى "قلعة حصينة". لقد أظهرت حالة اللاجئين بعد الربيع العربي حدود ما يسمى بـ "اتفاقية دبلين" المطبقة حالياً. حسب هذه الاتفاقية يجب تقديم طلبات اللجوء في أول بلد تابع للاتحاد الأوربي يطأه قدم اللاجئ. وبهذا يواجه الجنوب عبئاً لا طاقة له بحمله، كما أن التضامن شبه منعدم بين الدول الأعضاء. هذا الوضع من الممكن المساهمة في حله عبر تطبيق نظام للتوزيع يشمل كافة دول الاتحاد الأوروبي وكذلك إعداد قائمة جماعية بالدول الثالثة الآمنة.
وكيف ينبغي على أوروبا أن تتعامل مع اللاجئين العديدين الذين يعيشون في الاتحاد الأوروبي على نحو غير مشروع؟
إن التعميم والنظر إلى كافة الأشخاص الذين لا يحملون أوراق إقامة مشروعة على أنهم مجرمون هو الطريق الخاطئ. في معظم الأحيان يكون هؤلاء الأشخاص تحديداً هم الذين لا يجرؤون على ارتكاب أصغر جرم لأنهم يخافون من الترحيل. في كثير من الأحيان يعمل هؤلاء الأشخاص في ألمانيا في المنازل أو في مجال العناية بالمسنين أو تربية الأطفال، بل إن القطاع الزراعي في جنوب أوروبا لن تقوم له قائمة بدون هؤلاء الأشخاص. بالرغم من ذلك فهم يعيشون بدون حقوق، ولهذا فكثيراً ما يتعرضون إلى الاستغلال. إن المجتمعات الأوروبية تحيا مع هؤلاء الأشخاص، وتحيا بفضلهم أيضاً. يجب أن نتحلى بالصدق أكثر من ذلك، وأن نوفر لهؤلاء الناس طريقاً شرعياً، وحتى يحدث ذلك لا بد من ضمان توفير التعليم والرعاية الصحية لهم.
هل تتحمل أوروبا نفسها جزءاً من المسؤولية تجاه الهجرة من المناطق الأخرى في العالم إليها، مثل الهجرة من إفريقيا، مثلاً بسبب السياسة الاقتصادية غير العادلة؟
بالفعل، هناك إجراءات حمائية تقوم بها أوروبا بهدف ضمان أسعار معينة للبضائع التي لا تستطيع المنافسة في الأسواق العالمية. من ناحية أخرى هناك المضاربات حول السلع الأساسية التي تجعل أسعار تلك السلع تقفز إلى مستويات فلكية بالنسبة لسكان أفريقيا. أما العوائق التجارية فهي موجودة عند كلا الطرفين، ولهذا ينبغي إلغاء مثل تلك العوائق في كافة أنحاء العالم شيئاً فشيئاً، وهو ما سيعني خسارة بالنسبة لأوروبا أيضاً. رغم ذلك ينبغي ألا ننسى أن أوروبا هي أحد أكبر المانحين على النطاق العالمي، وأن أموالاً كثيرة جداً من تلك المنح تضيع للأسف في شبكات الفساد.
في العقود الأخيرة فقدت الدول الفقيرة جزءاً لا يستهان به من خريجي الجامعات بها عبر الهجرة إلى الدول الصناعية. ألا تدمر الهجرة إلى أوروبا فرص التنمية في تلك البلدان أيضاً؟
لا ينبغي أن تتحول الهجرة إلى "هجرة أدمغة" من الدول الفقيرة. غير أن مجال البحث العلمي بالذات قد أصبح منذ فترة طويلة مجالاً متشابكاً على مستوى العالم كله، وهكذا يشيّد المهاجرون الجامعيون في أوروبا جسراً إلى بلدانهم ينقلون عليه العلوم ويتبادلون المعارف. وإذا عاد هؤلاء الأكاديميون إلى أوطانهم فإن الجسر يبقى قائماً. بالإضافة إلى ذلك، علينا ألا ننسى شيئاً مهماً: في عديد من الدول المصدرة للهجرة تسود نسبة بطالة عالية، حتى بين الأكاديميين. ومن الممكن عبر الهجرة المؤقتة تخفيف الضغط على سوق العمل المحلي من ناحية، ومن ناحية أخرى يكتسب الأكاديميون في الخارج معارف إضافية.
وكيف ينبغي أن تبدو في رأيك سياسة الهجرة الأوروبية الصالحة للمستقبل؟
ينبغي على أوروبا من ناحية أن تكون على مستوى مسؤوليتها الدولية وأن توفر إمكانية اللجوء لمن يبحث عن حماية. ولهذا يجب أن يصدر أخيراً قانون موحد للجوء حتى عام 2012! هذا يعني إجراءات فعالة وعادلة، كما يعني تنظيم الاعتراف باللاجئين ووضع معايير مشتركة لاستقبال اللاجئين واندماجهم. من ناحية أخرى فنحن بحاجة إلى هجرة منظمة ومشروعة تضفي الجاذبية على أوروبا في عيون المتخصصين. ومن تلك الإجراءات أيضاً منح الشركاء فرصة لكي يعملوا في دول الاتحاد الأوروبي.
29-11-2011
المصدر/ شبكة دوتش فيله