فالدور الأكبر الذي تمنحه الأفكار الجديدة للحــكومة، والدعم المالي للخطــوات المطروحة، فضلا عمّا يوصف بنوع من "الغموض" الذي يلف التدابير المقترحة، عوامل قد تصبح حجرة عثرة أمام الإصلاح القانوني اللازم.
"سويسرا يمكن لها وينبغي عليها بذل المزيد من الجهد لإدماج الأجانب، حتى إن كنا لا نواجــه مشاكل كبرى في هذا المجال". جاءت العبارة على لسان وزيرة العدل والشرطة سيمونيتا سوماروغا أثناء تقديمها يوم الأربعاء الماضي 23 نوفمبر 2011 في العاصمة برن، لجملة من المقترحات المعروضة للتشاور إلى 23 مارس القادم.
وتــميل الكنفدرالية والكانتونات السويسرية الستة والعشرين إلى اعتماد سياسة العصا والجزرة بُغية تحقيق اندماج أفضل للأجانب من خلال تعديل ستة قوانين.
وشددت الوزيرة الاشتراكية على أهمية معرفـة الأجنبي لإحدى اللغات الوطنية الرسمية الأربع في سويسرا على الأقل - الألمانية أو الفرنسية أو الإيطالية أو الرومانش – للاندماج في المجتمع، كما أثنت على الجهود التي بُذلت حتى الآن من قبل المدارس، وأرباب العمل، فضلا عن الجمعيات الــخاصة. وفي السياق نفسه، وصفت الوزيرة اتفاقا عــُقد مع سلطات الكانتونات لــتعزيز التعاون في مجال الاندماج بأنه "حدث هام".
ومن أبرز المقترحــات تخصيص دروس لغة إلزامية لأفــراد أسر المهاجرين القادمين من خارج بلدان الاتحاد الأوروبي، ووضع معايير محددة لتجديد تصاريح الإقامة المحدودة أو منح رخص الإقامة الدائمة.
وسوف يتعين على الكانتونات السويسرية الستة والعشرين، التي تتمتع تقليديا بحكم ذاتي واسع النطاق، أن تعقد اتفاقيات اندماج رسمية مع الأفراد الوافدين حديثا وأن ترحب بهم رسميا.
وتــرافق رزنامة المقترحات الجديدة زيادة قدرها 40 مليون فرنك في الميزانية المخصصة لدعم جهود الإدماج، لتصل إلى 110 مليون فرنك سنويا بحلول عام 2014.
"القانون الحالي كاف"
وتتراوح ردود فعل الأحزاب السياسية الرئيسية بين الرفض التام والموافقة، ولكن مع بعض التحفظات. حزب الشعب (يمين شعبوي) المعروف بمواقفه شديدة الانتقاد إزاء ملف الهجرة، قال إن مسألة الاندماج "أمر متروك للمهاجر". وحذر بيان للحزب من بيروقراطية الدولة، ومن التكاليف العالية، ومن هجوم ضد النظام الفدرالي الذي يمنح للسلطات المحلية في الكانتونات درجة عالية من الاستقالية في سياسة الاندماج.
وفي سياق مماثل، وصف النائب فيليب مولر، من الحزب الليبرالي الراديكالي (يمين)، المقترحات الجديدة بأنها "غير فعالة وغير مجدية"، مضيفا أن "القانون الحالي كاف".
تحفــظات
أما الحزب الديمقراطي المسيحي (وسط يمين)، فقد رحب بالخطوات المطالبة بتحسين المهارات اللغوية للمهاجرين وغيرها من الجهود لاندماجهم في المجتمع، ولكــنه طرح في نفس الآن تساؤلات عن التمويل الإضافي لتحقيق الأهداف المنشودة.
وقالت ماريان بيندر، رئيسة قسم الاتصالات في الحزب: "على ماذا ستُنفق الأموال بالضبط؟ هل مثل هذه الزيادة الهائلة ضرورية؟ ألن يكون كافيا إنفاق الأموال المتاحة حاليا بشكل مختلف؟".
من جانبها، حذرت منظمة "العمل السويسري" التي تنضوي تحت مظلتها العديد من النقابات، من الآثار الجانبية غير المرغوب فيها لأن مسألة المهارات اللغوية قد تؤدي إلى التمييز ضد فئات معينة من الأجــانب.
وتساءلت المنظمة التي تمثل حوالي 170000 موظف إن لم تكن تلك المهارات اللغوية الإلزامية ستتحول إلى عائق بالنسبة لقطاعات معينة من الصناعة التي تعتمد على موظفين ذوي مؤهلات مهنية عليا.
الحزب الـديمقراطي الاشتراكي (وسط يسار) الذي تنتمي إليه وزيرة العدل والشرطة سيمونيتا سوماروغا، أعرب عن سروره لمعرفة أن الحكومة الفدرالية تدرس زيادة مساهمتها المالية في مجال الاندماج، على الرغم من أن المبلغ أدنى من مما يوصي به الخبراء.
وجاء في بيان أصدره الحزب أن "المقترحات المُقدمة تستند على مبدأ مساعدة المهاجرين والطلب على المهاجرين. وللوهلة الأولى، يبدو أن كلا العنصرين متوازنين".
"افتقار للدقة"
أما رد فعل الرأي العام فـهو محتشم بالأحرى. صحيفتا "تاغز أنتسايغر" و"دير بوند" (تصدران بالألمانية، على التوالي في زيورخ وبرن) كانتا الوحيدتان اللتان تطرقتا للموضوع في اليوم الموالي على الصفحة الأولى التي كانت مرفقة بافتتاحية مُشتركة انتقدت افتقار المقترحات المطروحة للدقة.
وجاء في الافتتاحية: "على وزيرة العدل تقديم التوضيحات اللازمة على مدى الأشهر المقبلة. وإلا فإنها تواجه خطر تحطيم مقترحها إربا إربا من قبل البرلمان".
اليوميتان الرصينتان "نويه تسورخر تسايتنوغ" (تصدر بالألمانية في زيورخ) ويومية "لوتون" (تصدر بالفرنسية في جنيف) ركزتا في تغطيتهما للحدث على دور الدولة وعلى تمويل جهود الاندمــاج.
في حين تجاهلت كل من صحيفتا "البليك" الواسعة الانتشار (تصدر بالألمانية في زيورخ) و"20 مينوت" المجانية، حزمة الاقتراحات المعورضة مكتفية بنشر خمس جمل عن الموضوع في عددهما الصادر يوم الخميس 24 نوفمبر.
1-12-2011
المصدر/ شبكة سويس أنفو