يعتقد تسعة وأربعون بالمائة من الألمان أن الهجرة إلى ألمانيا يجب أن تتوقف بصورة جذرية. وثمانية وثلاثون بالمائة منهم يعتبرون أن الإسلام لا يتوافق مع نمط الحياة الغربية ويشكل تهديداً لقيم المجتمع الألماني. ونحو سبعين بالمائة من الألمان يعتبرون أن بلادهم تدفع الكثير من الأموال للأوربيين. هذه كانت نتائج لاستطلاع للرأي في ألمانيا أُجري في أبريل/ نيسان الماضي.
تحفظات وأحكام مسبقة
الأحكام المسبقة ضد الأجانب في ألمانيا تمتد عميقاً في المجتمع الألماني، ففي جميع استطلاعات الرأي السابقة عبر الكثير من الألمانيين المستطلعة آراؤهم بأنهم ليسوا ضد الأشخاص ذو الأصول الأجنبية، لكن في الوقت نفسه طالب 87 بالمائة منهم الأجانب بالاندماج وتعلم اللغة الألمانية وإيجاد عمل ودفع الضرائب.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة برلين هايو فونكه يرى أن "الألمان لا يعتبرون مثل هذه الآراء قريبة من التطرف اليميني". ويشير فونكه أيضاً إلى أن التقبل العام في المجتمع الألماني لمفاهيم وآراء تسلطية أو يمينية أو يمنية متطرفة، يتراوح ما بين خمسة عشر وثلاثين بالمائة منهم. إذ يعتقد هؤلاء مثلاً بأحقية الألمان في فرص العمل المتاحة في سوق العمل الألمانية قبل الأجانب أو على الأجانب مغادرة ألمانيا إلى بلادهم في أوقات الأزمات المالية.
ويوضح أستاذ العلوم السياسية أن معتنقي هذه الآراء وعلى الرغم من انتمائهم لجميع طبقات المجتمع، هم في الأغلب من ذوي التحصيل الدراسي المتدني أو من اللذين يشعرون بخيبة أمل من النظام الاجتماعي والسياسي الغربي. ولذلك تكثر مثل هذه الحالات والآراء في شرق ألمانيا، إذ لم تتحقق آمال الكثير من الألمان الشرقيين الموعودة بعد الوحدة مع ألمانيا الغربية.
أقلية متطرفة
أما أستاذ العلوم الاجتماعية في مؤسسة بيليفيلد لأبحاث العنف والصراعات أندرياس زيك فيفرق بين المفاهيم ذات التوجهات الشعبوية وذات التوجهات اليمينية المتطرفة الخطيرة، مثل معاداة الأجانب ومظاهر العنصرية والتمييز الجنسي والاجتماعي والعداء للسامية وللمسلمين. وفيما تلقى الأفكار الشعبوية أصداء واسعة عند 25 بالمائة من المجتمع الألماني، لا تتجاوز نسبة أصحاب الأفكار اليمينية المتطرفة خمسة بالمائة.
لكن على الرغم من ذلك لا يعتمد زيك على هذه النتائج ويضيف موضحاً: "فقط عندما تبرهن غالبية المجتمع الألماني أن المعتقدات اليمينية خاطئة، عندها سيبعث الوضع على الطمأنينة في ألمانيا".
الأفكار الشعبوية تلقى رواجاً كبيراً
الأفكار الشعبوية تلقى رواجاً كبيراً في المجتمع الألماني، إذ ذكر استطلاع للرأي لمؤسسة فورسا الألمانية أن 44 بالمائة من ناخبي الحزب المسيحي الديمقراطي ومثلهم من ناخبي الحزب الليبرالي و38 بالمائة من ناخبي حزب اليسار و29 بالمائة من ناخبي الحزب الاشتراكي الديمقراطي و27 من ناخبي حزب الخضر، يعتبرون مثلاً أن الإسلام يهدد القيم الغربية.
وفي العديد من الدول الأوروبية حققت الأحزاب اليمينية المحافظة انتصارات مهمة عبر تبنيها أو تبني زعمائها لهذه الآراء، مثل حزب "الفنلنديون الحقيقيون" الذي يقوده تيمو سويني. فقد حصل على ما نسبته 20 بالمائة تقريباً من الأصوات في الانتخابات الأخيرة. كما حصل جيمي أكيسون، زعيم حزب "ديمقراطيو السويد"، على أكثر من 5 بالمائة من الأصوات، وخيرت فيلدرز وحزبه "الشعب من أجل الحرية والديمقراطية" في هولندا، الذي حصل على أكثر من 15 بالمائة من الأصوات، وأخيراً مارين لوبان زعيمة حزب "الجبهة الديمقراطية" في فرنسا، الذي يتوقع أن يحصل على نحو 24 بالمائة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية الفرنسية القادمة في 2012.
4-01-2012
المصدر/ شبكة دوتش فيله