"في التسعينات تميزت هولندا بأنها البلد الأكثر تسامحا مع الديانات الأخرى" يقول البروفسور فرانك بوفنكرك من جامعة أمستردام.
ويضيف" وفجأة أظهرت استطلاعات الرأي أن نفورا واضحا من الإسلام قد بدأ ينمو. اعتقد الباحثون
" أن هذا (التراجع عن التسامح) والقطيعة مع الماضي (المتسامح) أمر لا يمكن أن يحدث. ولكن كان الأمر كذلك".
هجمات 11 شتنبر 2001 ومقتل المخرج ثيو فان خوخ في عام 2004 غير المناخ المتسامح. كما أثارت السياسة الهولندية الكراهية ضد المسلمين على نحو ابعد، كما يعتقد بوفنكرك. لقد قال نائب رئيس الوزراء السابق خيريت زالم إثر مقتل فان خوخ " نحن الآن في حالة حرب".
ويضيف بوفنكرك " في الولايات المتحدة سارت الأمور بشكل مختلف، أول شيء فعله الرئيس بوش بعد هجمات 11 سبتمبر كان الذهاب إلى المسجد، لأنه كان يعلم انه بحاجة إلى عدم إفساد العلاقة مع المسلمين الأمريكيين. هناك تصرفوا بعناية شديدة، وفي هولندا مشينا وبشكل ملحوظ مع سياسيين مثل بيم فورتوين وخيرت زالم، الذين استخدما النفور من الإسلام بهدف تحقيق مكاسب سياسية".
حوادث
قامت اينكه فان در فالك ببحث حول " الاسلاموفوبيا والتمييز" وهو اسم كتابها الذي يصدر اليوم الخميس. تبين لها أن الحوادث في المساجد في هولندا بين عامي 2005 و2010 كان عددها 117 حادثة مقابل 42 حادثة فقط في الولايات المتحدة في الفترة ذاتها.
تراوحت هذه الحوادث بين الحرق والتخريب والكتابة على الجدران وغيرها، وتقول اينكه فان در فالك
"رسالة تحوي مسحوقا، تهديد عبر الهاتف، تعليق شاة ميتة كتب عليها لا لبناء مسجد. أو وضع رأس خنزير، أو تلطيخ الحائط بدماء شاة أو خنزير، الأمر الذي يعتبره المسلمون استفزازا وإهانة لهم".
وقعت هذه الحوادث في كثير من الأحيان في المدن الصغيرة. إذ أن قبول المهاجرين يحدث بسهولة اكبر في المدن الكبيرة لأنهم يعيشون هناك منذ فترة طويلة، كما تعتقد فان در فالك.
شكوى
لم يتم التبليغ عن كل الحوادث التي حصلت، أحيانا بناءا على نصيحة من الشرطة، وأحيانا لأن المساجد كانت تخشى من تكرار الحوادث إضافة إلى نوع من اللامبالاة حسب عيسى زنزن من منظمات المساجد المغربية في امستردام والمحيط :
"يقولون ان ذلك يحدث مرة واحدة. المجتمع أصبح أكثر قسوة وهناك جو عام سائد، تسمع هذا الأمر كل مرة في وسائل الإعلام، يقع اللوم على المسلمين في كل شيء. هناك أيضا قناعة لدى بعض الناس بان الشرطة لن تفعل شيئا، وتقديم شكوى يستغرق وقتا طويلا. وكذلك هناك عامل آخر وهو إتقان اللغة، الأمر الذي يعتبر عثرة أيضا".
نادرا ما يتم الكشف عن الجناة، في 99 حادثة من أصل 117 بقي الفاعل مجهولا. " هذا أمر يدفع للتساؤل" تقول فان در فالك " حان الوقت لتقوم كل من النيابة العامة والشرطة بمجهود اكبر".
الانترنت
هناك أيضا الاسلاموفوبيا على الانترنت، ويقول رونالد أيسنس من مكتب الشكاوى حول حالات التمييز على الانترنت " في 2011 كان هناك 290 شكوى حول كتابات تدخل في إطار الاسلاموفيا ، وخمس الشكاوى كان حول التمييز العنصري".
التمييز العنصري على الجزء الهولندي من الانترنت يزداد انتشارا، ويقول ايسنس " من الأزقة المظلمة القذرة ينتقل إلى وضح النهار، وفي المنتديات الأكثر شعبية على الانترنت، ويقرأه الجميع ".
القيم
ما الذي يمكن عمله حيال ذلك؟ تقول اينكه فان در فالك:
"يجب العمل بجدية على المشاكل الاجتماعية التي تلعب دورا في جعل الناس يتخذون مواقف عنصرية. من يقع ضحية جريمة قام بها مسلم، يصبح أكثر ميلا للتمييز العنصري".
كما يجب أن نؤكد على انفتاح المجتمع والحفاظ على أهمية التنوع. قامت النرويج بفعل ذلك بشكل جيد بعد الهجوم الذي قام به بريفيك اندرس. وتقول فان در فالك " اعتقد أننا يجب أن نأخذ ذلك كمثال لأن السياسيين هنا لديهم ميل قوي لإشاحة النظر والتمني أن تنتهي موضة الاسلاموفوبيا من تلقاء نفسها. علينا القيام بجهد للمحافظة على القيم التي نعتبرها مهمة من اجل الديمقراطية وسيادة القانون".
13-01-2012
المصدر/ إذاعة هولندا العالمية