شفت الأمم المتحدة أن ثورات البلدان العربية رفعت من أعداد المهاجرين إلى أوروبا. وتجاوز عدد طلبات اللجوء في النصف الأول من العام الماضي 123 ألف طلب. وأخفق الاتحاد الأوروبي في اعتماد مخطط لتوزيع عبء الهجرة بين بلدانه.
مثلت إحدى الانعكاسات المباشرة للانتفاضات الشعبية ببعض البلدان العربية في تزايد أعداد المهاجرين إلى أوروبا. فطبقا لتقرير صادر مؤخرا عن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة تجاوز عدد طالبي اللجوء في البلدان الأوروبية في النصف الأول من العام المنصرم 123 ألف طلب للحصول على حق اللجوء. وتمثل هذه النسبة زيادة ب 13 % مقارنة مع النسبة المسجلة في الفترة نفسها من عام 2010 . وتنحدر غالبية المهاجرين من تونس التي ارتفعت نسبة طالبي اللجوء منها من 233 إلى 3490 طلبا. وأمام تزايد عدد المهاجرين من دول الجنوب إلى أوروبا حثت اليونان وقبرص ومالطا دول الشمال في الاتحاد الأوروبي على استقبال قسط من هؤلاء الوافدين عليها. لكن يبدو أن دول جنوب أوروبا مثل اليونان وقبرص التي تشكل بوابة أوروبا للهجرة فشلت في إقناع الدول الأوروبية الأخرى بتبني قواعد جديدة لتوزيع عبئ الهجرة.
خلافات أوروبية حول سياسة لجوء مشتركة
وخلال اجتماع وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي الأخير في كوبنهاغن ُطرحت مسألة التعاون بين الدول الأوروبية بشأن قضية اللجوء. ويقول وكيل وزارة الداخلية الألمانية أولي شرودر عن مجرى تلك المحادثات التي اتسمت بتشنج المواقف :" كانت هناك نقاشات حول كيفية الوصول الى برامج إعادة توطين اللاجئين داخل أوروبا، غير أن ذلك لم يقابل بأية مساندة. واتفقت غالبية الدول الأعضاء على إجراء تقييم أولي لإعادة التوطين من مالطا".
وأوضح شرودر أن "اليونان تحديدا، وكذلك دولا أعضاء أخرى وجب عليها أن تتحمل مسؤولياتها"، مشيرا إلى أن ألمانيا تسجل هي الأخرى ارتفاعا في عدد المهاجرين إليها. وقال أولي شرودر إن المانيا لم تلجأ في إشارة تضامنية إلى إعادة ترحيل 5000 طالب لجوء قدموا من اليونان، رغم أن قانونا أوروبيا يجيز ذلك. وأعلن المسئول في وزارة الداخلية الألمانية أنه يجب على اليونان ودول أوروبية أخرى إقامة نظام لجوء فعال على غرار ألمانيا. وينص القانون الأوروبي على أن يقدم اللاجئ طلب اللجوء في البلد الأول الذي وصل إليه.
وتمثل سياسة اللجوء المشتركة قضية خلاف مستمرة بين دول الاتحاد الأوروبي. وتفيد مخططات المفوضية الأوروبية بأنه يجب على الدول ال 27 الأعضاء أن تتوصل حتى هذا العام إلى شروط موحدة لاستقبال طالبي اللجوء. ومن بين تلك الشروط أن يقدم اللاجئ بمساعدة مترجم طلب اللجوء، ولا يحق إدخاله السجن. كما يجب وضع حد لممارسات الغش في تقديم طلبات اللجوء. ولإنقاذ ماء الوجه تم الاتفاق في كوبنهاغن الخميس الماضي على تقوية وكالة حماية الحدود الأوروبية فرونتيكس ومكتب اللجوء المشترك اللذين يتم الاستعانة بهما كنظامي إنذار مبكرين لمراقبة أسراب اللاجئين ورصد المشاكل. وهذا ما أكده هنريك أنكيرستييرنه من وزارة العدل الدنماركية بقوله: "نعتزم جمع البيانات بمساعدة نظام الإنذار المبكر لنتحقق من أن أنظمة منح اللجوء تعمل بشكل فعال في أوروبا"
ألمانيا مستعدة لاستقبال طالبي لجوء إضافيين فقط على أساس تطوعي
انتقدت مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون الهجرة سيسيليا مالمشتروم مؤخرا سياسة اللجوء في العديد من البلدان الأوروبية، وقالت إن "أنظمة اللجوء المتبعة غير فعالة، الأمر الذي يؤدي إلى ظروف إيواء غير مقبولة للاجئين". وتنتقد منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان باستمرار الظروف السائدة داخل معسكرات اللاجئين في اليونان. ويعود أحد الأسباب الرئيسية في ارتفاع وتيرة الهجرة إلى أوروبا إلى التغيرات التي فرضتها الثورات المطالبة بالديمقراطية في البلدان العربية، واعترف وزير الداخلية القبرصي بأن ذلك يطرح مشكلة ليس فقط على دول جنوب أوروبا، بل حتى على دول الشمال، وبالتالي وجب اعتماد حلول سياسية. وتشدد ألمانيا في هذا السياق على أنها مستعدة فقط على أساس طوعي لاستقبال لاجئين إضافيين، كما أوضح ذلك وكيل وزارة الداخلية الألمانية أولي شرودر: " لا يمكن لنا البتة تفهم أنه يجب علينا بذل المزيد في هذا الإطار. نحن ننهض بمسئولياتنا . ولقد ألغينا تحديدا فيما يخص اليونان إعادة ترحيل طالبي لجوء. هذا يعني بأننا قمنا في عام 2011 بإيواء نحو 5000 طالب لجوء من اليونان". ويجدر الإشارة إلى أنه طبقا لإحصاءات المفوضية الأوروبية، هناك ست دول من أعضاء الاتحاد هي بلجيكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والسويد واجهت عبء 75 في المائة من مجمل طلبات اللجوء بالاتحاد خلال الشهور الستة الأولى من العام الماضي.
2-02-2012
المصدر/ شبكة دوتش فيله