أنهى ملتقى مجلة العربي الحادي عشر "الثقافة العربية في المهجر" فعالياته التي استمرت في الكويت من 12 ـ 15 مارس/آذار 2012 بالبيان الختامي الذي ألقاه الدكتور سليمان العسكري رئيس تحرير مجلة "العربي" وجاء فيه:
"في عالم الثقافة العربية في المهجر، وهو فضاء متسع المعاني، ومتعدد التجارب، استمعنا خلال الأيام الماضية ـ مثلما شاهدنا كذلك ـ إلى آراء وخبرات نخبة من المبدعين والباحثين الذين أسهموا في إنجاح الحوار حول هذا العنوان، الذي اخترناه إطارا للبحث والنقاش خلال ملتقى مجلة العربي الحادي عشر",
وقال د. العسكري: "لعلكم تتفقون معي أن كثيرا من الآراء التي قيلت تستحق أن يوصى بها، وإذا كنا سنوثق لهذا الملتقى بإصدار كل ما أسهم به الباحثون من دراسات، والمبدعون من شهادات، فإننا نجد من المهم أن نتوقف عند عدد من الخلاصات والتوصيات".
ومن هذه الخلاصات والتوصيات التي خرج بها الملتقى:
ـ دخلت مرحلة المهجر لدى المثقفين العرب مرحلة جديدة، ليست هي الهجرة الأولى التي مر عليها قرن، وليست هي الثانية التي أعقبت الحربين العالميتين، وها هي هجرة ثالثة ـ طوعية أو قسرية ـ فرضتها رياح العولمة، وأمواج الديمقراطية، واتساع مفهوم القرية الكونية التي تجعل الجميع مواطنين ضمن كوكب واحد.
ـ الثقافة العربية في المهجر المعاصر، لها أكثر من من وجه، لعلنا أضأنا بعضا من زواياه، ولكن الحق أن الأمر يستحق مواصلة البحث في الموضوع الذي يتجدد وفق معطيات جديدة.
ـ هذه التيارات الجديدة تلزم الدول العربية الحريصة على رعاية ثقافتها وتنميتها وإشاعتها بأن تقوم بدور حكومي ومؤسسي عام وخاص، بدعم المثقفين العرب في المهاجر، بشكل منهجي، لا يعتمد على المبادرة الفردية وحدها.
ـ إن نجاح تجربة معهد العالم العربي في باريس ربما يفرض على الدول العربية التفكير في مؤسسات مماثلة تغطي الفضاء الجغرافي الكبير الذي وصلت إلى أركانه وزواياه الثقافة العربية.
ـ إن الثقافة العربية ليست فقط محصورة في نشر الإبداع الورقي، بل علينا أن نزيد من زخم الحضور عبر التجلي بفعاليات أدبية وفنية تنهل من ثراء وتنوع المفردات الثقافية العربية.
ـ الترجمة إلى اللغات العالمية هي أكثر الأمور أهمية في تعريف الآخر بثقافتنا العربية، وهو تعريف يعقبه فهم وتواصل ضروري، ما يوجب الاهتمام بدعم المترجمين للنتاج الإبداعي العربي إلى اللغات الأخرى، وهو ما يلزمنا كذلك بدعم المؤسسات التي تقوم بالترجمة.
ـ المشاركة الضرورية التي تجمع المبدعين والأكاديميين والنقاد العرب بنظرائهم الأجانب المهتمين بالثقافة العربية، إجراء مهم، يثرى بالاستمرار، ويتنوع بأن يحظى بدعم من مختلف المؤسسات العربية.
ـ علينا الاتفاق على مشروع كبير، يقدم خلاصة الفكر والإبداع لدى العرب في عدد من المجلدات، يتم توزيعها على مكتبات العالم بأكثر من لغة.
ـ أثبتت تجربة معارض الفنون التشكيلية التي استضافتها مجلة العربي على هامش ندواتها السابقة، وبخاصة معرض "فن عربي وطنه العالم" الذي قدم أحد عشر كوكبا، مدارها سماء التشكيل العالمي خلال هذا الملتقى، أن جمهور الفن التشكيلي متعطش لهذا الجانب، وهو ما جاء في توصية عديد من المشاركين بأن يخصص ملتقى "العربي" للفن التشكيلي، وهو عالم ثري متصل بكل جوانب حياتنا، مثلما هو جانب مهم فيما نقدمه من خلال إصدارات "العربي".
وأشار د. سليمان العسكري إلى إنه "إذا كنا قد أصدرنا ضمن فضاء (العربي) مجلات: العربي الصغير وكتاب العربي، والعربي العلمي، وملحق البيت العربي، فإننا نطمح بأن تكون الثقافة التشكيلية ضمن أولوياتنا وتخطيطنا".
وقال: قد يدفعنا ذلك إلى إصدار تشكيلي ينضم لأسرة اصدارات "العربي" محاولة منا إلى إشاعة الفن، مثلما سعينا لإشاعة الآداب والعلوم.
وكان ملتقى مجلة "العربي" الحادي عشر الذي حمل عنوان "الثقافة العربية في المهجر" الذي أقيم برعاية الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء الكويتي، قد افتتح فعالياته بمعرض الفن التشكيلي "فن عربي وطنه العالم" الذي افتتحه وزير الإعلام الكويتي الشيخ محمد عبدالله المبارك الصباح في قاعة الفنون بضاحية عبدالله السالم، وشارك فيه الفنانون: أحمد الحجري، جعفر إصلاح، حسن موسى، حلمي التوني، ضياء العزاوي، عفيفة العيبي، علي طالب، غاد الكندري، فاطمة الحاج، مروان قصاب باشي، مليكة اكزناري. ثم شاركت فرقة التلفزيون للفنون في حفل الافتتاح بمجموعة من الأغنيات الكويتية.
ثم توالت في الأيام التالية الجلسات البحثية الثمانية، حيث تحدث د. جابر عصفور عن رواية المنفى وقدم نماذج تطبيقية، وتناول د. محسن جاسم الموسوي وقع الغربة في ثنايا "ثقافة" المغترب"، وعرض د. بدر الدين عرودكي دور معهد العالم العربي في نقل الثقافة العربية إلى باريس، كما عرض مارك لينز لتجربة نصف قرن في قسم النشر بالجامعة الاميركية بالقاهرة.
وتحدث الفنانون التشكيليون المشاركون في معرض "فن عربي وطنه العالم" عن تجاربهم، وشاركهم الفنان خورخي استيفا من إسبانيا متحدثا عن فوتوغرافيا عوالم إلى زوال.
كما أدلى عدد من الشعراء العرب في المهاجر بشهاداتهم ومنهم: صلاح ستيتية، وسيف الرحبي، وطارق الطيب.
وتناول د. محمد الشحات المفاهيم والانواع والهويات ما بعد المنفى، وتحدث د. صلاح نيازي عن المراحل الروائية في الغربة. وقدمت د. ازابيلا كاميرا دي فيليتو من إيطاليا نماذج لبعض الكتاب العرب في روما، وتحدث د. واسيني الأعرج عن الأدب العربي في المهجر الفرنسي من ضيق المحلية إلى الترجمة وأفق العالمية، وتناولت د. نادية جمال الدين واقع ترجمة الأدب العربي إلى اللغة الإسبانية.
وعن قضايا ترجمة الأعمال العربية بلغات أجنبية تحدث د. وانغ يو يونغ . فيصل من الصين عن حضور الثقافات العربية في الصين، وعرض د. محمد حقي صوتشين من تركيا لتدريس اللغة العربية في تركيا، بينما تناول د. موسى بيدج من إيران الأدب العربي الحديث بالفارسية شئونه وشجونه.
وفي جلسة حضور الثقافة العربية في المهاجر الشرقية والغربية تحدث د. مسعود ضاهر عن حضور الثقافة العربية في اليابان، بينما تناول كامل يوسف حسين تجربة الراحل الدكتور رؤوف عباس في المهجر الياباني، وختم شتيفان فايدنر من ألمانيا الجلسات البحثية بالحديث عن الكتاب العرب في ألمانيا وانجازاتهم الثقافية.
ويختتم ملتقى الثقافة العربية في المهجر جلساته مساء الخميس 15 مارس/آذار بأمسية شعرية شارك فيها مجموعة من الشعراء العرب هم: شوقي عبدالأمير وطارق الطيب وحسن طلب وشوقي بزيع واحمد الشهاوي وصلاح نيازي.
16-03-2012
المصدر/ موقع ميدل إست أون لاين