حادثة مدينة تولوز الفرنسية التي ذهب ضحيتها عدد من أبناء الجالية اليهودية، أثارت الشكوك والمخاوف من تزايد الضغط على الجالية الإسلامية في البلاد، وسط مخاوف من سيتم توظيف الحادثة في الحملة الانتخابية للتعبئة ضد المسلمين.
ما أن أعلنت مصادر رسمية أن المشتبه الرئيسي في ارتكاب جرائم القتل في تولوز ومونتوبان، جهادي ينتمي إلى تنظيم القاعدة وأنه فرنسي جزائري الأصل، حتى حذر مسؤولو اتحادات المسلمين ومجالسهم في فرنسا من مغبة الخلط بين تلك التصرفات والإسلام. وأعلن محمد موسوي رئيس مجلس مسلمي فرنسا أن "تلك التصرفات متناقضة تماماً مع أسس ديننا"، مؤكداً أن "مسلمي فرنسا مصدومون من تبنيه الانتماء إلى هذا الدين". وحذر عميد مسجد باريس دليل ابو بكر، أحد أكبر المراجع الإسلامية في فرنسا، الأربعاء 21 آذار/ مارس 2012 من "الخلط" بين الإسلام وهجمات تولوز، التي يشتبه في أن رجلاً قال إنه "جهادي" متورط فيها.
ورداً على سؤال قناة اي.تيلي قال دليل ابو بكر "لا تخلطوا بين الإسلام وهو في أغلبه دين سلمي ودين مواطنة ومسؤولية ولا يدعو للعنف، وبين تلك الفئات الصغيرة جداً المصممة على ارتكاب شر شنيع". وأضاف عميد مسجد باريس "سنبذل كل ما في وسعنا كي لا تلطخ تأويلات مغرضة وانحرافات مجموعتنا الإسلامية في فرنسا، والتي أثبتت في أكثر من مرة ولاءها إلى مؤسساتنا ومواطنتنا والى السلام والتسامح".
لكن هذه الحادثة ستلقي بلا شك بظلالها على وضع الجالية المسلمة في فرنسا، رغم أن غالبية المسلمين في أوروبا ينتمون الإسلام المعتدل أو التيار الليبرالي. لكن ما هي تداعياتهذه الحادثة على وضع المسلمين في فرنسا؟ في هذا الصدد يوضح الصحفي المغربي والباحث في شؤون الهجرة السيد يوسف الهلالي المقيم في فرنسا في حديث لـDW أن وقع هذه الحادثة "سيكون له انعكاسات سلبية، خاصة وأن فرنسا تعيش حالياً أجواء الحملة الانتخابية للرئاسة، والجالية الإسلامية والأقليات بصفة عامةتم التطرق إليها بشكل سيء خاصة من قبل اليمين المتطرف". ويضيف والباحث في شؤون الهجرة بالقول: "اعتقد أن قضية الأمن والهجرة والمسلمين في فرنسا ستعود إلى الواجهة وبشكل سلبي".
انعكاسات "سلبية"
بعد الإعلان عن هوية المشتبه به الرئيسي في هذه الحادثة سارعت مرشحة الجبهة الوطنية (أقصى اليمين) مارين لوبانإلى القول: "إن خطر التطرف الإسلامي لم يؤخذ على محمل الجد" في فرنسا وأنه لا بد من "محاربته". وأضافت أن "مجموعات سياسية دينية تتنامى وسط بعض التهاون، وأنه يجب الآن شن حرب على المجموعات السياسية الدينية المتطرفة التي تقتل أبناءنا وفتياننا المسيحيين وشبابنا المسلم وأطفالنا اليهود قبل يومين". وقبل ذلك كانت مرشحة الجبهة الوطنية قد ألتزمت الصمت منذ عملية إطلاق النار لاسيما وأنه قبل التعرف على هوية المشتبه فيه الأساسي كانت إحدى الفرضيات الأكثر احتمالاً تشير إلى جرائم عنصرية معادية للسامية قد يكون ارتكبها أحد أنصار اليمين المتطرف.
"الآن قضية الأمن ومسألة عدم قيام الدولة الفرنسية بواجبها تجاه محاربة هذه الحركات الراديكالية، ستعود مرة ثانية إلى الواجهة"، كما يقول الصحفي المغربي يوسف الهلالي. ومعروف عن الجبهة اليمنية في العملية السياسية عامة أنها تتخذ من ملف الأمن والهجرة والأجانب دائماً ركيزة لحملاتها الانتخابية. وفي هذا الصدد يوضح الصحفي المغربي أنه وفي الجزء الأول من الحملة الانتخابية للرئاسة الفرنسية و"قبل هذا الحادث كان النقاش مركزاً على المواضيع الاقتصادية مثل الديون والبطالة وكل المشاكل اليومية للمواطن الفرنسي العادي. ولا نعرف ما هي آخر التطورات التي ستحدث للحملات الانتخابية لأنها توقفت منذ يوم الاثنين الماضي (يوم وقوع الحادثة)".
ويضيف الهلالي مستطرداً: "لكني أظن اليمين المتطرف الحاضر بقوة في الانتخابات الرئاسية القادمة (22 نيسان/ أبريل و6 أيار/ مايو) سيحاول استغلال قضية الهجرة والمسلمين والأمن وسيطرحها من جديد على الساحة السياسية خاصة وأن هذه الحادثة خلفت خوفاً لبعض المواطنين الفرنسيين لأنها مست أطفالاً وجنوداً".
صورة الرئيس الفرنسي في وسائل الإعلام
كما يضيف الصحفي المغربي أنه هناكعدة مؤشرات على أن "الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمرشح للانتخابات الرئاسية القادمة قد يستفيد هو الآخر من وقوع هذه الحادثة الأليمة في مدينة تولوز. "الحملة الانتخابية توقفت الآن ووسائل الإعلام تتابع وتغطي تحركات الرئيس الفرنسي، إذ أنه انتقل عدة مرات إلى مدينة تولوز الفرنسية التي وقعت فيها هذه الأحداث. إذا فصورة الرئيس في وسائل الإعلام غلبت على صورة منافسه في الانتخابات الرئاسية. وبذلك يمكنه (ساركوزي) الاستفادة من هذا التطور. هذه فرضية مطروحة جداً".
22-03-2012
المصدر/ شبكة دوتش فيله