تلخص عبارة "إنك تمنعني من كل ما أريده" التي وجهتها (صوفيا) لوالدها في أحد مشاهد فيلم (قيلولات غرناطية) جانبا من المشاكل التي تتخبط فيها بعض العائلات على الضفة الجنوبية من المتوسط كما تختصر عبارة"أريد أن تتفرجا 'أنت ومطلقتك أمي' علي وأنا أؤدي هذه الرقصات الإفريقية"٬ برأي الفيلم الوصفة السحرية للخروج من نفق هذه المشاكل.
وإذا كانت العبارة الأولى قد أطلقتها صوفيا بغضب في وجه والدها بعد احتدام الصراع بينهما فإن العبارة الثانية كانت المشهد الأخير والعاطفي من الفيلم الذي تم عرضه بسينما اسبانيول ضمن فعاليات الدورة الثامنة عشرة لمهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان حوض المتوسط.
يرصد فيلم المخرج السينمائي محمود بن محمود (تونس) قصة مهاجر تونسي اسمه وحيد اغترب بالديار الفرنسية وتزوج بامرأة من بلاد موليير ورزقا بفتاة تحمل اسم صوفيا.
وبعدما بلغت المشاكل بين الزوجين أوجها٬ عاد وحيد قافلا الى السنغال٬ وحينما علم أن صوفيا وقعت في غرام شاب سنغالي عاد قافلا هذه المرة الى بلدته بتونس.
ربما كان على يقين أنه سينعم بحياة سعيدة في البلدة بعيدا عن المشاكل التي يمكن أن تثيرها صوفيا إذا ما عاشا بالمدينة٬ لكن هذه الفتاة كانت تخرق وتتجاوز في كل مرة ما يراه أب محافظ كوحيد أمرا محرما كالسفر لوحدها أو العودة الى البيت في وقت متأخر من الليل أو الوقوع في غرام شاب ما.
وبلغ وحيد حد التمزق حينما وقع بدوره في غرام مذيعة تلفزيونية تهتم بقضايا التونسيين في المهجر وحينما رفضت ابنته صوفيا الوافدة الجديدة الى الأسرة وتجرأت حتى على وصفها بالعنصرية٬ وسيتخذ هذا الصراع بين الفتاة والمذيعة أنيسة بعدا خطيرا جدا حينما تشارك صوفيا في برنامج أنيسة وهي المشاركة التي سرعان ما تحولت الى اشتباك على الهواء مباشرة قطع على إثره بث البرنامج٬ ومعه رزق المذيعة.
ويعرض الفيلم لمشكلة الهجرة السرية، أحد أبرز القضايا بالمنطقة المتوسطية٬ من خلال رصده لعلاقة عاطفية بين شاب عسكري من البلدة وصوفيا٬ سرعان ما اقترح عليها الهجرة الى ايطاليا على متن قارب متهالك لكنها ذكرته بأنهما سيكونا طعما سهلا للبحر ووحوشه قبل أن يبلغا الى بر الامان على الشواطئ الايطالية٬ لكنه لم يرهف السمع لتحذيراتها.
وواصل الفيلم رصد تحدي الفتاة المتحررة صوفيا لوالدها وتوجهها الى أحد المدن التونسية لحضور عرض موسيقي تحييه فرقة افريقية ٬ وفي هذه الأثناء علم الاب أن طليقته الفرنسية قدمت الى تونس لاسترجاع ابنتها٬ فكان أن غادر البلدة ولحق بالمدينة حيث ابنته التي أبهرت الجمهور بمشاركتها للفرقة في الرقص٬ وأخبرها بأنه يتعين عليهما مغادرة البلاد ٬ وبعد أخذ ورد قالت صوفيا في المشهد النهائي من "قيلولات غرناطية" لوالدها "أريد أن تتفرجا 'أنت ومطلقتك أمي' علي وأنا أؤدي هذه الرقصات الإفريقية" في درس بليغ لا تخفى دلالاته.
27-03-2012
المصدر/ ميدل إيست أونلاين