يعاني الصوماليون مشكلة الهجرة غير الشرعية، إضافة للمشاكل المستمرة في البلاد التي أفرزتها غياب حكومة صومالية تعتني بأمر المواطنين، مما يضطرهم للفرار خارج البلاد هربا من هول الحروب الأهلية ومشكلات البطالة والفقر.
وتشير تقديرات إلى وفاة المئات من المهاجرين الصوماليين سنويا –منهم 95% من الشباب- في رحلة أقل ما توصف بأنها انتحارية، حيث يركبون فوق شاحنات تقطع مئات الكيلومترات لتصل إلى ليبيا ومنها إلى أوروبا على ظهر قوارب بلاستيكية لا تصمد أمام الأمواج المتلاطمة والرياح البحرية العاتية.
ومثلما يعاني الصوماليون في صحراء ليبيا يموتون كذلك في خليج عدن إثر رحلة محفوفة بالمخاطر تبدأ من بوصاصو الساحلية ويذوقون خلالها صنوفاً من التعديات وممارسات تتنافى مع القيم الإنسانية من اغتصاب للفتيات ونهب لأموالهم التي جمعوها من أعمال شاقة، كمسح الأحذية وأعمال جمع القمامة والعمل أيضاً كخادمات في البيوت.
تجارب
وتحكي فاطمة علي أويس للجزيرة نت قصتها مع تجربة الهجرة غير الشرعية إلى اليمن قبل عامين، وهي تقطن حاليا بأحد مخيمات النازحين بمدينة بوصاصو الساحلية بعد أن تم ترحيلها من السعودية في العام الماضي.
تعود فصول قصة فاطمة من مدينة بوصاصو الساحلية إلى فترة سفرها على ظهر قارب للصيد كان على متنه مائة من المهاجرين بعد أن دفعت ثمانين دولاراً أميركيا، وتؤكد أن عصابات التهريب خلال الرحلة كانوا يضربون المهاجرين بالعصيّ ويتحرشون بالفتيات، واُغتصبت رفيقتها.
وأوضحت أن عصابات التهريب تجني أموالاً هائلة من تهريب المهاجرين خلسة، وإيصالهم إلى "شنبرو" الواقعة على بعد عشرين كيلومترا شرق مدينة بوصاصو الساحلية.
إصرار
ورغم هذه القصص المأساوية التي يرويها المجربون للهجرة غير الشرعية، ينوي آخرون خوض التجربة لاسيما إلى اليمن ودول الخليج كالسيدة خديجة –وهي أم لستة أولاد- التي تمني نفسها بلحظة الهجرة.
وتقول خديجة للجزيرة نت "نحن في بوصاصو منذ ستة أشهر، نزحنا من العاصمة مقديشو من أجل الهجرة إلى اليمن ومنها إلى السعودية، ويعمل زوجي في النهار في الأعمال الشاقة وهو حمّال في الميناء، وأولادي لا يتلقون أي تعليم بسبب ضيق في المصاريف، وكل ما يحصله الزوج يكفينا وجبة جماعية واحدة في النهار".
وتضيف "ننتظر الحصول على بضع مئات من الدولارات من أجل الهجرة إلى السعودية كي نجد هناك وظيفة تدرّ علينا الأموال، وتمكنني من إرسال مبالغ مالية لأمي الطاعنة في السن والمقيمة في مقديشو".
معاناة
ولا تقتصر مشاكل المجاهرين على ما يتعرضون له أثناء رحلتهم المحفوفة بالمخاطر فحسب، بل يعانون من مشكلات أمنية وأخرى اجتماعية تزيد من معاناتهم النفسية وحالاتهم الصحية المتدهورة، نتيجة كثرة السفر والتنقل من مدينة إلى أخرى، حسب ما صرح به للجزيرة نت حسين حسن من المنظمة الدولية للهجرة.
ويقول حسين حسن إن المهاجرين غير الشرعيين يواجهون مشكلات إنسانية تفاقم من أوضاعهم المعيشية، موضحا أن المشاكل الصحية من أكبر المشكلات التي يعانيها المهاجرون إلى جانب مشكلات عدم الحصول على المسكن اللائق ومياه صالحة للشرب.
وأكد حسن، في حديثة للجزيرة نت، وجود مساع إنسانية من قبل المنظمة الدولية للهجرة- مكتب الصومال لمساعدة المهاجرين. وألمح إلى أن منظمته فتحت مركزين لتسجيل المهاجرين في كل من مناطق أرض الصومال وبونت لاند لحصر ومعرفة أعداد الراغبين في الهجرة غير الشرعية.
وأضاف أنه بناء على هذه المعلومات سيتم التعامل مع المهاجرين من حيث "توعيتهم بمخاطر الهجرة غير الشرعية وتداعياتها الخطيرة على أرواح المهاجرين".
أسباب
وفي سياق متصل يعزو الخبير الاجتماعي فارح محمد أحمد هجرة الصوماليين إلى كثرة القلاقل الأمنية والبطالة والخوف من المستقبل السياسي والأمني للصومال.
وأضاف فارح، في حديثه للجزيرة نت، أن الصومالي بطبيعته دائم الترحال، وأن انهيار الحكومة الصومالية ساهم بصورة كبيرة في زيادة عدد المهاجرين الصوماليين إلى الخارج.
وبحسب تقديرات المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإن 6930 لاجئاً أجنبياُ يقيمون حالياً في مناطق بونت لاند الصومالية، معظمهم من دولة إثيوبيا، يليهم مهاجرون من دولة تنزانيا. ويهاجر أغلبهم إلى اليمن عبر سواحل الصومال ومنها إلى السعودية.
3-04-2012
المصدر/ الجزيرة نت