في سنة 2004 أقدمت مجموعة من النساء المسيحيات والمسلمات واليهوديات بمدينة بمبرغ جنوب ألمانيا على تأسيس "المبادرة النسوية لحوار الأديان"، ويقمن بأنشطة ثقافية واجتماعية ودينية شعارها الاحترام المتبادل وكسر جدار الخوف.
في مدينة بمبرغ الجميلة أو "بندقية ألمانيا" كما يطلق عليها بسبب وديانها وجمال طبيعتها الخلابة، تتعايش ثقافات وديانات ولغات مختلفة مع بعضها البعض. زرنا بيت السيدة مريم إلزل، المسيحية الديانة، وهو المكان الذي يحتضن اجتماعات نساء "المبادرة النسوية لحوار الأديان" وذلك بسبب غياب مقر خاص بهن. في الموعد كانت أيضا السيدة أيشولو، المسلمة ذات الأصول التركية. تعتذر في هذا اليوم لممثلة الديانة اليهودية الحضور فأعطتنا موعدا في اليوم التالي. وحسب الموعد ذهبنا في اليوم التالي رفقة النساء الأخريات إلى مكتب أنتي يائل دويسل، التي تعد أول امرأة تشغل منصب حاخام في منطقة بايرن.
فضاء للتعدد الديني
تقول مريم إلزل، إحدى المؤسسات للمبادرة، في جواب عن سؤال حول سياق تأسيس "المبادرة النسوية لحوار الأديان"، " في السابق كنا فقط مجموعة من النساء المسيحيات ننشط في جمعية خاصة بنا. ونظرا لأن مدينة بمبرغ تعج بنساء أخريات بتوجهات دينية مختلفة ارتأينا خلق فضاء للتعدد، لا يقتصر فقط على ديانة معينة". وتضيف إلزل أن "الحضور في الاجتماع الأول كان مكثفا والنساء المسلمات تجاوبن بشكل كبير مع المبادرة". وتفتخر إلزل بكون هذه المبادرة التطوعية، "ربت أجيالا من الشابات أصبحن الآن عضوات فاعلات في المجتمع ويحملن روح الحوار والتسامح الديني سواء داخل أسرهن أو في محيط العمل". وتؤكد الدكتورة أنتي يائل دويسل أن "الحوار بين الأديان تقليد قديم عرفته الإنسانية في كل الأزمنة".
التركيز على البعد الإنساني والاجتماعي
وترى السيدة المسلمة أيشولو أن هذه المبادرة "تشجع على التعارف بين النساء ونسج علاقات صداقة بغض النظر عن التوجه الديني لكل امرأة". وتسترسل أيشولو في الكلام قائلة" نحن لا نريد أن نصف الآخرين بالغرباء كما لا نريد أن نبقى في أعين الآخرين غرباء أيضا". فبفضل هذه المبادرة "نكسر جدار الخوف ونجيب على استفسارات النساء الأخريات بخصوص عقائدنا" تضيف أيشلو التي تنظم الزيارات إلى المسجد وتقوم بشرح الدين الإسلامي للنساء الأخريات.
كما أن مثل هذا التقارب يتجاوز مفعوله مدينة بمبرغ ويخلق صدى جيدا في البلدان الأصلية للنساء، في هذا السياق تقول أيشلو مثلا إنها عندما تذهب إلى تركيا تحكي لأقاربها عن الديانات الأخرى وعن صداقات وحوار بين أطراف مختلفة مما يغير نظرة الأتراك تجاه الاندماج والحرية الدينية في ألمانيا. بدورها تقول الدكتورة أنتي يائل دويسل:" نحن لا نخوض في الأمور السياسية ونركز على البعد الإنساني والاجتماعي بيننا كنساء وكمربيات أجيال، كما أننا نعتبر ألمانيا بلدنا ونركز على محيط عيشنا وعملنا". وتضف أن أهم مكسب للمبادرة النسوية هذه تتجلى في كون الأطفال ينشئون في جو يسوده التسامح والتعدد الديني والاحترام المتبادل "وهي قيم سترافقهم في كل مكان".
لا مكان للتشدد والتصرف والعنصرية
من بين القواعد التي سطرتها ناشطات "المبادرة النسوية لحوار الأديان" الالتزام بقواعد الحوار والإنصات للآخر. وتشدد السيدة إلزل على أهمية الحديث باسم شخصي وليس باسم الديانة "لأننا لا نمثل الديانات كلها، ولأن كل ديانة فيها توجهات مختلفة" على حد تعبيرها. ولا تسعى نساء المبادرة إلى القيام بأنشطة دعوية لمحاولة التأثير على الآخرين لتغيير عقائدهم لأن ذلك يتنافى مع فلسفة المبادرة التي تنبني على التعدد الديني كما توضح السيدة إلزل. وتضيف السيدة إلزل أن كل فرد متشدد في العقيدة غير مرغوب فيه في المبادرة. كما أن النساء الأعضاء يناضلن ضد العنصرية والتطرف اليميني.
أنشطة مختلفة هي سر نجاح المبادرة
وترى ناشطات "المبادرة النسوية لحوار الأديان" أن الرجال يركزون أكثر على ما هو نظري ومجرد، لذا فهن يحاولن القيام بأنشطة عملية وغير معقدة كزيارة أماكن العبادة، وقضاء عطلة نهاية الأسبوع سويا، وتنظيم رحلات مشتركة إلى مدن مختلفة، وعمل دورات للطبخ الجماعي دون إغفال أنشطة موجهة للأطفال كقراءة القصص بشكل جماعي أو مشاهدة الأفلام أو اللعب.
3-04-2012
المصدر/ شبكة دوتش فيله