بدأ الوزير المنتدب المكلف بالمغاربة المقيمين في الخارج، عبد اللطيف معزوز ٬ يوم أمس الثلاثاء٬ زيارة من 5 أيام إلى ايطاليا حيث أن الجالية المغربية بقدر ما تعبر عن انتظاراتها وتطلعاتها تظل متشبثة بجذورها وغيورة على انتمائها لوطنها الأصلي.
وتشهد أوضاع هذه الجالية٬ البالغة 550 ألف نسمة والتي تستفيد من المقتضيات التي كرسها الدستور الجديد لفائدة المغاربة المقيمين بالخارج والالتزامات التي قطعتها الحكومة على عاتقها تجاه هذه الفئة٬ تطورا ملموسا.
وبالرغم من تركز الجالية المغربية بالخصوص في شمال ايطاليا٬ حيث يتيح لها النشاط الاقتصادي فرصا أفضل للعمل٬ فإنها تنتشر في باقي أرجاء البلاد وتسجل حضورها في العديد من القطاعات.
وفي هذا السياق٬ أفاد المعهد الايطالي للإحصائيات أن المهاجرين الذكور من الجالية المغربية يسجلون حضورا بارزا في قطاعات البناء والفلاحة والتجارة ٬ في حين تستحوذ قطاعات الفندقة والمطاعم والصحة والنسيج والنظافة والأشغال المنزلية على اهتمام نساء الجالية.
فضلا عن ذلك٬ تبرز شيئا فشيئا نخبة مغربية في ايطاليا يمكن تلمس حضورها بالخصوص في عالم التعليم العالي والصحة والمقاولات.
وبات عناصر من الجالية المغربية جزءا من المشهد السياسي الايطالي ينشطون في الأحزاب السياسية الايطالية والنقابات التي تعد لسان حال المهاجرين لدى سلطات بلد الاستقبال.
وأثبتت المركزيات النقابية الايطالية ٬ في العديد من المرات وبالرغم من بعض الأطراف اليمينية المتطرفة٬أنها تولي اهتماما كبيرا لقضايا المهاجرين .
وتعد الجالية المغربية في ايطاليا أكثر الجاليات حيوية٬ ف 50 ألف و 767 مقاولة يديرها مغاربة بحسب إحصائيا أصدرها المجلس الوطني للاقتصاد والشغل عن سنة 2010 ٬ وفي 2008 كان 31 ألف و 119 مغربي على رأس مقاولات ايطالية٬ أي ما يعادل سدس المقاولات بالبلاد.
وفي بييمونت لوحدها٬ بلغ عدد المقاولات التي يديرها مواطنون مغاربة٬ خلال الستة أشهر الأولى من2011٬ 8 آلاف و 790 مقاولة وذلك وفق إحصائيات حديثة نشرها اتحاد الغرف المهنية لهذه المنطقة٬ويشغل المقاولون المغاربة المرتبة الثانية بعد نظرائهم من رومانيا.
من جهة أخرى٬ وحسب التقديرات التي أصدرتها المنظمة الدولية للهجرات في دجنبر المنصرم٬ فإن المقاولين المهاجرين المغاربة يساهمون بنسبة 10 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي الإيطالي.
غير أن هذه الدينامية أصبحت تعاني من عراقيل بسبب الظرفية الاقتصادية الصعبة التي طالت الجالية المغربية بإيطاليا كما هو الشأن بالنسبة لدول أوروبية أخرى التي تواجه أحد أكثر الأزمات حدة في السنوات الأخيرة.
وحسب الجمعية الوطنية لما وراء الحدود-إيطاليا٬ وهي جمعية يمثل فيها مهاجرون من مختلف الجنسيات ومقربة من أحد النقابات الرئيسية بإيطاليا (الكنفدرالية الإيطالية لنقابات العمال)٬ فإن 13 بالمائة من أفراد الجالية المغربية المقيمة بإيطاليا عادوا إلى وطنهم الأم منذ بدء الأزمة. وعاد ما بين 3 إلى 4 بالمائة من المعنيين إلى المغرب بصفة نهائية فيما ينتظر الباقون الذين ترك بعضهم عائلاتهم بإيطاليا٬ ما إذا كانت الظروف ستكون ملائمة أو لا عند عودتهم إلى إيطاليا.
وكان عبد اللطيف معزوز دعا خلال مائدة مستديرة حول "الأزمة الاقتصادية ومغاربة العالم" نظمت بالدار البيضاء في فبراير المنصرم٬ إلى تقديم مزيد من الدعم للجالية المغربية المقيمة بالخارج وتعزيز الموارد البشرية والتدابير المتخذة لفائدتهم لمساعدتهم على مواجهة انعكاسات الازمة الاقتصادية التي تجتاح أوروبا حاليا.
وشدد معزوز خلال هذا اللقاء الذي نظمته مجلة (بلاد ماغ) المتخصصة في شؤون الجالية بتعاون مع مركز الدراسات والأبحاث حول الهجرة والمواطنة٬ على ضرورة إيلاء مزيد من العناية والاهتمام للجالية المغربية المقيمة بالخارج والسهر على حفظ كرامتهم وضمان كامل حقوقهم.
وسلط الضوء على الجهود المتواصلة التي تقوم بها المملكة منذ سنوات لوضع استراتيجية وطنية قمينة بتعبئة جميع الكفاءات٬ لا سيما تلك المغتربة٬ لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد.
وجدد الوزير المنتدب، التأكيد على أن الجالية المغربية المغتربة توجد في صلب عمل الحكومة٬ وأن إحدى الأولويات التي تخصها هي تنزيل أحكام الدستور الذي ينص على مشاركة مغاربة العالم في تدبير الشأن العام.
وأكد في لقاء مع الصحاف على هامش مهرجان السينما والهجرة الذي نظم في الفترة ما بين ثامن وحادي عشر فبراير الماضي على أن لجميع المغاربة٬ داخل وخارج البلاد٬ دور حاسم في الزخم الذي تعيشه المملكة حاليا على جميع المستويات.
وتشكل الزيارة التي يعتزم عبد اللطيفمعزوز القيام بها إلى إيطاليا فرصة لمناقشة مختلف هذه الجوانب وغيرها التي لها علاقة بالمعيش اليومي للجالية المغربية. وإلى جانب المؤسسات الإيطالية٬ سيلتقي الوزير جمعيات المغاربة التي سيتاح لها الوقت لطرح مشاكلها وتقديم مظالمها.
ومما لا شك فيه أن هذه الزيارة لعدد من المدن الإيطالية (روما٬ بيرغامي٬ بولونيا٬ ريجيو اميليا٬ وبادو) ستمكنه من تكوين فكرة حول القضايا اليومية لهذه الجالية والتي تهم مجالات متنوعة مثل التعليم والثقافة العربية والإسلامية٬ والأحوال الشخصية والمساعدة القانونية والإجراءات الإدارية.
وتعمل قنصليات المغرب الست بإيطاليا (روما٬ بولونيا وفيرونا وميلانو وتورينو وباليرمو) على الاستجابة للمطالب المتزايدة والمتنوعة وإيجاد حل المشاكل المعقدة التي يتطلب حلها٬ في كثير من الأحيان٬ قدرا كبيرا من التنسيق مع سلطات بلد الاستقبال.
ومن المقرر٬ أيضا٬ عقد جلسة عمل مع القناصل العام للمملكة خلال زيارة السيد معزوز٬ الذي سيقوم بالمناسبة نفسها بافتتاح المهرجان الثقافي المغربي الذي سينظم ببرغامو٬ كما سيعطي ببولونيا انطلاقة البرامج التعليمية والثقافية التي تشرف عليها الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج.
يشار إلى أن الهجرة إلى إيطاليا٬ وهي حديث العهد نسبيا٬ إذ تعود إلى ثمانينات القرن الماضي٬ تطورت عددا ونوعا٬ والأمر نفسه بالنسبة لأبنائهم الذين ازدادا بإيطاليا٬ الذين يحذوهم الأمل٬ بالإضافة غلى الاستماع إلى مشكالهم٬ أن يتم اتخاذ مجموعة من الإجراءات الملموسة تعزز الجسور التي تربطهم ببلدهم الأم٬ وتثمين تشبثهم بقيمه وموروثه الثقافي والحضاري.
2-05-2012
المصدر/ عن وكالة المغرب العربي للأنباء