يقول احد المارة في حديقة العاب أطفال طغت عليها الأعشاب البرية امام بوابة كنيسة بنتليمون في اثينا "انهم اغلقوا الحديقة لان الاجانب، المسلمون, كانوا ياتون الى هنا"، مشيرا الى ناشطي حزب النازيين الجدد اليونانيين.
وأقيمت أسلاك أمام مدخل حديقة الالعاب المهجورة في حين يلهو اطفال بكرة قدم في الباحة التي غطتها كتابات قومية ويلعب مسنون طاولة النرد, اما الاجانب فقد هجروا المكان.
وفي هذا الحي الذي تطغي احيانا الشعارات النازية على جدرانه على غرار مناطق اخرى فقيرة من اثينا يتكدس فيها المهاجرون بدون هوية والذين ينتظرون العبور الى اوروبا, يفرض "مسلحون" تابعون لحزب "خريسي افغي" (الفجر الذهبي) سلطتهم.
وتنتظر ثيميس سكورديلي المرشحة الى الانتخابات التشريعية محاكمتها بتهمة المشاركة في اعتداء بالسلاح الابيض على ثلاثة مهاجرين افغان في سبتمبر 2011. لكن المحاكمة أرجئت للمرة السادسة استجابة لطلب الدفاع.
وعشية انتخابات السادس من ماي التي شهدت دخول الفجر الذهبي الى مجلس النواب 6,9% من الأصوات حيث بات له 21 نائبا, حذر زعيم الحزب من ان "ساعة الخوف دقت".
لكن ومنذ ذلك الحين، ومع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في 17 حزيران/يونيو يبدو عناصر الحزب منضبطين في هذا الحي من اثينا بعد ان كانوا يعيثون فيه فسادا.
وقال المهاجر النيجيري مصطفى (28 سنة) وهو يدفع عربته المحملة بالحديد ليبيعها بسعر بخس ان "الأشخاص الذين كانوا يشتموننا ويصرخون في وجوهنا: عودوا الى بلادكم! لم يظهروا كثيرا خلال الايام الاخيرة، لقد هدات الأجواء قليلا".
واكد يونس محمدي ممثل الجمعية اليونانية للدفاع عن اللاجئين ذلك "منذ شهرين انخفض عدد الاعتداءات، انهم يهاجموننا ديمقراطيا الان, منذ الانتخابات يحاول حزب +خريسي افغي"+ الظهور بشكل افضل".
لكن في باتراس الميناء اليوناني الرئيسي الذي تبحر منه البواخر الى ايطاليا وحيث يحاول العديد من المهاجرين العالقين في اليونان الرحيل, وقعت الثلاثاء مواجهات بين حوالى 300 من عناصر حزب النازيين الجدد, المقنعين والذين كانوا يحملون قضبان حديدية وعبوات متفجرة يدوية الصنع وبين الشرطة خلال تظاهرة ضد المهاجرين.
وقال محمدي "ليس هناك 7% من الفاشيين في اليونان، ان السادس من ماي شهد اقتراعا ضد التقشف لكن بفضل التغطية الإعلامية بدا اليوانيون يدركون ما هي حقيقة ايديولوجيا خريسي افغي الذي لن يحقق نفس النجاح في حزيران/يونيو".
غير ان موضوع الهجرة في بلد تخنقه إجراءات التقشف منذ عامين, بات ينافس الاقتصاد خلال الحملة الانتخابية في نيسان/ابريل.
وقد سجلت اليونان التي تعتبر إحدى بوابات العبور الى الاتحاد الاوروبي، أكثر من 55 الف عملية توقيف مهاجرين خلال 2011 في المناطق المجاورة لتركيا حسب شرطة فرونتكس و12 الفا منذ بداية 2012.
وتتوقع مصادر رسمية يونانية ان يكون عدد المهاجرين غير الشرعيين بلغ بين 784 الفا و970 الفا بينما تفيد اخر ارقام الشرطة ان عدد المهاجرين القانونيين بلغ 470 خلال 2010.
واعتبرت كيتي كيهايوليو مسؤولة الإعلام في المفوضية العليا للاجئين للامم المتحدة ان اقتحام خريسي افغي الساحة الديمقراطية شكل "صدمة في البلاد".
واضافت ان "الظاهرة لم تحدث بين ليلة وضحاها بل ان الازمة الاقتصادية وتواجد المهاجرين غير الشرعيين وعدم التكفل بهم وغياب مراكز الاستقبال كلها عوامل تسببت في احباط كبير وهيأت المناخ" لكراهية الاجانب.
من جانبه قال نيكيتاس كاناكيس رئيس فرع منظمة اطباء العالم اليونانية ان "الخطر محدق والوضع يتفاقم: ان عناصر خريسي افغي أصبحوا يشعرون انهم يزدادون قوة وإنهم يكسبون مزيدا من تاييد السكان".
وفي مستوصف في وسط اثينا اكتظت ممراته بالمهاجرين واليونانيين الباحثين عن أدوية اضاف "انهم يعدون اليونانيين بتحسن على الصعيد الاجتماعي ويريدون فرض اجندة الخوف وكل الاحزاب تقريبا تواكبهم في لعبتهم".
وأشار الى عدد مستمر من عمليات التعدي وعن "الخوف" الذي يتملك هؤلاء الأجانب العزل وموظفيه الذين يتعرضون إلى "التهديد" و"الترهيب" حتى في مقرات المنظمة.
وروى الدكتور اسباسيا ميخلاكيس ان "باكستانيا وصل امس وراسه متورم وعينه منتفخة بعد ان تعرض للضرب الاسبوع الماضي في الشارع، لكنه لم يات لتلقي العلاج لانه كان خائفا".
وعلى غرار العديد من الأجانب اصبح كمال الجزائري الأربعيني لا يتجرا على الخروج ليلا ويقول "ان الخروج خطير جدا"، وروى الرجل النحيل الذي يعاني من السكري انه تعرض إلى الضرب مرتين على يد "رجال يرتدون الأسود" وعلى يد الشرطة.
واعرب ايراني لجا الى مقر المنظمة الطبية عن خوفه قائلا "اذا فاز النازيون مرة اخرى, فاننا سنموت".
25-05-2012
المصدر/ وكالة الأنباء الفرنسية