رحلة لجوء صعبة خاض غمارها آلاف السوريين، هربًا من الحرب الدائرة في بلادهم منذ ما يزيد عن السنتين، بعضهم اختار المغرب وطنًا له، بعيدًا عن نطاق التوتر الإقليمي حول سوريا، وسط مطالب حقوقية للسلطات المغربية بتسهيل منح السوريين أوراق الإقامة، تمهيدا لاندماجهم في المجتمع المغربي.
ويعيش أغلب هؤلاء السوريين في ظل أوضاع مزرية، لدرجة أن بعض الأسر تضطر إلى التكدس في غرفة واحدة، لعدم قدرتها على تأجير شقة صغيرة، بحسب مراسلة الأناضول.
لم تكن إقامة هؤلاء الوافدين بوطن لجوئهم الجديد يسيرة، ورغم سماح السلطات المغربية بإقامتهم على أراضيها بشكل غير قانوني، لكن سرعان ما بدأت تلاحقهم صعوبات إيجاد سكن يأويهم، ولقمة عيش تشبعهم، فبعضهم يزاولون مهنًا هامشية، وآخرون احترفوا التسول في الأماكن القريبة من الأسواق والمساجد.
في حديثه لوكالة الأناضول، قال "جهاد فرعون"، منسق رابطة "السوريين الأحرار في الدول المغاربية": "الحكومة المغربية تساهلت في البداية بشأن دخول السوريين اللاجئين، إلا أنها لم تبادر بإجراءات ملموسة لتحسين الأوضاع الصعبة التي يعيشونها".
وأضاف: "قد يكون من شأن الإجراءت الاستتثنائية التي بدأت السلطات المغربية تنفيذها بداية شهر يناير الماضي، والقاضية بتسوية أوضاع حوالي 850 من طالبي اللجوء والمهاجرين السريين على أراضيها، أن تحسن الظروف المعيشية للسوريين بالمغرب، وإن كانت ستظل غير كافية".
وكشف فرعون عن مبادرة تقدم بها عدد من النشطاء المدنيين للحكومة المغربية، لإنشاء مخيمات تأوي هؤلاء اللاجئين، على أن تقوم بعدها منظمات المجتمع المدني بمدهم بالدعم اللازم.
وفي شهر رمضان الماضي، أطلقت منظمات أهلية وشبابية، حملات لمساعدة اللاجئين السوريين، حيث أطلق شباب مغاربة مبادرة للعام الثاني على التوالي بعنوان "إفطار بطعم الحرية"، دعمًا للاجئين السوريين في المغرب، والتعريف بمعاناتهم، إلا أنها، وبحسب هؤلاء النشطاء، تبقى محاولة محدودة، وتحتاج لدعم حكومي، وأممي أكبر.
وقال فرعون: "أغلب هؤلاء السوريين فروا من الحدود السورية إلى دول الجوار، كالأردن ولبنان وتركيا، ليختار بعضهم القدوم إلى بلدان كالمغرب أو الجزائر بحثًا عن فرص لحياة أفضل".
ولا توجد إحصاءات دقيقة لأعداد السوريين الوافدين إلى المغرب، لكن وفقا للأرقام التي تقدمها السلطات المغربية، فإن حوالي نحو 1000 سوري أتوا إلى المغرب منذ بداية الحرب في سوريا (مارس 2011)، في الوقت الذي تقول فيه منظمات حقوقية إنهم أكثر من 2500 سوري.
وبدأت السلطات المغربية في 2 يناير الماضي، تنفيذ إجراءات تتعلق بتسوية وضع اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين بالبلاد، حيث قرر المغرب تسوية وضعية 850 طالبا للجوء معترف بهم، من قبل المفوضية العليا للاجئين ومنحهم الإقامة في البلاد، إلى جانب "وضع شروط استثنائية" لمنح الإقامة للمهاجرين غير الشرعيين، والذين تتراوح أعدادهم حسب السلطات ما بين 25 و45 ألف مهاجر من جنسيات مختلفة.
وتقول السلطات المغربية إنها ستوفر للسوريين اللاجئين على أراضيها "حماية خاصة ومؤقتة إلى حين إعادة السلم والأمن إلى بلادهم"، في ظل موجة نزوح لمئات السوريين من الجزائر في اتجاه المغرب، وسط تبادل للاتهامات بين الجانبين حول المسؤولية عن "وضعية هؤلاء اللاجئين". من جانبه، اعتبر محمد تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن "موقع المغرب الجغرافي، المطل على العالم العربي من جهة، وعلى أوروبا من جهة أخرى، يجعل البلاد منطقة عبور، وإقامة في وقت واحد، فتشهد المغرب تدفقات كثيفة للمهاجرين، متأثرة بالتحولات السياسية والاجتماعية التي يمر بها محيطها الإقليمي".
وأشار الحسيني في حديثه لوكالة الأناضول إلى أن "أعداد المهاجرين القادمين من بلدان الساحل، والصحراء، شهد في الفترة الماضية تزايدا ملحوظا، بالنظر لحالة عدم الاستقرار الأمني، والسياسي، والاقتصادي، التي تعرفها هذه البلدان، خاصة بعد الحرب في مالي، وتزايد نشاط التنظيمات المقاتلة هناك، في المقابل أدى استمرار الأزمة في سوريا إلى بدء تدفق المئات إلى المغرب عبر الحدود الجزائرية".
وانتقد الحسيني ما اعتبره طرد الجزائر لعدد من السوريين إلى المغرب، ووصفها بـ "المعاملة غير اللائقة لمهاجرين يعانون في الأصل أوضاعا صعبة"، وسبق أن نفت الجزائر ترحيل أي سوريين من أراضيها باتجاه الحدود مع المغرب.
عن موقع هسبريس ووكالة انباء الأناضول