الإثنين، 30 دجنبر 2024 21:19

لمباركي: نناضل من أجل تمكين المهاجرين المسنين من التعويضات الصحية

الأربعاء, 02 يوليوز 2014

لقاء اليوم هو مع محمد لمباركي، أحد وجوه الهجرة المغربية بفرنسا، قضى أكثر من أربعة عقود كمدير لمنظمة» صحة وهجرة» وكانت لفترة طويلة بباريس هي المنظمة غير الحكومية الوحيدة التي تهتم بقضايا المهاجرين الصحية, وما يتعرضون له من أمراض صحية ونفسية. اليوم وبفضل هذا العمل الرائد بدأت السلطات العمومية الفرنسية تهتم بهذا الملف، وتم تشكيل لجنة برلمانية حول الموضوع بالفريق الاشتراكي, والتي عقدت ندوة حول الموضوع.

وفي هذا الإطار خصنا محمد لمباركي بحوار، للحديث عن هذا الموضوع وعن الندوة العلمية التي عقدها خلال يومين بباريس حول هذه الفئة من المهاجرين الشيوخ بحضور وزيرة الصحة الفرنسية ماريزول طورين.

 كما ان محمد لمباركي يتوجه من خلال هذا الحوار إلى السلطات العمومية المغربية من أجل الاهتمام بهذه الفئة الهشة من المهاجرين المغاربة، أي الجيل الأول للهجرة.

ما هي الأهداف التي حددتموها لهذا اللقاء العلمي حول «الحالة الصحية والاجتماعية للمهاجرين المسنين،دراسة مقارنة بفرنسا، وفي البلدان الأصلية؟

شكرا على اهتمامك بهذه الندوة، وأنا سعيد باللقاء بك، هذه الندوة جمعت خلال يومين أكثر من 300 شخص، بحضور متدخلين من كفاءة عالية وباحثين من مختلف التخصصات، وفاعلين في الميدان: اكلينيكيون ،علماء نفس، اطباء، سوسيولوجيون، انتربولوجيون واتنولوجيون...ومسؤولون جمعويون ومؤسساتيون...

الهدف كان هو جمع متخصصين من مختلف المجالات التي لها علاقة بموضوع شيخوخة الهجرة، وكنا اول المنظمات « هجرة وصحة» التي تهتم بقضية شيخوخة الهجرة ( اليوم الجميع يقول انه أول من اهتم بذلك) نحن قمنا بذلك منذ ثلاثين سنة، لكن المهم من ذلك ان يكون لنا من ينقل اقتراحاتنا وسط السياسيين, هناك مجموعة سياسية برلمانية قدمت مشروع قانون يمكن أن يتحول إلى قانون.

هل كنتم وراء هذه المبادرة التي عرفها المجلس الوطني الفرنسي ( البرلمان) حول الشيوخ المهاجرين؟

لم نكن وراء هذه المبادرة، لكننا شاركنا في هذا العمل، وقد وصلت المبادرة الى نتيجة، ولكن ما يهم في هذا المسلسل هو أنه عندما يكون هناك عمل فهناك نتيجة، لكي يحصل كل الذين اشتغلوا على تقاعد، خاصة ان هذه الفئة من السكان هي في حاجة الى معلومات وأخبار في المجال الذي يخصها. هذه الفئة من المسنين المهاجرين لا تعرف جيدا النظام الإداري الذي ترتبط به حقوقها، ولا بد من اخبارهم بحقوقهم، وهذا الإخبار لوحده ليس كافيا ، فأحيانا لا يتكلمون اللغة وليسوا متعودين على ذلك، ولا بد من مرافقتهم إلى المصالح التي سوف تجيب عن أسئلتهم.

هذه الندوة قمنا بها خلال يومين، وهي مدة طويلة، بحيث كان اليوم الاول مخصصا لممثلي المؤسسات وبحضور وزيرة الصحة بفرنسا السيدة ماريزول طورين، والسيد بوني جكار الذي ترأس «اللجنة البرلمانية حول الشيخوخة»، وكذلك عدد من النواب. ومن خلال موائد مستديرة تطرقنا الى القضايا العامة التي تخص الهجرة من خلال ملاحظة ما يتم اليوم بفرنسا وما هي المعطيات المتوفرة.

لقد قمتم بدراسة حول الوضعية الصحية والاجتماعية والمجالية للأشخاص المسنين من المهاجرين، ما هي أهم نتائج هذه الدراسة؟

لقد قمنا بدراسة حول مختلف مناطق فرنسا، وهذه الدراسة كان لها هدف كيفي ومست أشخاص ما بين 55 سنة و90 سنة، المهم في هذا العمل هو انه لم يقتصر فقط على المؤسسات التي تأوي الأشخاص المسنين، بل الذي يقطنون خارج هذه المؤسسات وكذلك 36 في المائة من النساء.

وقد بدأنا من خلال مسار حياة الأشخاص ومكان انطلاقهم، جنسهم، سكناهم وأين يعيشون، وما هي نوعية أنشطتهم. وبعد ذلك حاولنا معرفة وضعيتهم الصحية وكيف يحصلون على العلاجات؟ وهل لهم طبيب معالج, وهل لهم متابعة صحية ام لا؟ وكذلك معرفة هل هؤلاء الاشخاص سوف يبقون لوحدهم ام لا؟

لقد خصصتني بحوار منذ أكثر من 14 سنة حول نفس الموضوع، وقلت لي آنذاك أن وضعية المهاجرين المسنين لا تهم المؤسسات، سواء في بلد الاستقبال او البلد الأصلي, هل الوضعية تغيرت اليوم؟

من حسن الحظ أن الأشياء تتغير، لكن ليس بالسرعة التي نريد. وباعتبارنا مناضلين جمعويين وسياسيين نريد أن تتغير الأشياء بسرعة، واغلب المهاجرين الاقتصاديين كانوا في سن الثلاثين وكانت هذه الفئة قوة عمل وقوة مربحة بالنسبة للبلدان الأصلية وقوة عمل لينة بالنسبة لبلدان الاستقبال. وكانوا أشخاصا يعملون دون أن يعرفون حقوقهم، ولم يكن لهم علم هل سوف يستمرون في الهجرة أم يعودون إلى بلدانهم. وقد كان هؤلاء «الشيبانيون» غير مرئيين. أنا أفضل آن ننعتهم بالأشخاص المسنين. وكانت لهم رغبة في العودة لكن بعد ذلك أصبحوا غير مرئيين بالنسبة لبلدان الاستقبال والبلدان الأصلية ولم يطرحوا أي مشكل. في بلد الاستقبال لم يكونوا يعرفون حقوقهم وذلك امر لم يكن يبالي به احد., أما بالنسبة للبلد الاصلي فما كان يهمهم هو العملة المالية التي كان يتم الحصول عليها وكذلك تأطيرهم حتى لا تتم تعبئتهم من طرف القوى السياسية.اي ان تأطيرهم كان امنيا. كل هذه العوامل لعبت دورها حتى يظلون على هامش التطور الاجتماعي والاقتصادي وخاصة على المستوى الاجتماعي والسياسي. وعندما نقول ذلك، فإن الاستثناء يؤكد القاعدة، كانت هناك جمعيات وأحزاب تناضل من اجل تحسين وضعيتهم من حسن الحظ, وهذه القوى رغم انها كانت أقلية, تمكنت من تطوير أفكار ومطالب جزء منها يتحقق اليوم لوجود وضوح في هذه الأفكار التي أصبحت مطروحة على جميع المستويات.

لقد ذكرت في بداية هذا الحوار، أن الجمعية الوطنية شكلت لجنة حول قضية المهاجرين المسنين، هل ذلك غير اليوم من وضعيتهم وفي رؤية المؤسسات العمومية لهم في بلد الاستقبال؟

كل ما يساهم في تغيير وضعية هؤلاء المهاجرين المسنين هو انتصار وتحول لصالح هذه الفئة، في الندوة تحدثت السيدة طورين عن الاشخاص الذين لهم معاشات محدودة وإمكانية حصولهم على معاش الشيخوخة التكميلي الذي تمنحه الدولة. بفرنسا هناك حقوق، نحن نطالب بالمساواة في هذه الحقوق، لكن ليس هناك ما يكفي من الجمعيات التي تعمل على تغيير هذه الوضعية، الحقوق هي موجودة لكن لا بد من البحث عنها.

في الاوراش التي نظمتموها في هذه الندوة، هناك ورش حول النساء المهاجرات المسنات بفرنسا، كيف جاء هذا الاختيار؟

بعد اغلاق الحدود في السبعينات، كان هناك ظهير للرئيس فاليري جيسكار ديستان حول التجمع العائلي، وهو ما سمح بوصول النساء، وهؤلاء الاشخاص الذين كانوا شبابا قبل 40 سنة اصبحوا شيوخا اليوم، بالنسبة لنا في هذه الدراسة، فإن الشيوخ هم ابتداء من 55 سنة. خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يشتغلون في المناجم وصناعة الحديد ومختلف الأشغال الصعبة والمحفوفة بالمخاطر. أصحاب هذه الأشغال عندما يصلون سن 55 سنة كمن لهم 70 سنة، خاصة عندما نقارنهم بأصحاب مهن اخرى مثل الاساتذة والمهندسين او الموظفين.

الشيخوخة الجسدية يواكبها للأسف عدد من الامراض وحوادث الشغل التي تعرضوا لها اثناء مسارهم المهني، بالإضافة الى هذه الامراض الجسدية والنفسية احيانا هناك مشكل العزلة والمعاناة التي لا يمكن التعبير عنها.

الشيخوخة لدى النساء المهاجرات، هي ظاهرة جديدة؟

كن في منازلهن معزولات،وأحيانا هناك منهن المطلقات واللواتي تركهن ازواجهن مع الاطفال, وهناك أيضا الارامل. واكتشفنا في هذه الدراسة ان النساء يعانين اكثر من الرجال، وهو امر لم نكن نعرفه في السابق.اليوم الهجرة اصبحت تعرف توازنا بين النساء والرجال. وفي السنوات المقبلة ستمس البطالة نفس عدد النساء والرجال، وهو معطى جديد.

ماذا يمكن أن يقوم به البلد الأصلي لمواطنيه الشيوخ بالهجرة، وهل لك اقتراحات في هذا الاتجاه، خاصة انك اشتغلت على الموضوع اكثر من اربعة عقود كمدير لمنظمة «صحة وهجرة»؟ هل يمكننا ان نتحدث عن نقل الخبرة في هذا المجال؟

في تصوري واعتقادي للأمور، لا يمكننا ان نعمل مكان الآخرين، وما يمكننا قوله هو ان هؤلاء الناس يبحثون عن الكرامة، والحق في نهاية حياة كريمة وشريفة وكذلك الاعتراف بما قدموه، ولا بد من اعتراف بهذا الجميل على مستوى بلدهم الأصلي ولا بد ان نسهل لهم الاقامة اذا كانت لهم رغبة في ذلك. وان يقوم البلد الاصلي بتوقيع اتفاقيات مع بلد الاقامة من اجل تمكينهم من الحصول على حقوقهم كاملة، حتى عندما يختارون الاقامة بالبلد الاصلي اثناء التقاعد. وتمكينهم من التعويض عن مصاريف الخدمات الصحية والتطبيب كما لو انهم ببلد الاقامة. حتى لا يكون لهم احساس بما يعيشونه اليوم، حيث يتم نعتهم « بالزوفرية» او «زماكرية» وهي تعابير يسمعونها عندما يكونون بالبلد، و لها حمولة سيئة. هم يستحقون معاملة أحسن، هم من البناة سواء ببلد الاقامة، حيث قاموا بالعمل في مختلف القطاعات وبما يبعثونه من عملة صعبة الى البلد الاصلي والتي مكنت من بنائه. هذا المدخول الذي وفرته الهجرة كان دائما قارا وليس خاضعا للتقلبات كما هو الشأن بالنسبة للسياحة او بعض الصادرات الاخرى. وعندما نرى وضع تونس ومصر اليوم، فإن السياحة تضررت كثيرا. ولا بد من الاعتراف بالحقوق لهؤلاء المهاجرين المسنين هنا وهناك تخصيص قرى لهذه الفئة كما هو الامر بفرنسا وفي بلدان اخرى مثل الصين واليابان، وهي قرى توفر العلاج ايضا مع تجنب اعادة نسج تجارب البلدان التي سبقتنا في هذا المجال.

عن جريدة الاتحاد الإشتراكي

 

Google+ Google+