الخميس، 26 دجنبر 2024 16:28

عزيز بويكادر.. مغربي خبر شؤون العمل النقابيّ بشمال إيطاليا

الخميس, 12 فبراير 2015

يعدّ اسم عزيز بويكادر، المغربي المنحدر من قرَى الأطلس، مألوفا لدَى أبناء وطنه المستقرّين بمدينة تريفيزُو الإيطاليَّة، كما هو محفوظ وسط عموم عمّال المنطقة المنحدرين من أصول أجنبيّة، وذلك بفعل تواجده المستمر ضمن دواليب الاشتغال النقابي الذي يتدخل لحل مشاكل هذه الفئات مع مشغليهم وعموم المصالح الإدارية التي يقصدونها بغرض تذليل الصعوبات التي يواجهونها.

27 عاما مرّت على انطلاق عزيز ضمن مشواره كمهاجر خارج المغرب، وإن كان مستهلّها قد عرف تحرّكه بغرض نيل العون المادّي والوجداني ضدّ قساوة الحياة، فإنّه أفلح في تحويل مجرى الأمور كي يغدو واحدا ممّن يوفرون هذين الصنفين من الدعم للراغبين فيهما.. مفلحا في أن يكون نموذجا نيّرا لكفاءة مغربيّة انطلقت من العدم كي تصبح ذات بصمة خاصّة وسط بيئتها الجديدة.

ابن ولمَاس

ازداد عزيز بويكادر بمنطقة ولماس من إقليم الخميسات، وبذات الحيز الجغرافي الأطلسي حرص على تلقّي التعليم مثل أقرانه، فكانت البداية من مدرسة أبي الفداء التي أمضى بها خمس سنوات ضمن طور التعليم الابتدائي، وبعدها واصل مشواره الإعدادي والثانويّ إلى حين نيل شهادَة الباكلوريا.

شجّع تواجد أقارب لعزيز بإيطاليا ذات الشاب على التفكير في الانتقال للعيش خارج المغرب بحثا عن الذات وتحسينا لمستواه الاجتماعي بمعيّة أسرته الصغيرة، فأفلح في ذلك سنَة 1988.. وهو حاليا مشتغل بنقابة عمالية كبرى في إيطاليا، منتميا إلى هيئتها الاستشارية المكلفة بحقوق المهاجرين في مدينَة ترِفِيزُو، ويكلف بالإشراف على سلاسة إيجاد فرص عمل من لدن المنخرطين المنتمين لصفوف الهجرة، وكذا استخلاصهم للوثائق التي يطلبونها لتسهيل ظروف حياتهم.

رفض لطلبات جواز السفر

يتذكّر بويكادر أن طلباته المتكرّرة لنيل جواز سفر، مستخرج من المصالح المعنية بذلك في عمالة الخميسات، قد قوبلت بالرفض لثلاث مرّات متتاليّة.. وقد كان ذلك أواسط سنوات الثمانينيات من القرن الماضي حين عقد عزيز العزم على الرحيل، وأعدّ عدّته لذلك، ولم يتبقّ له سوى استخراج الوثيقة التي تمكّنه من تجاوز الحدُود في ظلّ عدم عمل السلطات الإيطاليَّة على فرض التأشيرة للقبول بولوج المواطنين المغاربة لترابها.

وعن ذلك يقول عزيز ضمن لقائه بهسبريس وسط مستقره الحالي بأقاصي الشمال الإيطاليّ: "كان الرافضون لطلباتي يررون أنّي طالب ولا حاجة لي بالسفر خارج البلاد، وعند تلقِّي ثالث ردّ سلبيّ يهمّ طلبي لجواز السفر طلبت لقاء عامل إقليم الخميسات.. هذا المسؤول سألني عن سبب رغبتي في الوثيقة، فأخبرته أنِّي راغب في السياحة لرؤية دول أخرَى.. لقد استنكر ردِّي بسؤال يتطرّق لما إذا كنت قد رأيت مناطق المغرب كلّها.. لكنّه وافق على منحي جواز السفر".

تونس وإيطاليا

يقول عزيز بويكادر إن تنقله صوب إيطاليا قد كان بمحض الصدفة بالرغم من كون ابن عمّ له مستقرا بالبلد.. ويردف: "لقد كان قريبي، الذي يعمل بالتجارة ويسكن بإيطاليا، ضمن زيارة صيفيّة للمغرب، فطلبت منه أن يأخذني معه لرؤية الضفة الشمالية من المنطقة المتوسطيّة.. قبل طلبي وتحركت معه صوب تونس قبل استقلال رحلة بحرية صوب إيطاليا، وبفعل إعجابي بالبلد قررت البقاء به طيلة مدّة ما تزال مستمرّة إلى اليوم".

وصول ذات المغربي إلى وجهته صادف تغيير قوانين تسوية وضعية الإقامة بإيطاليا، إذ عملت السلطات على مطالبة كل راغب في استخراج بطاقة الإقامة بأثر مكتوب يثبت تواجدهم بالبلد قبل العام 1988، فما كان من بويكادر إلاّ أن لجأ إلى النقابة التي يعمل معها حتّى الآن لأجل استخلاص شهادَة بتقدّمه لدَى أحد مكاتبها في التاريخ المطلوب.. وبذلك سوّى وضعيته.

وعانَى عزيز في إيجاد فرص عمل تحترم كرامته بفعل استقراره الأولي بجنوب إيطاليا، حيث كان يتدبر مصاريفه بالانخراط ضمن مهن لا تحترم قوانين الشغل، مستفيدا من تضامن محيطه ذي الأصول المغربيّة الذي مكّنه من مساعدات مادية ومعنويَة.. وسنَة 1990 رحل شمالا صوب مدينة ترِيفِيزُو التي يستقر بها منذ 25 سنة.

عمل نقابيّ

في أول عام من عقد التسعينيات من الألفية المنصرمة، أفلح عزيز في إيجاد منصب شغل قار له وسط شركَة لتصنيع المعدّات الميكانيكيَّة المتخصصة في جزّ العشب.. وأفلح تفانيه في العمل، ومساندته لزملائه شخصيا ومهنيا، خاصة أولئك المنحدرون من أصول أجنبيّة، في أن يغدو ممثلا نقابيا لهم.

ويورد بويكادر بهذا الشأن أن الشركة المشغلة له، منذ يناير 1990، قد كانت بها عدد من التمثيليات النقابيَة، وأن إحداها قد اقترحت عليه التقدّم للانتخابات العمّالية من أجل التحول إلى مندوب لهم ضمن ذات بنية الاشتغال.. "رحبت بالفكرة وقررت خوض التحربة بأن ترشّحت وفزت" يويد عزيز.

ذات الاشتغال النقابي لابن الخميسات استمرّ 9 سنوات، وبعدها قرر التنظيم النقابي الذي ينتمي إلى صفوفه أن يستعين به خارج الشركة التي يشتغل بها، وذلك لاستثمار مهاراته في التواصل مع المهنيّين المنتمين لصفوف المهاجرين صوب إيطاليا وضبطه لطرق تسوية المشاكل التي تطالهم مهنيا.. مستثمرا في ذلك انفتاحه اللغوي وضبطه للتشريعات المهنيَّة ومنظومة الحقوق التي ينبغي أن يتوفروا عليها.

ويعمل بويكادر عزيز، طيلة السنوات الـ16 الماضيَة، على التواجد بالوفود النقابيَّة التي تتواصل مع أرباب قطاعي العمل العام والخاص بتريفِيزُو الإيطاليَة من أجل التباحث حول المشاكل التي تواجه العمال وسط مجالات الإنتاج المختلفة، مشاركا بذلك في إيجاد تسويات للخلافات الناجمة بين الطرفين.. ومواصلا مراكمة الثقة التي يعبر عنها تجاهه كل من تواصل معهم ضمن تحركاته النقابيّة الجهويّة.

طموح مستقبلي

يعتبر ذات المغربي الإيطالي أنه راض تماما على أدائه بمسار حياته، وذلك بناء على الراحة النفسية التي يشعر بها.. كما يبدِي سعادته الغامرة تجاه ما بصم عليه خلال العقود الثلاثة المنصرمة في الدفاع عن حقوق المهاجرين الذين ينتمي إلى صفوفهم.. "فلاحي في تقديم المساعدات بطرق إيجابية يجلب إليّ الفرح ويمنحني القوة في الاستمرار ضمن ذات الأداء" يقول عزيز.

"أطمح لأن بتمكّن أبناؤنا من التموقع ضمن مناصب عليا في إيطاليا، إذ أرى أن هجرة المغاربة إلى البلد لا يواكبها تواجد كمّي للكفاءات، وذلك بفعل حداثة الهجرة إلى هنا وتجربتها المتواضعة التي لا توافق ما أنجزه المغاربة بكل من هولندا وبلجيكا وفرنسا" يورد عزيز قبل أن يسترسل: "الجيل الصاعد حاليا بدأ الولوج إلى دراسات عليا ويفرز نماذج جدّ مشرّفة بعدد من القطاعات كالطب والمحاماة والهندسة.. والأكيد أن المستقبل سيحمل تألقات عديدة لمغاربة إيطاليا".

أما بخصوص الشباب المغاربة الحالمين بمعانقة تجارب هجرة مستقبلا فإن بويكادر ينصحهم بخوض التجارب التي يرتؤونها، شريطة المحافظة على ارتباطاتهم بالمغرب كوطن أصليّ، ويزيد: "الهجرة زادت حدّة صعوبتها حاليا، والمعاناة قد ارتفعت في صفوف المقبلين على قصد الدول الأوروبيَّة، وإيطاليا تحديدا، خلال السنوات القليلة الماضيّة، لكنّ الذكاء والكفاءة قادران على جعل الجادّين يحققون أحلامهم المبنية على وضوح الأهداف والمبتعدة عن الاتكال".

عن موقع  هسبريس

Google+ Google+