الجمعة، 27 دجنبر 2024 07:03

حلم الحياة البريطانية الأفضل يزيد فوضى المهاجرين في كاليه بفرنسا

الأربعاء, 08 يوليوز 2015

مثل كثير من المهاجرين الذين ساقتهم رحلتهم إلى ميناء كاليه الفرنسي.. يجزم علي الشاب العراقي البالغ من العمر 22 عاما أن حياته ستكون أفضل إن هو استطاع عبور الثلاثين كيلومترا التي تفصله بحرا عن بريطانيا.

وعلى مشارف حي فقير ينزل به المهاجرون في كاليه قال "أعرف أناسا في لندن يمكن أن يساعدوني على بدء حياة جديدة... لا يمكن أن يكون الوضع أسوأ مما هو في فرنسا."

يقيم 3000 مهاجر من أمثال علي في مخيمات مؤقتة داخل كاليه وحولها أملا في الانتقال للجانب الآخر بعد أن فروا في وجه الحروب والاضطرابات السياسية والفقر في بلدانهم.

وهم يتوقون للنجاح في العبور والعثور على فرص عمل في اقتصاد الظل المزدهر في بريطانيا أو أن يحصلوا على حق اللجوء في نظام ينظر إليه عادة على أنه أكثر تسامحا من النظام الفرنسي.

ومثل هذه المعتقدات تغذيها شبكات المهربين الذين يتحصلون على المال من المهاجرين عند كل مرحلة في رحلتهم التي انطلقت من مناطق حرب في الشرق الأوسط ومن أفريقيا.

لكن القلة التي تنجح في اجتياز الفاصل البحري قد تجد أحلامها تتهاوى على أرض الواقع.

قال حبيب الرحمن مدير المجلس المشترك لرعاية المهاجرين -وهو منظمة بريطانية- "الكل يعتقد أن الطريق إلى لندن والطريق إلى بريطانيا مفروش بالورود. لكن هذا ليس صحيحا."

وأضاف "ما نعرفه من خلال الناس هنا أنهم يتكبدون عناء كبير

كاليه التي تربطها ببريطانيا مسارات نقل بحرية وعبر قطارات الأنفاق تعد منذ قرون عنق زجاجة بالنسبة للمهاجرين. لكن التوتر احتدم في الأسابيع الأخيرة بسبب إضراب العاملين في قطاع العبارات بفرنسا وهو ما عرقل المرور في أنحاء الميناء.

وأثارت لقطات عرضها التلفزيون لمهاجرين يفترشون الطرق أو يتهافتون للقفز على عربات متحركة غضبا على المستويين الشعبي والسياسي إذ عرضت صورة صادمة لتنامي أزمة الهجرة على مستوى أوروبا.

وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن المشاهد "غير مقبولة إطلاقا" وتعهد وزراء من فرنسا وبريطانيا بتكثيف الأمن في الميناء لحماية تدفقات السلع والسائحين عبر القنال.

وأرسلت بريطانيا سياجا يمتد ميلين ويرتفع تسعة أقدام كانت قد استخدمته لتأمين دورة الألعاب الأولمبية في لندن عام 2012 وذلك للمساعدة على إبقاء المهاجرين على مبعدة من مدخل نفق القطارات الذي يربط بين البلدين.

"لماذا انجلترا؟"

يرى كثيرون ممن هم في كاليه إن فرصة الاندماج داخل النظام البريطاني تستحق ما يواجهونه من مخاطر بما في ذلك احتمال الاختناق داخل شاحنات مغلقة أو السقوط من عربات مسرعة أو اندلاع عنف في مخيمات المهاجرين.

وقال أمان وهو شاب إريتري عمره 25 عاما التقت به رويترز في كاليه "انتهى بي المطاف هنا بعدما تركت بلادي حيث كانت حياتي معرضة للخطر. فررت. لا أعرف إلى أين سأتوجه لكنني لن أبقى هنا.

"لماذا انجلترا؟ قيل لي إنها أفضل."

يتقدم الاقتصاد البريطاني على الاقتصاد الفرنسي شاغلا المرتبة الثانية كأكبر اقتصاد بالاتحاد الأوروبي العام الماضي وفقا لصندوق النقد الدولي ومن المتوقع أن تسجل بريطانيا نموا أسرع مرتين من المعدل المتوقع أن تسجله فرنسا هذا العام.

وتشجب جماعات حقوقية أحوال معيشة المهاجرين في كاليه وتصفها بأنها غير إنسانية رغم أن الحكومة الفرنسية فتحت مركز استقبال خارج كاليه مباشرة وزودته بأماكن مخصصة للاستحمام وقضاء الحاجة والغسيل.

لكن ناتاشا بوشار رئيسة بلدية كاليه قالت في وقت سابق هذا العام إن بريطانيا توفر أفضل الأحوال بالنسبة للمهاجرين في أوروبا.

وأرجع كريستيان سالومي رئيس جماعة لوبرج دي ميجرونت الفرنسية التي تمد يد العون للمهاجرين السبب إلى ما هو أكثر من مجرد الحصول على إعانات مالية من الحكومة.

قال "في انجلترا.. حين يتقدمون بطلب لجوء يتم توفير مأوى لهم.. يكونون موجودين ومعترفا بهم. أما في فرنسا فهم يقدمون الطلب ثم يعودون إلى حي بائس."

وأضاف قائلا إن كثيرين لا يسعون للبقاء في فرنسا أو دول أوروبية أخرى مروا بها خلال رحلة الهجرة وإنما يبتغون العيش في بريطانيا لعدة أسباب منها أنهم يتحدثون الإنجليزية أو لديهم أقارب يعيشون هناك بالفعل.

وتنحسر جهود ردع الهجرة غير الشرعية في تكثيف الأمن والحد من "عوامل الجذب" المادية.

وتعهدت بريطانيا وفرنسا يوم الخميس الماضي "بحملات إعلامية مشتركة لتوعية المهاجرين بواقع اللجوء ببريطانيا

خط الفقر

في فرنسا يتلقى الساعون للجوء الرعاية الأساسية وتتوافر لهم سبل العلاج الطبي الطاريء ويتوجه أبناؤهم للمدرسة. ويتلقى طالبو اللجوء الذين لا يوجدون في مراكز الإيواء الحكومية 11.35 يورو (12.61 دولار) يوميا بينما يحصل من هم بمراكز الإيواء على ما بين 91 إلى 718 يورو شهريا.

أما في بريطانيا فليس مكفولا لطالبي اللجوء العمل أو الحصول على إعانات من نظام الرعاية الاجتماعية لكن بإمكانهم الاستفادة من الخدمات الأساسية العامة كنظام الرعاية الصحية.

ويحق لطالب اللجوء أن يتقاضى إعانة خاصة قدرها 36.95 جنيه استرليني (57.66 دولار) في الأسبوع كما توفر الدولة سكنا لمن يصل منهم دون مال أو من ليس لديه مكان للإقامة.

وقالت الدكتورة ليزا دويل رئيسة الدعم بمجلس اللاجئين في لندن "بما أنه ليس مسموحا لهم العمل فإنهم مضطرون للعيش في فقر ولا خيار أمامهم سوى الاعتماد على الحكومة لتوفير مكان آمن للمبيت."

وتظهر الأرقام البريطانية أن أكثر من 9000 شخص حصلوا على حق اللجوء خلال عام حتى مارس آذار 2015 بينما تلقت السلطات أكثر من 25 ألف طلب. وإن هم حصلوا على وضع اللاجئين فسيتمتعون بنفس المزايا التي يتمتع بها المواطن البريطاني.

أما من يفضل العمل بصورة غير مشروعة على المطالبة بحق اللجوء فليس له أن يتقاضى شيئا من مبالغ الرعاية الاجتماعية ومن شأن قوانين الهجرة المنتظر إقرارها العام القادم أن تصادر أي أجور يتقاضاها إن تم ضبطه.

وقالت متحدثة باسم كاميرون "منذ عام 2010 ونحن نزيد من صعوبة دخول البلاد بصورة غير مشروعة والعمل والبقاء داخل المملكة المتحدة."

وأضافت أن التهمة الجديدة المتمثلة في "ممارسة عمل دون تصريح" توضح جليا للمهاجرين الذين ليس لهم حق المكوث في بريطانيا أن العمل بلا تصريح جريمة يعاقب عليها القانون.

كن بالنسبة لعلي الذي التقته رويترز خارج مركز جوليه فيري للاجئين في كاليه والذي سجل أسماء تفوق طاقته لم يفلح أي تحرك من جانب الحكومة البريطانية في إثنائه أو أصدقائه الذين نصحوه بالعبور.

قال علي الذي كان عاطلا ببلده العراق ولا يحمل أي مؤهلات مهنية "نتحادث تليفونيا. لا يعاملونهم كما يعاملونا هنا في فرنسا

مثل الحيوانات. أريد فقط أن أكون إنسانا.

عن وكالة رويترز للانباء

Google+ Google+