الجمعة، 08 نونبر 2024 16:27

واشنطن- شظايا الأزمة الاقتصادية تصيب المهاجرين المغاربة في أمريكا

الإثنين, 11 يونيو 2012

أصابت شظايا الأزمة المالية الخانقة، التي تعاني منها الولايات المتحدة، المهاجرين المغاربة الذين فقد البعض منهم وظائفه، فيما عمد البعض الآخر إلى اتباع «حمية» اقتصادية قاسية استعدادا لشهور طويلة قادمة من التقشف، وخصوصا الطلبة الذين تضرروا أكثر من غيرهم. فالكثير من الطلبة المغاربة، الذين كانوا يتابعون دراستهم بعدد من الجامعات الأمريكية في منطقة واشنطن الكبرى، ويعملون في أوقات فراغهم لدفع تكاليف الجامعة ومساعدة أهلهم في المغرب، باتوا يشعرون أكثر فأكثر بثقل الأزمة المالية التي تشهدها الولايات المتحدة،

كشفت وزارة العمل الأمريكية أن عدد الوظائف، التي تم خلقها خلال شهر ماي الماضي، لم يتجاوز تسعة وستين ألف وظيفة، مما شكل صدمة في واشنطن التي كان يتوقع سياسيوها وخبراؤها الاقتصاديون أن يتم خلق مائة وخمسين ألف وظيفة على الأقل. وتسبب هذا الخبر السيء في نزول مؤشر بورصة وول ستريت واندلاع حرب إعلامية ما بين الجمهوريين الساعين إلى دخول البيت الأبيض، والديمقراطيين الراغبين في الفوز بولاية رئاسية ثانية لباراك أوباما.

بينما انشغل الرئيس الأمريكي وأعضاء إدارته بتبرير الأرقام الاقتصادية السيئة ووضع الخطط تلو الأخرى من أجل إنعاش الاقتصاد الأمريكي المتدهور، فإن الملايين من المهاجرين الذين قدموا إلى هذه البلاد من أجل تحقيق حلمهم في الثراء، بدؤوا يدفعون ثمن جشع المدراء التنفيذيين للشركات العابرة للقارات، الذين تسببوا في انهيار سوق العقار وأسواق المال داخل الولايات المتحدة، قبل أن تنتقل شرارة هذه الأزمة الكارثية إلى باقي دول العالم.

مظاهر الأزمة

«عْرفتْ بأن الأزمة خايبة بزاف مللي جراو عليا من الخدمة أنا وتقريبا 900 واحد في ظرف سيمانة وما لقيتش خدمة أخرى واخا ما خليت فين دفعت السي في ديالي». كان هذا تصريح أ. صبري، وهو مهاجر مغربي من مدينة المحمدية، كان يعمل مهندسا في شركة لتطوير البرمجيات بمدينة «غيذيرسبورغ» بولاية ماريلاند قبل أن يفقد وظيفته الشهر الماضي بسبب إفلاس فرع الشركة في ماريلاند. كان صبري يدخن سيجارة شقراء بنهم كبير ويرتشف من حين لآخر قهوة «إكسبريسو» في محل «ستارباكس»، بينما ينقر بأصابعه المعرقة على لوحة مفاتيح كمبيوتر محمول صغير الحجم كان موضوعا على الطاولة. يعتبر صبري بأنه ضحية مباشرة للأزمة المالية التي ضربت الولايات المتحدة منذ أشهر، ويقول بأنه كان يعمل لساعات طويلة وباجتهاد منقطع النظير، لكن كل ذلك لم يشفع له عندما قرر المسؤولون في الشركة حيث كان يعمل، التخلي عن المئات من الموظفين وإقفال فرعها في ولاية ماريلاند.

وصبري ليس المهاجر المغربي الوحيد الذي فقد وظيفته بسبب تداعيات الأزمة المالية، التي تسببت في تسريح مئات الآلاف من الموظفين وارتفاع معدل البطالة إلى أكثر من 8 بالمائة على المستوى الوطني داخل أمريكا ووصولها لأكثر من ذلك في ولايات مثل ميتشيغن وساوث كارولينا، فسعيد الذي كان يعمل حتى وقت قريب مديرا لفرع شركة مالية متخصصة في منح قروض شراء السيارات، يقول إنه لم يتخيل في يوم من الأيام أن يفقد عمله الذي كان يدر عليه دخلا سنويا يقدر بأكثر من 180 ألف دولار. ويؤكد سعيد الذي يتحدر من مدينة مكناس أن شركته أفلست بالكامل ولم يستطع بالتالي الحصول على مكافأة نهاية الخدمة ولا تحصيل مدخراته المالية التي عمل على جمعها طوال تسع سنوات، ويقول بنفاد صبر واضح «شنو غادي ندير دابا، كلشي مشا وما كاين خدمة فهاد البلاد واش نرجع للمغريب بوجهي حمر؟».

يشدد سعيد على أنه يرى مظاهر الأزمة المالية في كل مكان: «السوبرماركت والمولات والريسطورات... كلشي خاوي ماكاين حد كيشري، الديور رخيصة ولكن حتى حد ما كيشري والثمن ديال الطوموبيلات نزل حتى للأرض وحتى حد ما كيشري... الناس مقصحة بزاف وما عارفاش شنو تدير باش تدوز هاد الأزمة». ويضيف سعيد أنه سيعمل على اتباع حمية اقتصادية قاسية خلال الأشهر القادمة، استعدادا لفترة غير مسبوقة من الركود الاقتصادي تحذر منها وسائل الإعلام الأمريكية ومختلف المحللين الاقتصاديين.

طلبة في قلب الأزمة

الكثير من الطلبة المغاربة، الذين كانوا يتابعون دراستهم بعدد من الجامعات الأمريكية في منطقة واشنطن الكبرى، ويعملون في أوقات فراغهم لدفع تكاليف الجامعة ومساعدة أهلهم في المغرب، باتوا يشعرون أكثر فأكثر بثقل الأزمة المالية التي تشهدها الولايات المتحدة، فندرة فرص العمل دفعت البعض من هؤلاء الطلبة إلى التوقف عن الدراسة بسبب عجزهم عن دفع تكاليفها الباهظة، بالإضافة إلى وقف إرسال الأموال إلى أسرهم في المغرب والاكتفاء بادخار المبالغ الهزيلة التي باتوا يحصلونها من أعمال مؤقتة داخل المطاعم المنتشرة بحي جورج تاون أو في مطاعم شمال فرجينيا الكثيرة.

خالد. ش، طالب مغربي من مدينة القنيطرة، قال إنه كان يتابع دراسته بجامعة «جورج ميسون» في تخصص هندسة الكمبيوتر بفضل القروض المخصصة للطلاب، والتي تتميز بنسبة فوائد منخفضة كثيرا، والتي لا يتعين على الطلبة إرجاعها إلا بعد التخرج بسنة كاملة، إلا أنه أعلن بحسرة كبيرة أن شركات قروض الطلبة أو ما يعرف هنا بـStudents Loans انهارت تماما وتبخرت معاملاتها بسبب أزمة «القروض المسمومة»، التي دمرت سوق العقار داخل الولايات المتحدة.

يقول خالد: «كنت عايش بداك الكريدي ديال الطلبة وكنخدم ونعاون دارنا في المغريب أما دابا راه ما بقات حتى شركة تسلف الطلبة ديال الجامعة ولقيت راسي خاصني نجمد القراية ديالي ونخرج نخدم باش نصرف على راسي، أما حتى دارنا مساكن في المغرب فربي يشوف من حالهم وصافي»!

إلا أن بشير. م، وهو طالب مغربي من مدينة سلا، يؤكد أن بعض الطلبة المغاربة، الذين يتحدرون من أسر ميسورة، لا يشعرون بالأزمة المالية الخانقة التي يواجهها زملاؤهم الآخرون، وذلك بفضل المبالغ المالية الضخمة التي تحول لهم من المغرب لدفع تكاليف الدراسة والمعيشة داخل الولايات المتحدة.

يقول بشير: «ماشي كاع الدراري المغاربة اللي كيقراو مقصحين، كاين ولاد هادوك اللي لاباس عليهوم ما حاسينش بالعالم كاع، عايشين مفيكين مزيان والفلوس كتجيهوم من المغريب بحال الروز»!

يؤكد بشير أنه يقوم بإنجاز الواجبات المدرسية لبعض الطلبة المغاربة الأغنياء «الكسالى» مقابل مبالغ مالية مهمة، كما أنه يعمل نادلا بمطعم لبناني في واشنطن نهارا و«ديد جي» (موسيقي) ليلا في الحفلات الصاخبة التي ينظمها طلبة عرب في منطقة واشنطن الكبرى من حين لآخر.

تردّد بشير كثيرا قبل أن يصرح لـ«المساء» بأنه بات يخجل من الاتصال بعائلته في المغرب، لأنه يعلم بأن مثل ذلك الاتصال سيجر عليه طلبا من أحد أفراد عائلته الكبيرة، وهو لا يريد حاليا صرف المال الذي يحصله من أعماله المختلفة خوفا من تفاقم الأوضاع الاقتصادية داخل الولايات المتحدة، أو كما قال هو «خايف الوقت تخياب أكثر ما هي خايبة دابا وما نلقى خدمة، هادشي علاش كنجمع الدولار على الدولار ونخبعو في الأبارتما ديالي، لأنني ما بقيتش كنتيق في البنكات ديال الميريكان... الله يحد الباس ويخرج هاد الأزمة على خير وصافي، لأنني ما عندي حتى خيار آخر من غير العيشة هنا مهما تكرفصت ومهما تعذبت واخا نضطر نصوم بالجوع هنا باش ما نرجعش للمغريب يحكرني مخزني ويضربني بزرواطتو حدا البرلمان، لأنني غير واحد من ولاد الشعب المساكن اللي ما عندهوم حد»!

11-06-2012

المصدر/ جريدة المساء

فيضانات إسبانيا

فيضانات إسبانيا.. وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج معبأة لتقديم المساعدة للمغاربة بالمناطق...

01 نونبر 2024
فيضانات إسبانيا.. وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج معبأة لتقديم المساعدة للمغاربة بالمناطق المتضررة

تتعبأ وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، من خلال خلية الأزمة المركزية، وكذا المصالح القنصلية المغربية بالمناطق الإسبانية المتضررة من الفيضانات، من أجل تقديم المساعدة للمغاربة المقيمين بالمناطق...

Google+ Google+