اتفق خبراء وباحثون مغاربة واسبان٬ خلال ندوة "المغرب- إسبانيا: الهجرة.. وجهات نظر متقاطعة"٬ التي نظمت اليوم الخميس بالرباط٬ على أن تقنين تدفقات الهجرة العابرة لضفتي المتوسط يتطلب٬ الإسراع ببلورة سياسات "أكثر توازنا تتجاوز الصور النمطية والجهل المتبادل" التي تشكل حجر عثرة أمام التعاون المشترك.
وسجل المتدخلون خلال الجلسة التي تناولت موضوع "تقنين تدفقات الهجرة: أي مقاربة" ضمن الندوة التي نظمتها وكالة المغرب العربي للأنباء والوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية٬ أن العلاقات الثنائية يطغى عليها "نوع من الضبابية" عندما يتعلق الأمر بموضوع الهجرة٬ وذلك بالرغم مما يكتسيه من أهمية اقتصادية واستراتيجية بالنسبة للبلدين.
وفي هذا السياق٬ اعتبرت الباحثة الاسبانية كارمين غونزاليز انركيز عن المعهد الملكي الاسباني الكانو أن تنظيم تدفقات الهجرة يفرض نفسه في سياق الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعصف بإسبانيا والتي أسفرت عن نوع من "التمييز" إزاء المغاربة٬ مبرزة أن "هناك بالفعل تمييزا يتعرض له المغاربة في مجال التقنين المرتبط بالهجرة٬ إذ يحتاج الحصول على رخصة الإقامة في بعض الأحيان لعشر سنوات٬ عكس ما هو عليه الأمر بالنسبة لمواطني أمريكا اللاتينية ودول الاتحاد الأوروبي".
وبعدما رصدت الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للمهاجر المغربي٬ أكدت السيدة كارمين غونزاليز٬ أن هذا المهاجر٬ حتى وإن كان في وضعية عطالة٬ سيواجه صعوبات وعراقيل قانونية إن رغب في العودة إلى المغرب.
وأوضحت في هذا الإطار أن الجالية المغربية "يحق لها أن تستفيد على نطاق واسع من وضع قانوني" أفضل كما هو عليه الحال بالنسبة لجاليات أخرى٬ مقترحة تعديل القوانين المنظمة للهجرة ليتسنى للمهاجر قضاء وقت أطول في بلده حتى يتم تجاوز الأزمة دون أن يفقد حقه في العودة إلى إسبانيا.
وفي معرض حديثها عن المقاربات المتبعة في مجال الهجرة٬ أكدت غونزاليز أن المقاربة الأمنية سادت منذ سنة 2003 بعد إحداث نظام لمراقبة الحدود للوقاية من تدفقات الهجرة غير الشرعية٬ معتبرة أنه من أجل ضمان تدخل فعال في هذا المجال٬ فإنه من الضروري مراجعة هذه القوانين "بالرغم من أن ذلك قد يغذي المخاوف بشأن بروز قوي للهجرة السرية".
وفي نظر هذه الأستاذة الجامعية٬ فإن مدريد٬ بنهجها سياسة مختلفة في هذا المجال٬ ستستفيد من مهاجرين مؤهلين٬ ولاسيما من الطلبة وذلك من خلال تمكينهم من منح دراسية ومناصب عمل٬ معبرة عن قناعتها بأن "مثل هذا السيناريو يبدو خياليا في هذه الظرفية حيث يبحث خمسة ملايين شخص عن فرصة عمل".
في نفس السياق٬ ذهب الباحث سعيد بورحيم وهو عضو مؤسس لجمعية الجامعيين المغاربة بإسبانيا٬ إلى أن السياسيات التي تم نهجها إلى غاية الآن للحد من تدفقات المهاجرين باءت بالفشل٬ موضحا أن الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعصف بإسبانيا هي التي حدت من هذه التدفقات إلى درجة جعلت المغاربة ينخرطون في موجة عودة إلى بلدهم الأصلي.
وقال "قبل 20 سنة تقريبا٬ كانت الجارة الشمالية تجهل كل شيء تقريبا عن المغرب٬ غير أن هذه الوضعية تغيرت بفضل الدور الهام الذي قام به الطلبة المغاربة الذين يقارب عددهم حاليا ثلاثة آلاف طالب".
وأكد على أن هؤلاء أصبحت لهم كلمتهم في خضم دينامية الانفتاح المتبادل والتبادل التقافي الجاري حاليا"٬ مضيفا أن من شأن هذا الحضور أن يساهم في تغيير هذه النظرة السلبية عن المغاربة من قبيل ربط الهجرة بالإرهاب والجريمة.
وفي هذا الصدد٬ شدد المتدخل على أنه من الأهمية بمكان بالنسبة للبلدين التوصل٬ في أقرب وقت ممكن٬ إلى اتفاق في مجال التعليم العالي٬ من أجل إيجاد حل لقرار السلطات الإسبانية رفع رسوم تسجيل الطلبة المغاربة.
يذكر أن المشاركين في هذه الندوة انكبوا على دراسة موضوع الهجرة من خلال أربع جلسات بحثت الأولى في "قضية الهجرة من وجهة نظر ضفتي المتوسط"٬ فيما تطرقت الثانية ل"تدفقات الهجرة في سياق الأزمة الاقتصادية"٬ بينما تمحورت الجلستان الثالثة والرابعة حول "تقنين تدفقات الهجرة: أي مقاربة"٬ و"الهجرة في وسائل الإعلام".
15-06-2012
المصدر/ وكالة المغرب العربي للأنباء