في الوقت الذي اتبعت فيه هولندا سياسات متشددة في مجال الهجرة واللجوء منذ عدة سنوات، وفي الوقت الذي يتعرض فيه آلاف من طالبي اللجوء فيها إلى خطر الإبعاد القسري، مما جلب انتقادات من قبل منظمات اللاجئين داخل البلاد وخارجها، جاءت الإحصائيات الأوروبية الأخيرة لتعطي صورة إيجابية عن سياسة اللجوء الهولندية.
ضعف المعدل الاوربي
تقبل هولندا عدداً أكبر نسبياً من طلبات اللجوء قياساً بالبلدان الأوروبية الأخرى. وأظهرت آخر الإحصائيات الصادرة عن قاعدة البيانات الأوروبية (يوروسات) أن عدد اللاجئين المقبولين في هولندا يقارب ضعف المعدل الأوروبي.
ووافقت هولندا على 45 بالمائة من مجموع 18,550 طلباً للجوء تم النظر فيها خلال السنة الماضية. وهي نسبة لم تتجاوزها إلا فنلندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا. ويبلغ معدل قبول طلبات اللجوء في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي 23 بالمائة.
وقال متحدث باسم مصلحة الهجرة والتجنيس الهولندية، المسئولة عن قضايا اللجوء والإقامة، في تصريح لوكالة الأنباء الهولندية، إن هولندا أكثر جاذبية لطالبي اللجوء، لأن "كل طلب يتم النظر فيه بعناية."
في أغلب الحالات يتم منح اللجوء بصفة مؤقتة مرتبطة بمدى خطورة الوضع العام في البلد الأصلي لطالب اللجوء. حالة واحدة فقط من كل عشر حالات من اللجوء المؤقت تتحول إلى لجوء دائم في هولندا. وهو ما يعني أن نسبة اللاجئين الذين يـُسمح لهم بالفعل بالإقامة الدائمة في هولندا، وفقاً لمعاهدة جنيف للاجئين، تظل أقل بكثير من النسبة التي اعتمدتها قاعدة البيانات الأوروبية (يوروسات).
شكوك مبررة حول الاحصاءات
وفور الإعلان عن الإحصائيات الأوروبية التي جعلت هولندا في مقدمة الدول الأوربية المستقبلة للاجئين، جاءت ردود فعل مشككة من قبل المنظمات المدافعة عن حقوق اللاجئين، وفي مقدمته "منظمة شؤون اللاجئين" الهولندية، وهي أكبر المنظمات المعنية بهذا الشأن في البلاد. فقد نشرت المنظمة على موقعها تعليقاً على هذه الإحصائيات، أوضحت فيه أن أرقام "يوروسات" اعتمدت مقارنات غير سليمة منهجياً، وذلك لاختلاف تعريف "اللاجئ" بين بلد أوروبي وآخر.
كما أشارت المنظمة إلى عدد من النقاط الملتبسة، التي جعلت الأمر يبدو وكأن هولندا تستقبل المزيد من اللاجئين قياساً بالدول الأوروبية الأخرى. اولى تلك النقاط، هي أن الأرقام الهولندية شملت أسر اللاجئين الذي يلتحقون في وقت لاحق بأحد أفراد العائلة بعد حصوله على اللجوء، في إطار قانون التجمع العائلي أو لم الشمل. وعلى عكس الدول الأخرى فإن العائلة الملتحقة بأحد أفرادها بعد حصوله على اللجوء يتوجب عليها تقديم طلبات لجوء، رغم أن مسألة قبولهم هي مجرد إجراءات شكلية. ويشكل هؤلاء أكثر من ربع العدد الإجمالي للحاصلين على اللجوء، وهو ما يفسر ارتفاع رصيد هولندا، وفقاً للمنظمة.
سياسات اوربية متباينة
السبب الآخر الذي تذكره المنظمة لارتفاع نسبة القبول الهولندية، هو أن هولندا لديها عدد من السياسات الخاصة بفئات محددة من اللاجئين، مثل المسيحيين العراقيين، ومثليي الجنس الإيرانيين. كما إن غالبية طالبي اللجوء في هولندا ينحدرون من بلدان تعاني بالفعل من أوضاع خطيرة، مثل العراق والصومال وأفغانستان، بينما تستقبل الدول الأوروبية الأخرى غالباً طالبي لجوء من بلدان أقل خطورة، أو آمنة إلى حد كبير.
وتطالب منظمة شؤون اللاجئين، وأطراف سياسية وحقوقية أخرى، منذ سنوات، بتوحيد سياسات اللجوء في الاتحاد الأوروبي، وهو أمر واجه رفضاً مستمراً من الدول الأوربية "الحدودية" مثل اسبانيا وايطاليا واليونان، ودول أوروبا الشرقية، التي تستقبل أعداداً كبيرة من طالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين، الذين يواصلون غالباً طريقهم إلى الدول أوربا الغربية.
12-07-2012
المصدر/ إذاعة هولندا العالمية