أكدت دراسة علمية صدرت عن جامعة ليدن الهولندية أن مسلمي أوروبا أكثر ارتباطا بالديمقراطية من المسيحيين، وأن الإسلام والديمقراطية يمكن أن يتعايشا.
وأكدت الدراسة -التي صدرت نتائجها الأسبوع الماضي، في مجلة علمية تابعة للجامعة- ارتباط المسلمين بالمبادئ العامة للديمقراطية، وأن الإسلام والديمقراطية يمكن أن يتعايشا معا، وأن المسلمين في أوروبا هم الأكثر تماشيا مع الديمقراطية بالمقارنة مع مختلف الطوائف المسيحية.
وجاء في الاستبيان -الذي بنت عليه الدراسة نتائج أبحاثها بشأن العلاقة بين الديمقراطية والمتدينين- أن المسلمين يبدون تجاوبا مع الديمقراطية بنسبة 97% يليهم المسيحيون الليبراليون بنسبة 90%، في حين لم يحصل المسيحيون الأرثوذكس سوى على 76%.
أما مستوى الرفض الكلي للديمقراطية فقد بين البحث -الذي أوردته الدراسة وشمل 22 ألف مستجوب- أن نسبة الرفض للديمقراطية بين المسلمين لم تبلغ سوى 0.1%. في حين بلغت عند المسيحيين الأرثوذكس 3% وبلغت عند باقي الطوائف المسيحية الأخرى 1%.
وإضافة إلى الاستبيانات استخدمت الدراسة أبحاثا سابقة ومقابلات تتعلق بدراسة القيم الأوروبية ومعتقدات مواطني أوروبا للخروج بهذه الاستنتاجات.
بلد المنشأ
وعزت ناتاليا فلاز وسيرجيو خايرخينا -اللتان أشرفتا على البحث لصالح جامعة ليدن الهولندية- أن ما توصلتا إليه من أن المسلمين هم الأكثر ارتباطا بالمواقف الديمقراطية مرده بالأساس إلى بلد المسكن في أوروبا وليس المعتقد الديني الذي يتبنونه.
وبينت الدراسة أن المسلمين الذين شملهم البحث يعودون بالأساس إلى بلدان أوروبا الغربية حيث الديمقراطية عريقة في أنظمتها القائمة، في حين أن المسيحيين الأرثوذكس معظمهم من دول أوروبا الشرقية حيث لم تترسخ القيم الديمقراطية.
ناتاليا فلاز: الدراسة تدحض الأحكام المسبقة تجاه علاقة المسلمين بالديمقراطية (الجزيرة)
دحض
وبشأن أهمية هذه الدراسة أوضحت الدكتورة ناتاليا فلاز -الباحثة في مركز التحليل السياسي بجامعة بابايس بولياي في رومانيا وقامت بهذا البحث لصالح جامعة ليدن في حديث للجزيرة نت- أن نتائج هذه الدراسة ستسهم بدحض الأحكام المسبقة تجاه علاقة المسلمين بالديمقراطية.
وعن تعليل السبب في قبول المسلمين بالديمقراطية أكثر من غيرهم أوضحت فلاز قائلة "لقد اكتفينا بدراسة اختلاف مواقف الإسلام والمسيحية من الديمقراطية دون أن نتطرق إلى العلاقة السببية لهذه النتائج"، مضيفة أن الأمر يتطلب المزيد من البحث والتفسير مستقبلا.
واكتفت الدراسة بالديانتين الإسلام والمسيحية لاتساعها في أنحاء أوروبا، حيث تعرضت إلى المدارس المسيحية (بروتستانت، وكاثوليك، وأرثوذكس، وكنائس حرة). في حين تعاملت مع الإسلام على الرغم من وجود اتجاهات مختلفة فيه على أنه كتلة واحدة.
وبشأن ما إذا كانت النتائج مفاجئة تقول فلاز "في جانب منها نعم، ولكن علينا أن نعترف أننا لسنا الوحيدين الذين وصلوا إلى هذه الاستنتاجات" مضيفة أن علماء سابقين "وصلوا إلى هذه النتائج على رأسهم فتح الله كولن، أو المرنيسي وغيرهم، بما أكدوه من أن الإسلام يدعم المبادئ الأساسية للديمقراطية، أو متوافق معها".
وبشأن ما يروج له من تناقض بين الإسلام والديمقراطية تقول فلاز "لا بد أن نفرق بين الإسلام كإيمان وحضارة وثقافة والإسلام السياسي، فالأول لا يوجد بينه وبين الديمقراطية أي تعارض وهو ما أكده بحثنا ولكن حينما يعلن الإسلام السياسي صراحة رفضه لقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان هناك يحدث التعارض لا محالة".
وعن مدى تأثير مثل هذه الدراسات على مسلمي العالم الإسلامي أوضحت فلاز أن "السياق مهم جدا فالبحث شمل مواطنين في أوروبا ولذلك كانت هذه النتائج مرتبطة بسياقها، أما العالم العربي والإسلامي فإن الطرح والسياق يختلفان وذلك مجال بحث آخر ويصعب التكهن بمآلاته".
المصدر/ الجزيرة نت