على السلطات الهولندية مراعاة مقدار ما تعرض له طالبي اللجوء من الصوماليين من تأثير ثقافي وسلوكي غربي عندما تقرر بشأن إبعاده من البلاد. هذا ما توصل إليه مجلس الدولة الهولندي في حكم أصدره أمس، ومن المتوقع أن يكون لهذا الحكم عواقب بعيدة المدى على سياسة اللجوء في هولندا.
تأثر يمنع الاندماج في الثقافة الأصلية
قرر مجلس الدولة، أعلى هيئة استشارية للحكومة الهولندية، انه من الضروري بحث ما إذا كان طالب اللجوء الصومالي بوسعه العودة والاندماج في مجتمع بلاده والأحكام الإسلامية الصارمة المطبقة أجزاء واسعة منها. ويرى المجلس انه من الضروري منح إقامة في هولندا لمن يثبت انه تأثر بالثقافية الغربية إلى حد لا يمكنه من العودة للاندماج في مجتمعه.
تفتقر الصومال لأية حكومة مركزية منذ عقود. وتخضع إجراء كبيرة من البلاد لسيطرة حركة الشباب الإسلامية، التي تطبق تفسيرا متشددا للشريعة الإسلامية وتتبع أساليب الحركات الإرهابية.
لا تتمتع المرأة بأية حقوق تقريبافي المناطق الواقعة تحت سيطرة حركة شباب المجاهدين التي تحظر مشاهدة التلفزيون والاستماع للموسيقى ولعب كرة القدم. وتتمسك بنظام عقابي قاس جدا لمن لا يلتزم بمعاييرها الإسلامية منها الجلد وقطع الأطراف والرجم حتى الموت.
إعادة النظر
اصدر مجلس الدولة الهولندي هذا القرار في قضية تقدمت بها طالبة لجوء صومالية رفض طلبها في بواسطة إدارة الهجرة. وجاء في قرار المجلس أن وزير الهجرة لم يأخذ بعين الاعتبار القدر الكبير من الثقافة الغربية وأنماط السلوك التي تعرضت لها الصومالية التي تم رفض طلب لجوئها لهولندا.
لا يلزم القرار وزارة الهجرة بمنح الإقامة فورا لطالبة اللجوء الصومالية لكنه يلزم الوزير بإعادة النظر في قرار وزارته بموجب القرار الصادر من مجلس الدولة.
سيكون لهذا القرار عواقب على سياسة الهجرة بالنسبة للصوماليين وربما اللاجئين من بلدان أخرى مثل أفغانستان ومالي. يجب على إدارة الهجرة والجنسية دراسة حالة كل لاجئ صومالي على حده للتأكد من درجة (تغربه) أو تأثره بالحضارة الغربية وصعوبة تأقلمه مع الحياة في الصومال حال إعادته إليها، وهي مهمة شبه مستحيلة تقريبا. يقول الوزير ليرز دائما بأنه يتطلع إلى سياسة لجوء صارمة لكنها عادلة. تكمن الصعوبة هنا في تحديد ما هو عادل.
الحكم الصادر من مجلس الدولة يستند لحكم سابق أيضا للمحكمة الأوربية لحقوق الإنسان في العام 2011 حيث ورد فيه أن الصوماليين الذي يتأثرون بشكل واضح بطريقة الحياة الغربية وثقافتها يواجهون مخاطر حقيقية إذا اعيدوا للصومال.
فيلدز يعترض كالعادة
تضع هولندا في حسبانها للتعاليم الإسلامية في بعض بلدان التي يأتي منها طالب اللجوء. الطفلة الأفغانية سحر التي كانت تدرس بالمرحلة الوسطي سمح لها بالبقاء في هولندا لان طفولتها وصباها قد طبعتهما بالثقافة الهولندية الغربية بشكل لا تستطيع معه الانسجام مع طريقة الحياة في أفغانستان.
السياسي الهولندي المعادي للهجرة خيرت فيلدرز أرسل تغريدة عبر التويتر قال فيها أن الحكم الصادر لا معنى له. بينما رأى السياسي ذو الأصل المغربي توفيق دبي بأن هذا الحكم يدعم فكرته الداعية إلى عفو عام عن جميع الأطفال "كذلك الحال مع اللاجئين القاصرين الذين يأتون إلى هنا ويتطبعون بطرائق الحياة الغربية، لا يمكن إعادة مثل هؤلاء الأطفال إلى بلدانهم الأصلية بعد كل هذه السنوات حيث يجدون أنفسهم غرباء داخل وطنهم".
المصدر/ إذاعة هولندا العالمية