أصدرت «جامعة متروبوليتان الحكومية» مؤخرا قرارا يقضي بتخفيض المصروفات الدراسية بالنسبة للمهاجرين غير الشرعيين الذين يرغبون في الالتحاق بالجامعة.
يشير هذا القرار بصورة واضحة إلى بزوغ فجر جديد لسياسة جديدة مثيرة للجدل في هذه الجامعة العريقة التي تضم 24,000 طالب. ومن بين الأعداد الغفيرة من الطلبة الذين سيلتحقون بالدارسة في الجامعة اعتبارا من الأسبوع المقبل، سوف يستطيع عشرات من المهاجرين غير الشرعيين الحصول على رسوم دراسية مخفضة شريطة أن يكونوا من سكان في ولاية كولورادو، وذلك في إطار الرسوم الدراسية الجديدة التي صممت خصيصا من أجلهم.
أغدقت الجماعات المناصرة لحقوق المهاجرين في ولاية كولورادو الثناء على قرار الرسوم الدراسية الجديدة، والذي حصل على موافقة مجلس أمناء الجامعة في شهر يونيو (حزيران) الماضي، حيث تطالب هذه الجماعات منذ سنوات باستصدار تشريع يسمح لجامعات ولاية كولورادو بتخفيض الرسوم الدراسية للمهاجرين غير الشرعيين المقيمين في الولاية.
أثارت هذه السياسة أيضا حفيظة المحافظين الذين يهددون بمقاضاة الجامعة إذا قامت بتغيير معدل الرسوم الدراسية، متهمين «جامعة متروبوليتان الحكومية» بتحدي قوانين كولورادو بصورة علانية.
يقول ستيفن جوردون، رئيس «جامعة متروبوليتان الحكومية»، إن مجلس أمناء الجامعة قد اتخذ هذه القرار بعد فشل مشرعي ولاية كولورادو في تمرير اقتراح مماثل خاص بالرسوم الدراسية في العام الجاري، مضيفا: «من الواضح جليا بالنسبة لنا أن هؤلاء الأشخاص قد تم جلبهم إلى هنا من دون موافقتهم».
«أعتقد أن مجلس أمناء الجامعة كان يسأل نفسه: لماذا لا نقوم بتوفير رسوم دراسية معقولة لهؤلاء الطلاب حتى يتسنى لهم الحصول على شهادة جامعية وأن يصبحوا إضافة هامة لاقتصاد كولورادو؟» وبموجب القانون الجديد، سوف يقوم المهاجرون غير الشرعيين بدفع 7,157,04 دولارات عن كل عام دراسي يقضونه في «جامعة متروبوليتان الحكومية». وعلى الرغم من أن الرسوم الدراسية الجديدة تعد أعلى بنحو 3,000 دولار مما يدفعه الطلبة الشرعيون في كولورادو، فإنها لا تزال أقل بنحو 8,000 دولار مما يدفعه الطلبة المقبلون من خارج الولاية.
وطبقا للقانون أيضا، يعتبر الطلبة الذين التحقوا بالمدارس العليا في كولورادو لثلاث سنوات على الأقل والذين حصلوا على شهاداتهم الثانوية أو شهادات معادلة هم وحدهم المؤهلين لدفع هذه المصروفات المخفضة. ويؤكد مسؤولو الجامعة أن أعداد الطلبة المؤهلين لدفع المصروفات المخفضة تزيد عن 100 طالب حتى الآن.
سوف تبدأ دليا كويزادا، وهي مهاجرة غير شرعية من المكسيك وتبلغ من العمر 18 عاما، عامها الدراسي الأول في «جامعة متروبوليتان الحكومية» اعتبارا من يوم الاثنين المقبل. تقول كويزادا، والتي جاءت مع عائلتها إلى الولايات المتحدة الأميركية عندما كانت في السادسة من عمرها، إنها لا تستطيع تحمل مصاريف الدراسة في الجامعة إلا إذا تم تخفيضها.
تضيف كويزادا: «لطالما كنت أحلم بالالتحاق بجامعة كبيرة، ولكن في الواقع كانت المصروفات الدراسية تعتبر باهظة بالنسبة لي. وعندما قامت جامعة متروبوليتان الحكومية بتخفيض رسومها الدراسية، مثل هذا القرار فرصة عظيمة بالنسبة لي، حيث إنني أعتقد أن حلمي يصبح حقيقة الآن». وعلى الرغم من ذلك، وفي الولاية التي ينحدر 20 في المائة من سكانها من أصول إسبانية وتتسبب مسألة المصروفات الدراسية في ضغائن كبيرة داخل المجلس التشريعي، أثار القانون الجديد ضجة كبيرة، وبخاصة بين أوساط المشرعين الجمهوريين.
وفي يوم 20 يونيو (حزيران)، تم استدعاء مسؤولي الجامعة لحضور جلسة استماع أمام لجنة الميزانية المشتركة في المجلس التشريعي للدفاع عن خطتهم الجديدة.
وفي نفس الأسبوع، قام جون سوثيرز، المدعي العام في كولورادو، بإصدار مذكرة قانونية غير ملزمة ينتقد فيها هذه السياسة. أكد سوثيرز في بيان أصدره في ذلك الوقت أن قرار «جامعة متروبوليتان الحكومية» بالمضي قدما بمفردها في عمل فئة جديدة من الرسوم الدراسية غير مبالية برفض المجلس التشريعي المتكرر لإصدار مثل هذا التشريع هو أمر لا تدعمه القوانين الحاكمة بكل بساطة.
وطبقا لائتلاف التعليم العالي، وهو ائتلاف مكون من بعض الجماعات التي تدعم السياسة الجديدة في كولورادو، تقوم 13 ولاية بتوفير مصروفات دراسية مخفضة للطلبة المقيمين داخل هذه الولايات والذين دخلوا البلاد بصورة غير قانونية، ولكن المعارضين تسببوا في منع تبني تدابير مماثلة في كولورادو لست مرات.
رفضت المتحدثة باسم سوثيرز، وهي جمهورية، التعليق على قرار الرسوم الدراسية الجديد في «جامعة متروبوليتان الحكومية»، حيث أكدت في رسالة بريد إلكتروني أن مكتب المدعي العام لن يقوم بالتعليق على «المواضيع التي يحتمل أن تخضع للتقاضي».
يقول توم تانكريدو، وهو عضو الكونغرس السابق عن ولاية كولورادو والمرشح الرئاسي الذي يترأس الآن «مؤسسة روكي ماونتين»، وهي منظمة بحثية محافظة، إن منظمته تنوي رفع دعوى قضائية ضد الجامعة في الأشهر القليلة المقبلة.
وأضاف تانكريدو، وهو أحد المناصرين الشرسين لتشديد قوانين الهجرة: «كان هناك اقتراح بالسماح بهذا الأمر في المجلس التشريعي، ولكنه فشل. كان هذا الفشل من وجهة نظري بمثابة الرسالة القوية الموجهة لهم بأن هذا الأمر لا يمكن القيام به في ظل غياب القانون».
يقول تيرنس كارول، وهو عضو في مجلس أمناء «جامعة متروبوليتان الحكومية» والمتحدث الرسمي السابق لمجلس النواب في ولاية كولورادو، إنه كان هناك قلق دائم بشأن الإجراءات القانونية، ولكن تظل الجامعة واثقة من أن السياسة التي تبنتها قانونية.
وأكد مسؤولو الجامعة أيضا أنهم حصلوا على تشجيع كبير من خلال الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس أوباما بخصوص تأجيل ترحيل أبناء المهاجرين غير الشرعيين الذين يعيشون في الولايات المتحدة الأميركية منذ طفولتهم.
وعلى الرغم من أن برنامج التأجيل، الذي بدأ في قبول الطلبات هذا الأسبوع، لا يؤثر بصورة مباشرة على «جامعة متروبوليتان الحكومية»، يأمل المؤيدون أن يساعد هذا البرنامج في تعزيز الدعم لتوسعة نطاق سياسة الرسوم الدراسية إلى الجامعات الأخرى الموجودة في ولاية كولورادو.
تقول ساراهي هيرنانديز، والتي تبلغ من العمر 19 عاما ومن المفترض أن تبدأ في عامها الثاني في «جامعة متروبوليتان الحكومية»، إن الرسوم الدراسية المخفضة سوف تسمح لها بالتركيز على الدراسة بدلا من القلق من الحصول على الأموال الكافية للالتحاق بالجامعة. وتضيف هيرنانديز: «لا يعني هذا أنني لن أضطر للعمل، ولكنه يسمح لي أيضا بتحقيق حلم حياتي».
27-08-2012
المصدر/ جريدة الشرق الأوسط