تتفاقم أزمة النازحين السوريين إلى الدول المجاورة مع استمرار وتيرة العنف في المدن السورية من جهة وإعلان الدول المضيفة عجزها عن إيواء العدد المتزايد للنازحين، بالتزامن مع إعلان المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة أن عدد اللاجئين السوريين الذين فروا من المعارك الدائرة في سوريا بات أكثر مما كان متوقعا مع تسجيل نزوح أكثر من مائتي ألف شخص، معظمهم يوجدون في تركيا والأردن.
وتواكب حركة النزوح إلى الخارج حركة نزوح داخل سوريا، حيث ارتفع عدد المهجرين داخليا وفق مفوضية شؤون الاجئين إلى نحو مليون ونصف المليون، مهجّر يعانون من نقص كبير في الرعاية والخدمات الأساسية.. فيما يناهز عدد المدنيين المحتاجين لإغاثات إنسانية المليونين ونصف المليون.
وفيما تدق مفوضية شؤون اللاجئين ناقوس الخطر مع وجود «حاجة ملحة لإيجاد مأوى بديل للعدد المتزايد من النازحين المقيمين داخل المدارس في سوريا حيث من المفترض أن تبدأ الدراسة نظريا منتصف الشهر المقبل»، يشير عضو المجلس الوطني السوري محمد سرميني لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المهجرين في الداخل يعانون من أوضاع إنسانية صعبة في ظل عدم توفر مكان لائق للسكن وارتفاع تكلفة الإيجارات وصعوبة تأمين القوت اليومي، حيث وصل سعر ربطة الخبز في مدينة حلب على سبيل المثال إلى 300 ليرة سوريا (ما يعادل 6 دولارات أميركية). وفي حين يقصد النازحون كل من تركيا والأردن بشكل أساسي ثم لبنان فالعراق، تتخذ حركة النزوح الداخلية أشكالا متعددة، حيث تسجل، وفق سرميني، حركة نزوح داخل المدينة الواحدة، من حي إلى حي آخر كما هو الحال اليوم في مدينة حلب. ويقول سرميني إن سكانا انتقلوا من حيي صلاح الدين وسيف الدولة المحررين في حلب إلى أحياء لا تزال بقبضة النظام لأنها لن تتعرض للقصف. كما تشهد سوريا حركة نزوح من المدن إلى الريف كما هو الحال في حمص ومن محافظات ساخنة إلى محافظات أكثر أمانا، من درعا إلى السويداء على سبيل المثال.
في موازاة ذلك، يتحدث سرميني عن هجرة الهجرة، بمعنى أن سكانا انتقلوا من منطقة لأخرى أكثر أمنا وإذا بها تصبح مسرحا لاشتباكات أو تتعرض لقصف عنيف، ما دفعهم إلى هجرة ثانية باتجاه منطقة أكثر أمنا وهو ما حصل مع من نزح من حلب إلى ريفها، ثم وجد نفسه مضطرا لترك حلب والتوجه إلى خارج سوريا نحو تركيا مثلا.
ويشدد سرميني على أن «المهجرين في الداخل متروكون لمصيرهم، وهم بحاجة إلى دعم شديد ورعاية غذائية وطبية ونفسية واستمرار الوضع على ما هو عليه ينذر بنتائج كارثية»، داعيا «منظمات المجتمع الدولي الحقوقية والإنسانية إلى السعي لأن تشمل مساعداتهم مهجري الداخل السوري». أما على صعيد النزوح إلى خارج سوريا، ووفق تقديرات مفوضية شؤون اللاجئين، فإن عدد اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري في الأردن قد تضاعف في الأيام القليلة الماضية ليتجاوز 22 ألفا منذ افتتاحه أواخر الشهر الفائت. وقالت ميليسا فليمنغ المتحدثة باسم المفوضية، في مؤتمر صحافي، إن «وتيرة اللجوء عبر حدود سوريا إلى مخيم الزعتري في شمال الأردن تضاعفت خلال الأسبوع الماضي ووصل 1147 صباح الاثنين الفائت تبعهم 1400 ليل الاثنين - الثلاثاء، مشيرة إلى وصول عشرة آلاف و200 لاجئ إلى المخيم خلال الأسبوع المنصرم مقارنة مع 4500 الأسبوع الذي سبقه».
وينتظر آلاف اللاجئين، وفق فليمنغ، فرصة لعبور الحدود وسط استمرار العنف في درعا، ما قد يشكل بداية لتدفق أكبر بكثير إلى الأردن، مشيرة إلى أن «بين اللاجئين عددا متزايدا من الأطفال دون المرافقين».
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» وجهت نداء أول من أمس لجمع 54 مليون دولار لتغطية تكاليف إغاثة ومساعدة اللاجئين السوريين في الأردن وخصوصا الأطفال الذين ارتفعت معدلات تدفقهم إلى المملكة في الآونة الأخيرة. وتزامنت تصريحات فليمنغ مع إقرار السلطات الأردنية بصعوبة إيواء الأعداد المتزايدة من اللاجئين، حيث أعلن وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام والاتصال سميح المعايطة أن عدد اللاجئين السوريين المتزايد «يدفع الأردن إلى التفكير في كل الاحتمالات». فيما قالت المفوضية إن ما يصل إلى 200 ألف لاجئ سوري قد يفرون إلى تركيا إذا استمرت أعمال العنف في التصاعد.
أما في لبنان فقد أعيد فتح مركز التسجيل التابع لمفوضية اللاجئين في شمال لبنان بعد هدوء الوضع في مدينة طرابلس كما استؤنفت عملية توزيع المعونات والمساعدات في البقاع. وبحسب المفوضية فإن 53 ألف لاجئ سوري مسجلون حاليا في لبنان، فيما تستقبل الفنادق تحديدا في منطقة جبل لبنان عشرات المئات من السوريين من الطبقات الميسورة وتعج الطرقات بسيارات تحمل أرقام تسجيل سورية.
وفي موازاة وجود قرابة 16 ألف نازح سوري في العراق، أعلنت مفوضية اللاجئين أمس عن «قلقها لتبلغها وفاة سبعة سوريين في زورق صيد غرق قبالة الساحل الشمالي لقبرص في نهاية الأسبوع الماضي»، مشيرة إلى أنه كان «ينقل أربعة رجال وامرأة وطفلين بحسب خفر السواحل».
29-08-2012
المصدر/ جريدة الشرق الأوسط