بعد ثلاث سنوات من آخر عملية تسوية لوضعية المهاجرين السريين المقيمين على أراضيها، تعود إيطاليا ابتداء من 15 من الشهر الجاري إلى تسوية وضعية ما يقارب نصف مليون مهاجر سري متواجد حاليا بإيطاليا حسب مصادر شبه رسمية.
ورغم الارتياح الذي خلفه قرار الحكومة وسط الهيئات والجمعيات العاملة في أوساط المهاجرين الذي ترى فيه فرصة لكل من يتواجد في وضعية غير قانونية لتسويتها، إلا أنها عبرت عن تحفظها على الإجراءات التنفيذية المصاحبة لقانون التسوية خصوصا ما يتعلق بالتكاليف المالية التي ستثقل كاهل الراغبين في الاستفادة من هذا القانون.
وينص القانون الذي جاء على ضوء تكييف قانون الشغل الإيطالي وفق القوانين الأوربية التي تجرم تشغيل اليد العاملة الأجنبية بطريقة غير قانونية (في إيطاليا كان يعتبر جنحة فقط)، على أن كل أجنبي يتم تشغيله حاليا بصفة غير قانونية بإمكانه تسوية وضعيته في الفترة المحددة ما بين 15 شتنبر و15 اكتوبر مقابل دفع غرامة مالية قيمتها ألف أورو، بالإضافة إلى دفع جميع المستحقات الضريبية للفترة الماضية والتي يجب أن لاتقل عن ستة أشهر.
وبعملية حسابية تشير المصالح النقابية وكذا مكاتب الخدمات التي أعلنت عن تقديم خدماتها في هذا المجال ان العملية ستكلف في أدنى حالاتها (مثال خادم بالبيوت بعقد 20 ساعة أسبوعيا) للفرد الواحد ما لايقل عن ثلاثة آلاف أورو كدفوعات مالية تذهب لخزائن الدولة وقد تتعدى 10 آلاف أورو إن تعلق الامر بعقد عمل في قطاع البناء أو الصناعة، إضافة إلى مصاريف جانبية أخرى حيث تصريح الإقامة وحده يكلف حوالي 200 أورو.
وحسب المسؤول عن ملف المهاجرين بالحزب الراديكالي "جان لوكا لوتشانو" فإن الهدف الحقيقي لهذه العملية هو إشراك المهاجرين الأجانب في أداء ثمن الازمة المالية الخانقة التي يعرفها الاقتصاد الإيطالي، خصوصا أنها ستوفر لخزائن الدولة كمستحقات ضريبية ما لايقل عن مليارين ونصف أورو، وهو ما أكدته الكنفدرالية العامة للشغل (C.G.L) إحدى اكبر النقابات الإيطالية وإن كانت ترى في العملية فرصة لتحسين ظروف المهاجرين، فالمشكلة –حسب النقابة-" أن حوالي نصف مليون مهاجر أجنبي يتم استغلالهم بطريقة غير قانونية مما يحرم الدولة من مداخيل مهمة ،حوالي 5 مليارت سنويا، في مثل هذه الاوقات الصعبة".
وينفي "أندريا ريكاردي" وزير الاندماج والتعاون في الحكومة الإيطالية الحالية أن تكون العملية جاءت لدواعي مالية بل استجابة لمطالب الهيئات السياسية والنقابية والاجتماعية وأنها تشكل –العملية- فرصة للمهاجرين الاجانب لكي "يعيشوا في الضوء" وكذا للمستخدمين الإيطاليين حتى يتجنبوا العقوبات المتشددة التي تنص عليها القوانين الاوربية وإن كان يعتبر أن عدد المهاجرين السريين لا يتعدى حدود 150 ألف وليس 500 ألف الذي تشير إليه بعض الهيئات والنقابات التي من بينها منظمة "كاريتاس" المسيحية التي أسسها الوزير المذكور.
وتحذر الجمعيات والهيئات العاملة في أوساط المهاجرين من التزام الحيطة والحذر فيما يخص التعامل مع بعض الأطراف والوساطات التي تنشط خلال هذه الفترة لكي تستولي على مدخرات المهاجرين، فالضمانات القانونية لفائدة المهاجر الأجنبي تكاد تكون منعدمة في حالة تعرضه لأية عملية خداع او احتيال، حيث لاتزال المحاكم الإيطالية تنظر في العديد من القضايا حول الخداع الذي تعرض له المهاجرون الأجانب أثناء عمليات تسوية سابقة.
3-09-2012
المصدر/ موقع هيسبريس