قدم نحو 70 نائبا اشتراكيا فرنسيا طلبا للرئيس فرانسوا هولاند ليفي بوعده الانتخابي المتمثل في منح حق التصويت للأجانب في الانتخابات المحلية. لماذا يثار الجدل حول هذا الموضوع الآن داخل الحكومة الاشتراكية وفي أوساط المعارضة اليمينية، وما هو موقف الرئيس الاشتراكي من هذا الجدل؟ أسئلة عدة يحاول الإجابة عنها الباحث غالب بن الشيخ.
يثار في فرنسا حالياً الحديث عن حق تصويت الأجانب في الانتخابات المحلية، علماً أن الرئيس فرانسوا هولاند كان قد وعد بأنه سيمنح هذا الحق أثناء حملته الانتخابية. فلماذا تثار هذه القضية في هذا الوقت تحديدا؟
يعود هذا التوقيت إلى أن أعضاء الحكومة وحتى الحزب الحاكم قد نفذ صبرهم في ما يخص تطبيق المقترحات التي وعد بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قبل انتخابه، ومنها حق التصويت للأجانب المقيمين في فرنسا والذين لا ينتمون إلى أي دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
يأتي هذا الاقتراح في المرتبة الخمسين من لائحة البرنامج الانتخابي لفرانسوا هولاند، وقد طال تنفيذه وأصبح يشكل معضلة داخل الحكومة وحتى داخل الأغلبية في البرلمان، ناهيك عن المعارضة التي تستهجن مثل هذا المشروع وتستنكره وتعارضه بشدة، وتخشى أنه سيحثّ على الطائفية داخل الجمهورية الفرنسية.
أما اليسار فهو منقسم إلى فئتين اثنين في ما يخص هذا الاقتراح : فئة تريد أن تكون وفيّة للمثل والقيم التي يتحلى بها اليسار وهي المواطَنة المرتبطة بدفع الضرائب لكل المقيمين في فرنسا، وفئة أخرى تخشى أن يؤدي مثل هذا المشروع إلى بلبلة داخل المجتمع الفرنسي الذي يرزح تحت نير المشاكل والأزمات المتعددة وخاصة الأزمة الاقتصادية، لذا ترى هذه الفئة أن لا داعي لفتح باب مشاكل لا جدوى فيها.
وقد احتد هذا الصراع داخل الحكومة الفرنسية وحتى داخل الأغلبية، وليس معروف كيف سينتهي هذا الأمر.
خلال المناظرة التلفزيونية بين الرئيس الحالي فرانسوا هولاند واليميني المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي، قال هذا الأخير صراحة أنه ضد هذا المشروع، لأنه ضد تصويت المسلمين الذي قد يجلب عادات وتقاليد من شأنها أن تغيّر ربما المجتمع الفرنسي. فهل الاشتراكيون جادون عندما يتحدثون عن تصويت الأجانب، أم أنهم استخدموا هذا الاقتراح كورقة انتخابية؟
هناك مَن هم صادقون في ما يخص هذا التصويت، إذ عندما كان فرانسوا ميتران مرشحاً وتخلى عن وعوده، تكلم عن هذا الموضوع. وفي سبرٍ للآراء جرى في ديسمبر/ كانون الأول 2011، تبين أن الأغلبية كانت موافقة ومتماشية مع إعطاء حق التصويت للأجانب في الانتخابات المحلية بشرط ألا يكونوا عمدة في أي بلدية، ولا حتى مساعد عمدة. لكن ربما جاءت نتيجة هذا الإحصاء أثناءها متماشية مع طموح المرشّح آنذاك فرانسوا هولاند.
إن لم يحصل فرانسوا هولاند على الأغلبية داخل البرلمان لإدخال هذا البند في الدستور، هل يمكنه أن يذهب إلى استفتاء شعبي لطلب رأي الفرنسيين؟
في حال لم يحصل فرانسوا هولاند على ثلث أخماس الأصوات داخل البرلمان بغرفتيه العليا والسفلى، على الأرجح أنه لن يذهب إلى استفتاء شعبي لأن الرأي العام قد ألبّته تدخلات اليمين واليمين المتطرف مثلما حصل خلال الحملة الانتخابية الرئاسية الأخيرة.
سوف يكون الرئيس الفرنسي حذراً في حال لم يحصل على الأصوات المطلوبة، حيث أن الأجنبي العربي المتحدر من سلالة عربية وإن كان حاصلاً على الجنسية الفرنسية، سيقع ضحية خلال الجدل الحاد في حملة الاستفتاء إذا تمت.
21-09-2012
المصدر/ فرانس 24