في غضون مئة عام ونيف نجح الفلسطينيون في تشيلي, اكبر جالية فلسطينية خارج العالم العربي, في ان يحققوا ما عجزوا عنه في وطنهم, فقد اصبحوا نخبة نافذة في هذا البلد وعلاقتهم جيدة باليهود ولديهم ايضا فريق كرة قدم.
وفي الوقت الذي افتتحت فيه الاثنين في عاصمة البيرو ليما أعمال القمة الثالثة لدول اميركا الجنوبية والدول العربية (أسبا) فان تاريخ الجالية الفلسطينية في تشيلي يذكر العديد من الاميركيين الجنوبيين بالاصول العربية للكثير من ابناء القارة اللاتينية.
وتهدف قمة ليما، التي يتغيب عنها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الى تعزيز الحوار السياسي وكذلك ايضا وخصوصا التعاون الاقتصادي بين الكتلتين العربية والاميركية اللاتينية.
وفي البدء كان التشيليون يطلقون على الفلسطينيين اسم "الاتراك" لسبب بسيط هو ان اوائل المهاجرين الفلسطينيين الذين وطأت اقدامهم اراضي تشيلي مطلع القرن العشرين كانوا يحملون جوازات سفر صادرة عن السلطنة العثمانية. واليوم يبلغ عدد المتحدرين من اصول فلسطينية في تشيلي حوالى 350 الف شخص.
ويقول احدهم ويدعى نسيم علامو (70 عاما) لوكالة فرانس برس "هناك فلسطينيون في كل القطاعات".
ويدير علامو مع شقيقه شفيق شركة لصنع الملابس في حي باتروناتو في العاصمة سانتياغو, وهو الحي الذي احتضن اوائل المهاجرين العرب ليحل محلهم اليوم المهاجرون الصينيون والكوريون.
ولكن بفضل التجارة التي امتهنها اكثر المهاجرين الفلسطينيين تمكن هؤلاء من جمع ثروات ضخمة في تشيلي. وفي هذا يقول نسيم "في البداية كانوا يبيعون كل شيء. كانوا يجوبون الارياف حيث لم تكن هناك متاجر وبما انهم ما كانوا يتقنون اللغة كانوا يعرضون ما لديهم ويقطعون مئات الكيلومترات سيرا على الاقدام".
ووصل اوائل المهاجرين العرب الى تشيلي في اواسط القرن التاسع عشر ولكن موجة الهجرة الرئيسية للعرب، وغالبيتهم من المسيحيين, تعود الى اوائل القرن العشرين وقد اتى هؤلاء خصوصا من بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور.
ويقول اوجينيو شهوان مدير مركز الدراسات العربية في جامعة تشيلي لوكالة فرانس برس ان الفلسطينيين وصلوا الى تشيلي "عن طريق الصدفة نوعا ما" ولكن سرعان ما تحولت الى هجرة على دفعات "متتالية"، مضيفا "كان يأتي احدهم ثم يبدأ بجلب عائلته واصدقائه، وهي الحال خصوصا في كل المجتمعات الابوية حيث العلاقات الاسرية قوية جدا".
واثنتان من اثرى العائلات في تشيلي تتحدران من اصول فلسطينية وهما عائلتا يارور وسعيد, في حين ان 10% من اعضاء مجلس الشيوخ التشيلي اصولهم فلسطينية وكذلك ايضا رئيس بلدية العاصمة بالول زلاقط ورئيس الاتحاد الوطني لكرة القدم سيرخيو خادوي.
ويقول شهوان "هؤلاء مهاجرون يتمتعون بمستوى ثقافي عال ولديهم تاريخ حضاري عريق وبعد وقت قصير من وصولهم الى البلد يصبحون نخبة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
وادى تشاطر الفلسطينيين النشاط التجاري وتجربة الهجرة مع اليهود في تشيلي الى قيام علاقات حسنة بين الاقليتين.
ويقول شهوان ان "النزاع ليس مع اليهود بل مع قيام دولة اسرائيل".
وفي 2011 اعترفت تشيلي بفلسطين "دولة حرة وسيدة ومستقلة"، ولكن من دون ان تأتي على ذكر حدود هذه الدولة، وقد اثار هذا الاعتراف توترات في صفوف الجالية اليهودية.
ومن ابرز العلامات على الوجود الفلسطيني في تشيلي فريق كرة القدم الفلسطيني "كلوب ديبورتيفو باليستينو"، الفريق الوحيد في البلاد الذي يتخذ من العلم الفلسطيني شعارا له.
ويقول خورخي كوريا مدير النادي "في البداية انطلق النادي باشخاص يتحدرون حصرا من العالم العربي، الا ان قوانين البطولة اجبرته على فتح ابوابه امام غير المتحدرين من اصول فلسطينية".
واليوم "وحده المدافع روبرتو بشارة من اصل فلسطيني. ولكن الفلسطينيين ما زالوا ينظرون الى النادي على انه ممثلهم في العالم"، بحسب كوريا.
ويضيف "خلال البطولة السابقة (لكأس تشيلي) التي شارك فيها النادي (في 2008) ومباراة نصف النهائي كانت المباريات تبث في اماكن عامة في الشرق الاوسط. كانوا يتابعون ما نفعله هنا في تشيلي على بعد الاف الكيلومترات من فلسطين".
3-10-2012
المصدر/ وكالة الانباء الفرنسية