إحدى ساحات مدينة إيرلانغن الألمانية تُدعى بيشكطاش، وهو اسم أحد الأحياء في مدينة اسطنبول التركية. الفضل في ذلك يعود لمواطن مسلم ناشط في السياسة المحلية هناك. لكن ما يثير الانتباه هو أن المواطن الألماني المسلم من أصل تركي ميهميت سابماز (أو محمد سابماز) يمثل حزباً مسيحياً محافظاً في ولاية بافاريا الألمانية. من ينشط في السياسة المحلية يمكنه التأثير في محيطه كما هو الشأن بالنسبة لسابماز، الذي يمثل هذا الحزب المحافظ في برلمان المدينة.
كثيراً ما يسأله الناس بصراحة عن علاقته بحزب مسيحي وهو مواطن مسلم. فيكون جوابه صريحاً أيضاً، إذ يقول: "أنا أنطلق كمسلم مؤمن من وجود أله مشترك لنا". في مسجد المدينة يصليسابماز يوم الجمعة أيضاً، جنباً إلى جنب مع عدد منمهاجري الجيل الأول. ويفتخر هؤلاء بوجود شخص منهم في تلك المكانة السياسية المرموقة، إذ إنه يمثل حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي في المجلس المحلي للمدينة.
في مواجهة الصور النمطية
ميميت سابماز خبير في القطاع المالي بمؤسسة سيمينس. ولم يبدأ اهتمامه بالإسلام إلا بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، حيث كان يغضب لما يروج من صور نمطية وخاطئة عن الإسلام والمسلمين. ولاحظ وجود "تحول في الرؤية تجاه والديه المهاجرين من تركيا، حيث تحولت من صورة الأجنبي وانتقلت إلى صورة المسلم"، كما يقول. ولم تكن تجاربه في موضوع الاندماج جيدة دائماً، خصوصاً بالنظر إلى التصريحات الشعبوية التي يطلقها رئيس الحزب هورست زيهوفر، وهي تصريحات "يرفض فيها المهاجرين من البلدان الإسلامية بدعوى صعوبة اندماجهم في ألمانيا". ووجهسابمازرسالة إلى رئيس الحزب للتعبير عن رفضه لمثل هذه التصريحات التي تنشر صوراً نمطية خاطئة عن المهاجرين المسلمين وعدم الضبط في التعبير عن المواقف. غير أنه لم يتلق أي جوابا على رسالته، باستثناء قيام المتحدث باسم الحزب بالاتصال به هاتفياً.
ويختلف الأمر بالنسبة لعمدة مدينة ايرلانغن زيغفريد بالايس، الذي شجع سابماز على الالتحاق بالحزب المسيحي وعلى أخذ مكانة مرموقة في لائحة ممثلي الحزب بالمدينة. ويتذكر عمدة المدينة تساؤلات البعض في البداية "عن سبب حصول ميهميت سابماز على مرتبة عالية في اللائحة الحزبية"غير أنه يؤكد بالقول: "ننطلق فقط من منظور المنافسة"، ويضيف: "الجدل بشأن هذا الموضوع لم يكن كبيراً عموماً".
الاجتهاد والضمير الحي
كان عمر سابماز سبعة أعوام عندما هاجر مع والديه إلى ألمانيا. ويتذكر أنها كانت فترة صعبة في حياته حيث لم يكن لوالديه ما يكفي من الوقت للتركيز على أطفالهما بسبب انشغالهما بالعمل. لكن من حسن حظه كانت تسكن في المبنى نفسه سيدة مسنة يساعدها الطفل ميميت في شراء بعض الأغراض المنزلية، فعلمته اللغة الألمانية.
ميميت يبلغ اليوم 45 عاما من عمره، وهو يجد احترام وتقدير محيطه، إذ يؤكد زميله في المجلس المحلي للمدينة شتيفان رومر أن "ما يميز ميهميت بشكل خاص هو الاجتهاد وضميره الحي. كما يتميز بشخصيته الهادئة، حيث لا يبدو في المواقف السلبية أو المثيرة. إنه زميل مجتهد، يستعد جيداً لكل لقاءاته ولا يمكن التكهن مسبقاً بخلفيته المهاجرة أو بعقيدته".
يمكن مواجهة التيارات المتخوفة من للاسلام في المانيا عبر المشاركة النشطة لكل المواطنين في الحياة السياسية والاجتماعية.
غير أن الاسم التركي وسحنته يُظهران أنه أجنبي، رغم أنه مواطن ألماني مندمج في المجتمع الألماني. وفي هذا السياق يقول ميهميت سابماز: "أنا ألماني من أصل تركي. وأنا فخور بذلك طبعاً. أغلب الناس يعتبروني مواطناً ألمانياً من ناحية الشكل، ولكنهم لا يعتبروني ألمانياً مائة بالمائة. فأنا لا أستطيع – ولا أريد - أن أغير شكلي واسمي وأود أن يتقبل الناس ويحترموا ذلك".
عضوية في الحزب لخدمة قيم محافظة
ورغم كل الصعوبات فإن ميميت سابماز لا يفكر في التخلي عن ممارسة واجباته الوطنية ونشاطه السياسي في الحزب، حتى وإن كان ذلك يأخذ منه جهداً كبيراً، فبعد مغادرة مكان عمله اليومي بالشركة تبدأ في المساء لقاءاته ومواعيده في خدمة العمل السياسي المحلي. وعن سبب عضويته في حزب مسيحي يقول متحدثاً: "أهتم كثيرا بالقيم العائلية واحترام المسنين والتضامن العائلي والدين. إنها مواضيع أهتم بها، وهذا هو سبب عضويتي في حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي".
8-10-2012
المصدر/ شبكة دوتش فيله