السبت، 18 مايو 2024 07:21

الدوحة- مقال رأي: إلغاء نظام الكفيل

الإثنين, 15 أكتوير 2012

يؤدي الاستخدام السلبي لنظام الكفالة إلى المساهمة في تفاقم الخلل السكاني. فهو يتيح للمواطن وحده الحق في جلب أيد عاملة من الخارج. ويتيح، وهنا يكمن دوره السلبي، إمكانية تحكمه في بقاء المكفول في الدولة. ولقد منحت هذه الإمكانية المواطن فرصة استغلالها بصورة سلبية، فظهرت في المجتمع ظاهرة المتاجرة بالتأشيرات، والتجارة الوهمية، والعمالة السائبة.

إن المواطن لا يحتاج لأكثر من هذا المؤهل (مواطن)، يستخدمه هو أو حتى يبيعه على وافد آخر ليفتح ما يشاء من مشاريع! ويستورد عمالة رخيصة في أجورها، قابلة بأدنى المستويات المعيشية، وراضخة لإملاءات الكفيل وجشع بعضهم، يضطرها لذلك بطالة مرتفعة في مجتمعاتها الأصلية.

وعلى هذا الأساس فإن تعطيل هذا الدور سوف يساهم في الحد من الآثار السلبية، ذات العلاقة بالخلل السكاني، لهذا النظام. وإذ نناقش إمكانية هذا الإجراء فإن ما ينبغي علينا ملاحظته هو أن هذا النظام مرتبط في الأساس بتنظيم دخول وخروج الأجانب للدولة. يبين ذلك أن أول قانون صدر بهذا الخصوص كان معنياً أكثر بدخول الأجنبي وإقامته في قطر، ولم يتطرق لموضوع الكفيل إلا عرضاً. القانون رقم (3) لسنة 1963 لتنظيم دخول وإقامة الأجانب في دولة قطر. ولم يبرُز موضوع الكفيل إلا في القوانين اللاحقة، ابتداء من القانون رقم (3) لسنة 1984 بتنظيم كفالة إقامة الأجانب وخروجهم. وانتهاء بالقانون رقم (4) لسنة 2009 بتنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم وكفالتهم. ففي هذه القوانين أصبحت علاقة الكفالة مركز التنظيم. فالقانون يشترط «على كل وافد.. أن يكون له كفيل» (المادة 18).

والسؤال الذي يطرح في هذا الصدد هو: لماذا نظام الكفيل؟

لو نظرنا في العلة التي دفعت المشرع لاشتراط هذا الشرط لوجدناها تنحصر في ضمان أن لا تكون في ذمة الوافد أي حقوق للغير عند خروجه من البلد. يكشف عن هذا ما جاء في نفس المادة (18) من أنه «لا يصرح للوافدين.. بمغادرة البلاد بصفة مؤقتة أو نهائية إلا بعد تقديم إذن بالخروج من كفيل الإقامة. ويحل محل هذا الإذن، عند تعذر حصول الوافد عليه لامتناع كفيله عن إعطائه له أو لوفاة الكفيل أو لغيابه مع عدم تعيينه وكيلاً عنه، تقديم كفيل خروج، أو شهادة بعدم وجود أحكام تحت التنفيذ، أو دعاوى مطالبة ضد الوافد، تصدر من المحاكم المختصة بعد مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ الإعلان في صحيفتين يوميتين لمرة واحدة عن تاريخ مغادرة الوافد البلاد...».

فإذن الخروج الذي يقدمه «كفيل الإقامة» أو «كفيل الخروج» هو من أجل ذلك. أي ضمان وتعهد بتحمل أي «دعاوى مطالبة ضد الوافد».

نخلص مما تقدم إلى أن نظام الكفالة عبارة عن تنظيم قصد به المحافظة على حقوق الغير التي في ذمة المكفول. وهو في هذا شأنه شأن نظام الكفالة المعروف. ونطرح السؤال التالي: هل يمكن إلغاء نظام كفيل الإقامة؟

والجواب نستقيه من القانون ذاته، الذي أجاز لوزير الداخلية استثناءً من حكم المادة (18): «إصدار سمات ومنح تراخيص إقامة بدون كفيل للفئات التالية: 1 - المستثمرون الخاضعون لأحكام القانون رقم (13) لسنة 2000 بتنظيم استثمار رأس المال غير القطري في النشاط الاقتصادي. 2- المالكون والمنتفعون بالعقارات والوحدات السكنية وفقاً لأحكام القانون رقم (17) لسنة 2004 بتنظيم تملك وانتفاع غير القطريين بالعقارات والوحدات السكنية.3- أي فئات أخرى تحدد بقرار من مجلس الوزراء». (المادة 43).

وما ينبغي أن نلاحظه أن إلغاء نظام كفيل الإقامة لا يلغي نظام الكفالة، فهذا نظام ليس له علاقة بمواطن أو وافد، بل هو علاقة بين دائن ومدين، تحددها الشروط المقبولة من قبل طرفي العلاقة والتي قد يكون منها شرط الكفيل.

كذلك أيضاً فإن إلغاء الكفالة لا يلغي حقوق صاحب العمل والعامل، فهذه ينظمها قانون العمل، والعقد بين العامل وصاحب العمل. أما هروب العمال فهذا يحدث في ظل نظام الكفالة!!

إن مصدر الخلل في نظام الكفالة في علاقته بالخلل السكاني يأتي من كفيل الإقامة، الذي يسمح بأن يتحكم الكفيل في تجديد كفالة الوافد، وبالتالي تضع في يد الكفيل ورقة ضغط يستغل بها بعض ذوي النفوس الضعيفة الجشعة حاجة المكفول إلى البقاء في البلد، فيفرضون عليهم إتاوة نظير تجديد الإقامة. وتدفعهم قبل ذلك إلى المتاجرة بالتأشيرات. فلو فقد الكفيل هذه الميزة التي يمنحها القانون للمواطن وجعلها في يد الدولة فهي التي تمنحه الإقامة دون وسيط، وهي التي تسمح له بالانتقال إلى عمل أفضل لقطعنا دابر المتاجرة بالتأشيرات، والعمالة السائبة.

بقلم: محمد الخليفي

15-10-2012

المصدر/ عن جريدة العرب القطرية

مختارات

Google+ Google+