حذرت الجامعة العربية من استمرار هجرة العقول العربية إلى الخارج، داعية إلى دعم أواصر التعاون مع المهاجرين العرب والاستفادة من خبراتهم من أجل تحقيق التنمية والنهضة الشاملة في بلدانهم الأصلية.
جاء ذلك خلال حفل إطلاق دراسة أعدتها إدارة الهجرة والمغتربين العرب حول ديناميكيات الجاليات العربية المغتربة تحت عنوان"تعزيز المساهمات الإيجابية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتحولات الديمقراطية بأوطانهم المختلفة"، وذلك بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة.
ولفتت الدكتورة سميحة محيي الدين مدير إدارة الهجرة والمغتربين العرب في الجامعة العربية إلى أن الظروف الحالية التي تمر بها دول المنطقة أدت إلى تدفق موجات جديدة من الهجرة العربية، سواء إلى الدول العربية المجاورة أو إلى الدول الأجنبية، لافتة إلى أن هذه الظروف أدت إلى تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين من الدول، التي تعرّضت لحالة من عدم الاستقرار إلى الدول المجاورة لها، مثل ما حدث من تدفق اللاجئين السوريين إلى تركيا ولبنان، واللاجئين الليبيين إلى مصر وتونس، وهي المسألة التي قد تؤدي إلى حدوث العديد من المشكلات في الدول المستقبلة لهؤلاء اللاجئين.
وأضافت د.سميحة محيي الدين في كلمة الجامعة العربية التي ألقتها أمام الاجتماع بحضور مسؤولين من الدول العربية والمنظمة الدولية للهجرة أن عدم الاستقرار السياسي والأمني شكل عاملاً دافعًا للهجرة من البلدان التي تعاني هذه المشكلات إلى البلدان الغربية للإقامة الدائمة فيها، وهذا يحدث دائمًا في ظروف الأزمات، موضحة أن هذا حدث عقب نكسة 1967 وأثناء الحرب الأهلية في لبنان، وعقب غزو العراق في عام 2003، وخلال حرب يوليو/تموز 2006 على لبنان.
وقالت محيي الدين إن هذا الاجتماع جاء للاحتفال بالانتهاء من الدراسة التي قامت إدارة الهجرة والمغتربين العرب في الجامعة العربية بإعدادها بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة حول ديناميكيات الجاليات العربية المغتربة، موضحة أن الدراسة تهدف إلى تقديم نظرة عامة على المغتربين العرب وخصائصهم وظروفهم الحالية وفقا لمناطق تواجدهم، وهو ما يعد حجر الزاوية في أي مشروع يهدف إلى إشراك هؤلاء المغتربين في عملية التنمية في العالم العربي.
وأشارت محيي الدين إلى أن هجرة العقول تشكل النسبة الأكبر من موجات الهجرة، والتي تأتي بآثارها السلبية على دول الأصل، حيث إن العنصر البشري يعتبر محورًا لعملية التنمية ضمن مفهومها الشامل، لافتة إلى أن هجرة العقول تؤدي إلى تراجع أحد المقومات الأساسية الضرورية للتنمية الاقتصادية في الوطن العربي.
وأكدت أن الجامعة العربية تواصل سعيها إلى تنظيم جهود الجاليات العربية المقيمة في الخارج لتقديم كل المساعدات الممكنة لدولها الأصلية بهدف تحقيق التنمية المنشودة فيها، وحثهم على المساهمة في عبور هذه الفترة الصعبة، واتخاذ الخطوات الأولي في طريق النهضة والتنمية الشاملة، باعتبارهم جزءًا مهمًا من الوطن العربي الكبير مثلما أنهم جزء من أوطانهم الجديدة.
وأكدت أن الأمانة العامة للجامعة العربية تعمل باستمرار على التواصل مع هذه الذخيرة الكبيرة من أبنائها للاستفادة من جهودهم وخبراتهم في المجالات العلمية والاقتصادية والسياسية والإعلامية والعمل على إيجاد الآليات التي تمكنهم من المساهمة الفعالة في عمليات البناء والتنمية وطنيًا وعربيًا.
وشددت محيي الدين على أن الكفاءات العربية المهاجرة تشكل ثروة عربية بالغة الأهمية على المستوى العلمي والحضاري والاقتصادي والسياسي، مشيرة إلى أن الأمانة العامة للجامعة العربية في صدد إعداد العديد من الأنشطة المتعلقة بالكفاءات العربية المغتربة، وعلى رأسها عقد مؤتمر للعلماء العرب المغتربين تحت شعار "عندما تتكامل العقول العربية"، وذلك يومي 19 و20 ديسمبر/كانون الأول المقبل، بهدف تفعيل آليات التواصل مع العلماء العرب في المهجر للاستفادة من خبراتهم وعلاقاتهم، فضلاً عن سعيها إلى عقد لقاء للبرلمانيين من أصل عربي في المهجر خلال عام 2013، وذلك للإسهام في التنمية السياسية في الدول العربية ولمناقشة القضايا التي تهمّ المغتربين العرب وتبادل الخبرات في ما بينهم وبين نظرائهم في الدول العربية.
وأضافت محيي الدين أن موجة الربيع العربي التي تمر بها المنطقة حاليًا ساعدت على القيام بهذه الدراسة في هذا التوقيت خاصة في ظل المبادرات الفردية التي تقدم بها أبناء الجاليات العربية المقيمة في الخارج للمساهمة في إعادة بناء أوطانهم الأصلية ومساعدتها على إحداث التنمية والنهضة، منوهة بما قام به النادي المصري في فيينا لتقديم العون والمساعدة إلى جرحى الثورة المصرية، وكان ذلك بالاشتراك والتنسيق مع بعض الجمعيات الأهلية النمساوية.
20-11-2012
المصدر/ موقع إيلاف