هل أخطئ التقدير حينما أنجز مشروع سكني في أمستردام ملائم لرغبات وتطلعات السكان المسلمين؟ ألا تعرقل هذه المبادرة خطط الاندماج التي تأخذ حيزا كبيرا في السياسات العامة للبلاد؟ "شيء جيد أن يؤخذ بعين الاعتبار حاجيات وخصوصيات المسلمين، لكن هذا النوع من السكن لا يساعد على الاندماج"، يقول مستشار في قضايا الاندماج.
’أبارتايد‘
لا يرى وزير الداخلية رونالد بلاستيرك (حزب العمل) سببا لمعارضة السكن الملائم لحاجيات المسلمين. المشكل في نظره هو إذا رفض السلمون السكن فيه. هذا ما صرح به للتلفزيون الهولندي يوم الأحد. أما النائبة البرلمانية عن الحزب الاشتراكي (معارض) سديت كاروبولوت وهي من أصل تركي فاعتبرت الأمر شبيها بسياسة ’الأبارتايد‘؛ أي سياسة الفصل العنصري التي اشتهرت بها إفريقيا الجنوبية. أما زعيم حزب الحرية المعادي للمسلمين خيرت فيلدرز فعبر عن معارضته التامة للفكرة في واحدة من تغريداته: "غباء تام. من أراد سكنا إسلاميا، من الأفضل له أن يرحل إلى العربية السعودية".
الحكاية هي أن ’آيخن هارد‘ (موقد خاص) وهي تعاونية خاصة للسكن والعمران قامت في أحد الأحياء الشعبية في العاصمة أمستردام بتجديد 188 شقة، آخذة في الحسبان رغبات قاطنيها من المسلمين الذين يشكلون الأغلبية في الحي بأكثر من 85 في المائة. والجدير بالذكر أن تعاونيات السكنى في كل المدن الهولندية عادة ما تستشير زبناءها وتستطلع رغباتهم وآرائهم قبل الشروع في أي بناء جديد أو تجديد لبناية قديمة. ولذلك انتشرت في هولندا مجمعات سكنية خاصة للمسنين (غير دور العجزة) أو الشباب أو للمتزوجين حديثا على سبيل المثال. فلم الضجة إذن حول سكن خاص للمسلمين؟
تفاهة
عبد الرحيم قجوان عضو مجلس بلدية لاهاي ومستشار في قضايا الاندماج في إحدى المؤسسات التابعة للبلدية، يستغرب من تسمية هذا النوع من السكن بـ "السكن الحلال" وهي تسمية روجتها وسائل الإعلام، إلا أنه في الوقت ذاته يعارض فكرة تخصيص سكن خاص للمسلمين وكأن هؤلاء قادمون من "المريخ".
"جيد أن يؤخذ بعين الاعتبار خصوصيات وحاجيات المسلمين في مسألة السكن، ولكن كان من الأفضل أن تأخذ شركة السكن حاجيات المسنين المسلمين في الاعتبار مثلا، ولكن مثل هذه التفاهات فأنا لا أعتقد أنها تساهم في الاندماج، كما أنها تثير جدلا نحن في غنى عنه".
الإضافات ’الحلال‘
ما اعتبره المنتقدون للمشروع ’حلالا‘ في هذا المشروع لا يتعدى بعض الإضافات التي شركة السكنى المعنية بالأمر إضافات يمكن لغير المسلم الاستفادة منها مثل: إضافة خزانة جدارية للأحذية وفصل المطبخ عن الصالون وزيادة صنبور مياه سهل الاستخدام أثناء عملية الغسل والوضوء، بالإضافة إلى مكان جاهز لتثبيت جهاز الاستقبال ’الدش‘ (البارابول) وباب متحرك يمكن توظيفه للفصل بين الجنسين عند الضرورة. هذه هي الإضافات ’الحلال‘ التي أثارت أول الأمر نواب حزب الحرية في البرلمان، قبل أن ينتقل الجدل إلى باقي الأحزاب.
ومع أن تعاونية السكنى التي أحدث مشروعها الجديد هذه الضجة أكدت على أن هذه الإضافات لا تستهدف بها المسلمين فقط ولكن غير المسلمين أيضا يمكن استخدامها بحسب حاجياتهم مثل استخدام الصنبور الزائد لسقي الزهور والخزينة الجدارية للأدوات المنزلية، إلا أن أصواتا منتقدة حتى من الجالية المسلمة نفسها ترى أن مثل هذه المبادرة في بعدها العام "لا تخدم مصالح المسلمين". يقول السيد قجوان في حديث لإذاعة هولندا العالمية:
"التسمية أثارت كثيرا من الجدل، وكأن المنازل الأخرى التي لا تتوفر على مكان للوضوء ليست حلالا. مثل هذا الفصل والتسمية يثير أيضا نوعا من الفوضى في التفكير والخلط على الهولنديين أنفسهم ويخدم بالتالي مصلحة أجندة اليمين المتطرف. والدليل على هذا ردود الفعل لدى البرلمانيين التابعين للحزب اليميني المتطرف".
أعضاء في مجلس بلدية أمستردام عبروا بدورهم لوسائل إعلامية عن رفضهم التام لأن تكون تكاليف تلك الإضافات من أموال دافعي الضرائب، وهذا ما نفاه مسؤول من تعاونية السكن المذكورة مشددا على أن المشروع الجديد لن يتحول إلى "مقاطعة" منعزلة كما يعتقد البعض ممن يرى المشروع معرقلا للاندماج. وأضاف أن الهولنديين من أصل ملوكي (اندونيسيا) استجيب في السابق لطلباتهم في السكن ولم يحتج أحد عن ذلك.
27-11-2012
المصدر/ إذاعة هولندا العالمية