الأربعاء، 03 يوليوز 2024 14:23

برلين- بعد ضياع مستقبله الكروي، مهاجر يطلق مبادرة رياضية بين ألمانيا وتونس

الإثنين, 03 دجنبر 2012

يطمح مهاجر تونسي إلى خلق جسر للتواصل بين شباب بلده والشباب الألمان، عبر مبادرة رياضية فريدة من نوعها، تهدف إلى تبادل الخبرات بين الطرفين ولكن أيضا لحوار الثقافات. المشروع لاقى ترحيب الألمان والتونسيين، لكنه يواجه عقبات.

عز الدين الدحس رجل أعمال تونسي شاب مقيم في ألمانيا منذ حوالي 18 عاما. انتقل إليها للعيش مع أخيه المقيم هنا، بعدما عاش في فلندا لفترة ظل فيها يمارس كرة القدم التي أغرم بها منذ طفولته. لكن حادثا تعرض له الشاب التونسي، قتل كل أحلامه مع معشوقته المستديرة، لكن الحنين إليها هو نفسه جعل الرجل يفكر في إطلاق مبادرة لخلق تعاون رياضي بين تونس بلده الأم وألمانيا، حيث يعيش وحيث كون الكثير من الصداقات والعلاقات.

"علاقتي مع ألمانيا بدأت بعدما أن انتهت مسيرتي في كرة القدم، لقد أتيت إلى هنا من فلندا منهارا، لكن أخي الذي يقطن في ألمانيا منذ 38 عاما كان سندا لي". ورغم أن الأجواء العائلية في ألمانيا عوضته قليلا عن الفراغ الذي عاشه بعد توقف مسيرته الرياضية، إلا أن عز الدين ظل متابعا وفيا لكرة القدم.

بعد الثورة التونسية التي هزت العالم العربي ومعه قلوب التونسيين الذين يعيشون في المهجر، فكر عز الدين في تقديم مساعدة لبلده الذي يمر بأوضاع صعبة، ولكن بطريقته الخاصة. فأطلق مبادرة لخلق تعاون بين فرق كرة قدم ألمانية وأخرى تونسية تهدف لتبادل الخبرات الرياضية بين الطرفين، و تبادل التجارب المختلفة بين البلدين، ولكن أيضا ليكتشف كل طرف ثقافة البلد الآخر، وهذا ما سيساهم إلى حد ما في دعم السياحة التونسية خصوصا على المدى البعيد، "كل من يعيش خارج تونس يجب أن يقدم لها المساعدة الآن ويعمل من أجلها. لم نعمل خلال الثورة لذا علينا العمل الآن"، كما قال عز الدين خلال حوار معDW.

"السياحة الرياضية"، جسر للتواصل

يقول المهاجر التونسي إن ما جعله أيضا يتحمس للمبادرة هو الدعم و الترحيب الذي تلقاه من فرق وجمعيات رياضية في تونس، و يضيف أنه عرض المشروع على خمس فرق رياضية ووافقت عليه مباشرة، وهي النجم الرياضي الساحلي، الهلال الرياضي مساكن، فريق حمام سوسة، النادي الرياضي الإفريقي والاتحاد الرياضي المنستيري. وبالمقابل تم عرض المبادرة على فرق ألمانية و أبدت ترحيبها بالموضوع. ويضيف عز الدين أن مسؤولا رياضيا ألمانيا أخبره أن قرب تونس من ألمانيا مقارنة مع دبي مثلا، التي تربطها شراكات رياضية قوية بألمانيا، سيكون أفضل بالنسبة للمشاركين في هذه المبادرات".

ويركز المشروع على الفئات الناشئة حيث ستنحصر أعمار المستفيدين من المبادرة من الجانبين بين 12 و 13 سنة، وهو شرط وضعه عز الدين من أجل أن يكون هؤلاء الأطفال مرفوقين بأولياء أمورهم و"هذا سيعني أن أكبر عدد من الألمان سيقومون بزيارة تونس ويكتشفونها و ربما يعودون إليها في المستقبل، مما سينعكس إيجابا على السياحة في بلدنا". ويضيف حكيم غيريطي المغربي الأصل والمكلف بتحضير تصور المشروع باللغة الألمانية، أن هذه المبادرة ستساهم أيضا في تحسين اندماج الأطفال التونسيين الذين يعيشون في ألمانيا، وهو الامر الذي سيسمح للأطفال الألمان بالتعرف على الثقافة التونسية وخصوصياتها كلما سيزيد ذلك من تعزيز اندماج التونسيين في المجتمع الألماني.

وللترويج لفكرته فقد حرص عز الدين على خلق شبكة شركاء بينهم وكالة سياحية ستتكلف بإقامة الأطفال وتنقلهم وكذا شركاء إعلاميين ومجلات ومؤسسات طبية لتأمين الأطفال صحيا. كما أن القنصلية التونسية، يقول عز الدين، رحبت بدورها بالمشروع وأبدت استعدادها للمساهمة فيه. وبالإضافة إلى هؤلاء الشركاء فقد لقي المشروع دعما و ترحيبا أيضا من مشاهير في مجال الرياضة تربطهم علاقات صداقة مع عز الدين و من بينهم كريم حقي قائد فريق هانوفر الألماني، والزبير بية اللاعب في صفوف فريق فرايبورغ ونجم المنتخب التونسي سابقا، بالإضافة إلى عصام الشوالي المعلق الرياضي المشهور ورياضيين مغاربيين آخرين.

عقبات رغم الترحيب

يطمح الشاب التونسي في حال نجاح الخطوة الأولى مع تونس إلى توسيع المشروع ليشمل بلدان المغرب الكبير وهذا ما سيؤدي إلى تطوير عمل الفرق المغاربية الناشئة عبر تقديم ألمانيا مساعدات سواء مالية أو تقنية بالإضافة إلى اعتماد مبدأ إعارة اللاعبين بين الفرق واكتشاف المواهب الكروية في هذه البلدان من قبل الخبراء الرياضيين الألمان.

ويضيف عز الدين أن هذا التبادل سيعمل أيضا على نشر ثقافة المؤسسات الرياضية الألمانية، وسيفيد الكرة التونسية من خلال الخبرات الألمانية في التكوين والتسيير والتدريب و العمل الاجتماعي، وهي خبرات يحتاج إليها القطاع الكروي في تونس والمغرب الكبير بصفة عامة. ويردف قائلا "أصعب شيء في الأمر هو الانطلاقة، فهي ستكلف المال والوقت والجهد...":

من جانبه يعتقد حكيم، الشاب المغربي، أن من بين الصعوبات التي قد تواجه المشروع هو الاختلاف بين الألمان والتونسيين في التخطيط ووضع الاستراتيجيات، فالألمان يعملون على أساس برامج طويلة المدى، بينما التونسيون يميلون في ثقافتهم إلى خطط قصيرة المدى.

هاوت أوليفر مدير فرع الناشئين في نادي إف سي بروزابيرغ الألماني، يعيش في نفس الحي الذي يعيش فيه عز الدين ويلتقيه كل أسبوع بحكم أن أبناءه يمارسون كرة القدم معا ضمن نفس الفريق المدرسي الذي يلعب فيه أبناء عز الدين، يقول خلال حديثه لـDW إنه أعجب كثيرا بهذا المشروع الذي سينفع الأطفال الألمان كثيرا، لأن مثل هذه التجارب تعزز إمكانياتهم سواء على مستوى أدائهم في كرة القدم أو انفتاحهم على ثقافات جديدة.

"سيجربون و يرون أمورا ليست لديهم هنا في ألمانيا، وكيف يعيش أطفال في مثل سنهم في بلد آخر، وهذا مثير للاهتمام. و أنا أيضا لما كنت طفلا استفدت من تدريبات في بلدان أخرى و هذا عزز من إمكانياتي الخاصة، وأتمنى أن ينجح المشروع ويأتي الأطفال التونسيون بدورهم إلى هنا لاكتشاف ألمانيا". ويضيف أوليفر "أطفالي صغار وإلا كنت سارسلهم إلى تونس أيضا ليستفيدوا من هذه التجربة المميزة، وأكيد سأشجعهم على المشاركة في مثل هذه المبادرات في المستقبل".

3-12-2012

المصدر/ شبكة دوتش فيله

مختارات

Google+ Google+