تخلد دول المعمور٬ اليوم الثلاثاء (18 دجنبر من كل سنة) اليوم العالمي للمهاجرين٬ الذي يشكل فرصة لتقييم السياسات المتبعة في مجال الهجرة٬ سواء فيما يتعلق بإدماجهم في بلدان الاستقبال٬ أو على صعيد ترسيخ ارتباطهم ببلدانهم الأصلية والمساهمة في تنميتها.
ويشكل تخليد هذا اليوم مناسبة لتحسيس الرأي العام بالدور الذي تضطلع به هذه الفئة٬ التي تمثل حوالي 3 في المائة من سكان العالم (214 مليون شخصا)٬ حسب أرقام المنظمة العالمية للهجرة٬ في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية سواء في الدول المستقبلة للمهاجرين أو المصدرة لهم.
واضطر 42 مليون شخص للهجرة سواء لأسباب سياسية أو اقتصادية من ضمنهم 4ر35 مليون يوجدون حاليا تحت حماية مفوضية الأمم المتحدة للاجئين٬ غير أن الواقع الذي يعيشه الكثير من أفراد هذه الفئة يشوبه التمييز والاستغلال وسوء المعاملة٬ فهم غالبا ما يكونون هدفا لخطاب الكراهية وللمضايقة والعنف٬ كما أنهم يتعرضون لتمييز واسع النطاق خصوصا بعد ظهور الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي جعلت وضعية هذه الفئة أكثر هشاشة٬ ودفعت بالعديد من الدول إلى تشديد القيود المفروضة على الهجرة واتخاذ تدابير أشد صرامة لمكافحة الهجرة غير القانونية.
وعلى الرغم من مظاهر الأزمة التي كانت لها انعكاسات سلبية كثيرة٬ وبصفة خاصة ارتفاع معدل البطالة٬ فإن الطلب على العمال الأجانب لا محيد عنه على اعتبار أن الهجرة تمثل٬ كما قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون٬ جزءا من الحل طويل الأمد لبعض مظاهر الأزمة.
وتوسعت ظاهرة الهجرة لتشمل العديد من البلدان٬ ومن ضمنها المغرب الذي عرف تقليديا كبلد مصدر للهجرة٬ حيث أصبحت المملكة منذ عدة سنوات٬ ليس فقط بلد عبور نحو أوروبا٬ ولكن بلد استقبال لعدد متزايد من المهاجرين القادمين أساسا من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء.
ويواجه المغرب حاليا تحديات لتدبير حركات الهجرة المتميزة بتنوعها الكبير (الهجرة الاقتصادية٬ طلب اللجوء الذي يشمل النساء والقاصرين)٬ حيث تفيد دراسة أنجزت بالتشارك بين مجلس الجالية المغربية في الخارج ومعهد الأبحاث حول السياسات العمومية (مؤسسة بريطانية) والاتحاد الأوروبي أن عدد الأشخاص من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء٬ الذين لا يتوفرون على إقامة قانونية بالمملكة يصل إلى حدود 10 آلاف.
ويأتي هؤلاء المهاجرين في الغالب من الكاميرون٬ غينيا٬ السنغال٬ نيجيريا وغانا٬ حيث يتزايد عدد الراغبين منهم في الاستقرار بالمغرب بدل البحث عن فرص العبور إلى أوروبا التي تعاني حاليا من انعكاسات أزمة اقتصادية.
وتتوفر المملكة في الوقت الراهن على قانون ينظم دخول وإقامة الأجانب وكذا الهجرة غير الشرعية٬ يرتكز أساسا على الجانب الأمني٬ ويفرض غرامات وعقوبات بالسجن يمكن أن تصل إلى ستة أشهر على أي دخول أو إقامة غير قانونية للمهاجرين.
وأثارت مؤخرا منظمات غير حكومية ناشطة في مجال حقوق الإنسان وكذا وسائل إعلام٬ الاختلالات التي تشوب تطبيق هذا القانون والتعامل السيء الذي يلقاه هؤلاء المهاجرين في المغرب.
وإضافة إلى الهجرة غير الشرعية٬ أصبح المغرب ملزما حاليا بالتعامل مع فئة جديدة من اللاجئين وطالبي اللجوء٬ الذين يظلون بمعية آلاف من المهاجرين لأسباب اقتصادية٬ في وضعية غير واضحة٬ بسبب غياب خيارات ملائمة لإرساء هجرة قانونية.
وتشير المفوضية العليا للاجئين إلى أن عدد طلبات اللجوء المسجلة بالمغرب ما بين 1 يناير و10 دجنبر 2012 ارتفعت إلى 1961 شخصا٬ وتتمثل أهم مجموعة من طالبي اللجوء السياسي في الجالية السورية ب723 شخصا بسبب تدهور الأوضاع الأمنية في سورية.
وبلغ عدد اللاجئين المعترف بهم - حسب نفس المصدر- من لدن المفوضية العليا للاجئين إلى حدود 30 نونبر الماضي 741 شخصا نصفهم من النساء (270) والأطفال (174)٬ ويأتي الإيفواريون في مقدمة البلدان المصدرة للاجئين إلى المملكة بنسبة 89ر40 في المائة يليهم مواطنو الكونغو (29ر24 في المائة) والعراقيون (97ر19 في المائة).
وصادق المغرب على الاتفاقية الدولية لعام 1951 المتعلقة بالوضعية القانونية للاجئين٬ وكذا على بروتوكول عام 1967 المتعلق بالوضعية القانونية للاجئين واتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية المنظمة للجوانب الخاصة بمشاكل اللاجئين في إفريقيا٬ لكن المملكة في حاجة إلى مسطرة وطنية فعالة للجوء.
وتوضح المفوضية أنه في غياب هذا القانون تظل هذه الهيئة الأممية (المفوضية العليا للاجئين) الفاعل الوحيد المتدخل في قرارات تحديد وضعية اللاجئين٬ إضافة إلى أن اللاجئين المعترف بهم من قبل المندوبية يحظون بتسامح السلطات المغربية لكن لا يتم الاعتراف بهم رسميا.
وتشير المفوضية إلى أن طالبي اللجوء أو اللاجئين٬ الذين لا يتوفرون على بطاقة إقامة صادرة عن السلطات المغربية لا يمكنهم الولوج إلى سوق العمل الرسمي أو الخدمات العمومية٬ لكن يمكن - حسب نفس المصدر - لأطفالهم بشكل عام الدخول إلى المدارس المغربية وللاجئين الاستفادة من خدمات مراكز الصحة العمومية.
18-12-2012
المصدر/ وكالة المغرب العربي للأنباء