توجد معارض فنية في الكثير من المُدُن الألمانية تقدّم تاريخ الهجرة والمهاجرين في المجتمع الألماني، لكن الباحثة ريغينا فونيش المتخصصة في شؤون الأقليات والمهاجرين ترى أن على هذه المتاحف التركيز على عرض هذا التاريخ كجزء لا يتجزأ من التاريخ الألماني، وذلك في حوار لها مع كلاوديا برفيزانوس.
ما هو سبب طرح وتناول قضية الهجرة من خلال المتاحف؟
ريغينا فونيسش: يمثل المهاجرون قطاعاً مهماً للغاية في مجتمعنا الألماني وإذا نظرنا للمتحف كمؤسسة معنية بالقضايا الاجتماعية، فإننا ندرك أهمية قضية الهجرة كجزء مهم جداً من تاريخنا وبالتالي في رؤية المتحف.
هل ثمة اختلاف في طريقة تعامل ألمانيا مع قضية الهجرة مقارنة بالدول الأخرى؟
هناك العديد من الطرق المختلفة في تناول هذه القضية في ألمانيا وفرنسا والدول الأنغلو-أمريكية. ففي ألمانيا بدأ طرح القضية عبر مؤسسات بنَت تاريخها عن طريق العمل في هذا المجال من خلال الاهتمام على سبيل المثال بالمهاجرين الذين جاؤوا من تركيا إلى ألمانيا.
انتقلت هذه القضية في ألمانيا الآن من الهامش إلى مركز الاهتمام، فقلما تخلو مدينة ألمانية من معرض يتناول قضية الهجرة.
المتاحف الصغيرة تبدأ بتناول الأمر لينتقل بعد ذلك إلى متاحف أكبر مثل متحف التاريخ الألماني في برلين أو متحف "دار التاريخ" في مدينة بون.
يختلف الوضع تماما في الدول الأنغلو- أمريكية مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، فالهجرة هناك مرتبطة بالتاريخ الوطني، إذ أن هذه الدول قائمة بالأساس على المهاجرين، لكنّ هناك بالطبع تركيزاً على بعض فئاتهم.
"السؤال الآن هو كيف يمكن أن تتحول قضية الهجرة كموضوع دائم وكجزء من التاريخ الألماني داخل المتاحف الألمانية"، كما تقول ريغينا فونيش.
بدأ الفرنسيون بالمتحف الوطني للهجرة، وربما زيادة الاهتمام بهذا المتحف ترجع إلى المركزية الواضحة في فرنسا والتركيز على العاصمة باريس، حيث بدأت مبادرات على نطاق ضيق امتدت بعد ذلك لتصل إلى الحكومة التي دعمت افتتاح المركز الوطني لتاريخ الهجرة في فرنسا عام 2007.
يتناول كتاب ِريغينا فونيش إدراك الناس في ألمانيا وفرنسا والدول الأنغلو-أمريكية ووعيهم بواقع الهجرة والمهاجرين.
كيف تطور ارتباط قضية الهجرة بالمتاحف في ألمانيا؟
تهتم المنظمات المعنية بقضية الهجرة، وبشكل كبير بفترة الستينات وهجرة العمال إلى ألمانيا. أما المتاحف والمعارض فهي تلقي نظرة أشمل تبين لنا أن حركات الهجرة قديمة وكانت موجودة دائما في ألمانيا ونعرف أن الأمر ليس غريباً.
من ناحية أخرى تهتم المتاحف بمشكلات الحاضر التي يواجهها المهاجرون وتركز على الهجرة كظاهرة إنسانية بشكل عام.
تشهد ألمانيا حالياً الكثير جداً من المعارض المعنية بقضية الهجرة، وقلت بأن هناك الكثير من المعارض المحلية، فرأيك هل السياسة الثقافية في المانيا على ما يرام؟
من الجيد الاهتمام بالهجرة كموضوع، لكن المهم كيفية معالجته. فتناول تاريخ الهجرة مجدداً على أنه "تاريخ الآخر" فإن هذا يعزز من جديد إحساس العزلة، لكن من ناحية أخرى هناك مبادرات تسير على النقيض كما هو الحال في مبادرة تبناها متحف مدينة شتوتغارت تحت شعار "تاريخ الهجرة هو جزء لا ينفصل عن تاريخ مدينتنا".
بدأ المتحف اليهودي في برلين في الثالث والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 مشروعا لإظهار التنوع في العاصمة الألمانية، الأمر الذي يظهر اهتمام المتاحف الألمانية بالشباب ذوي الأصول المهاجرة، ما مدى حداثة هذا الاتجاه في ألمانيا؟
هناك الكثير من المساعي في هذا المجال منذ سنوات طويلة عبر برامج وسيطة تساعد على ذلك، فهناك محاولات دائمة لجذب مجموعات جديدة وجمهور أوسع لزيارة المعارض، بالطبع ذوي الأصول المهاجرة أنفسهم أيضاً.
المشكلة هي أن فكرة المتاحف تعود للقرن التاسع عشر وتعكس التاريخ الوطني بشكل أكبر حتى يومنا هذا، لكن العولمة تغير بالتدريج هذا الاتجاه. يتعين على المتحف كمؤسسة، إعادة تعريف نفسه والتعامل مع هذه التغيرات المتزايدة.
هل هناك أساليب جديدة لطرح موضوع الهجرة والمتحف، لم يتم اللجوء إليها بعد؟
أعتقد أنه يتعين العمل على طرح تصنيفات جديدة مثل العِرْق كما حدث مع تصنيف المرأة كموضوع للمتاحف.
من هذا المنطلق يجب أن ينظر إلى المعارض الخاصة بقضية الهجرة على أنها محطة مؤقتة فقط هدفها تسليط الضوء على القضية وإثارة اهتمام المتاحف بها، لكن الأمر يجب ألا يقف عند هذا الحد، فقضية الهجرة يجب أن تصبح موضوعاً لمتحف دائم.
يوجد في ألمانيا متحف للهجرة في مدينة بريمرهافن يتناول الهجرة من وإلى ألمانيا، لكننا نتحدث هنا عن متحف استثنائي. فالسؤال الآن هو كيف يمكن أن تتحول قضية الهجرة كموضوع دائم وكجزء من التاريخ الألماني داخل متحف التاريخ الألماني أو متحف "دار التاريخ".
21-12-2012
المصدر/ موقع قنطرة