الأربعاء، 03 يوليوز 2024 14:16

برن- العمل التطوّعي.. سبيل المُقيمين الأجانب إلى الإندماج

الثلاثاء, 15 يناير 2013

مع دخول اتفاقية حرية تنقل الأشخاص مع الإتحاد الأوروبي حيّز التنفيذ، تغيّر وجه مجتمع المهاجرين الوافدين إلى سويسرا. فغالبية القادمين الجدد إلى المراكز الحضرية من أصحاب الكفاءات العالية، أما المفاجأة، فهي أن كثيرا منهم يتطلعون للإنخراط في العمل التطوّعي.

يرى هوبرت كاوش، مسؤول قسم العمل التطوّعي في جمعية الصليب الأحمر بزيورخ، أن هناك ضرورة لإيجاد خدمة خاصة توفّر عروضا للعمل التطوّعي خاصة ب "العمالة الوافدة" إزاء تزايد وتوسّع الرغبة لدى هذه الفئة للإنخراط الإجتماعي، ولكن أفرادها لا يتقنون اللغة الألمانية، وفي نفس الوقت "نحن لا نستطيع الإستمرار في تجاهل هذه الرغبة". ومن دون برنامج من هذا القبيل، يكتفي الصليب الأحمر بالتعبير عن أسفه لهؤلاء الأفراد، ولا نملك سوى أن نفعل ذلك.

في محاولة لتلبية هذه الرغبات، جاءت فكرة تكليف هؤلاء المقيمين الأجانب من ذوي الكفاءات العالية بجمع تبرّعات. وقد تشكّل لهذا الغرض فريق نهاية عام 2011. وفي شهر مايو 2012، نظّمت تظاهرة لليانصيب بزيورخ، مما سمح بتوفير 5000 فرنك.

في الوقت نفسه، انخرطت مجموعة تتشكّل من قرابة 15 شخصا (الأفراد يتغيّرون من وقت لآخر) في عمل يهدف إلى جمع تبرّعات، بالتعاون مع المدرسة الدولية بمدينة فينترتور، أو بمناسبة سباق على الأقدام مثلا. وفي الوقت الحاضر، يخطط فرع الصليب الأحمر السويسري في زيورخ لدعوة بعض الشركات للمشاركة في سباق على الأقدام خلال عام 2013 بهدف جمع تمويلات لمشروعاته الخيرية.

تغليف الهدايا

في أحد أيام السبت من شهر ديسمبر 2012، قبل أعياد الميلاد بقليل، كانت الإيرلندية هازال، والهولندي أرغين، وكلاهما في العقد الثالث من العمر، منهمكين في تغليف الهدايا في أحد المراكز التجارية بفنترتور. وهذه المساعدة هي جزء من برنامج "الخدمة الصحية والإجتماعية" التابع للصليب الأحمر بزيورخ. وإذا كانت هازال لا تتقن اللغة الألمانية، فإن رفيقها الهولندي يبدو أفضل حالا.

ترى هل يعلّق الجمهور على استخدام الشابة الإيرلندية للإنجليزية؟ تردّ هازال، وقد علت محياها ابتسامة بريئة: "لا، لا أبدا، ومع أرغين، نحن نكمل بعضنا البعض، ويغطي بعضنا قصور بعض". وقد سمحت هذه العملية في جمع تبرعات تعدّ بمئات الفرنكات، بحسب أندريا رامسيير، المنسّقة لأنشطة الصليب الأحمر في كانتون زيورخ.

وتضيف رامسيير: "كانت عملية ناجحة، لأن التاجر، الذي لا يريد أن يكشف عن هويته كان سعيدا جدا بالخدمة التي قدمناها، وقد استغرق الحرفاء وقتا كافيا لقراءة الشارات التي كنا نحملها". وكذلك ينظّم الصليب الأحمر بجنيف ومنذ سنوات حملة تطوّعية مشابهة داخل المكتبات التابعة لدار بايُو Payot.

الصليب الأحمر.. "علامة مميّزة"

بالنسبة لهازال وأرغين، تماما مثلما هو الأمر بالنسبة للكثير من المقيمين الأجانب، فإن الوجهة الأولى والطبيعية لمن يرغب منهم في ممارسة العمل التطوّعي هي جمعيات الصليب الأحمر، وتقول أندريا رامسيير: "فعلا، نحن علامة دولية مميّزة. وفي أغلب الأحيان يكون قد سبق للمقيمين الأجانب أن عملوا في إطار الصليب الأحمر في بلدانهم الأصلية". وهو فعلا ما أكّده ارغين الذي سبق أن شارك في لقاءات نظمها الصليب الأحمر في هولندا مع أشخاص متقدمين في السن.

من جهة أخرى، تحضر تقاليد العمل التطوّعي، والأنشطة الخيرية بشكل أعم، بقوة في البلدان الناطقة بالإنجليزية. وقد سبق لهازال، وهي رسّامة في الأصل، أن عملت من قبل كمتطوّعة، في بلدها الأصلي، قبل أن تلتحق بزوجها في زيورخ بعد أن كانت تعمل في مستشفى للأطفال. وتشدّد هازال على أن "العمل التطوّعي يتيح فرصة كبيرة لملاقاة الآخرين".

أهميّة اللهجات العامية

"العمل التطوّعي.. سبيل إلى الإندماج": حقيقة أخرى وجدت طريقها للتحقق في بازل، في إطار برنامج آخر يخص المقيمين الأجانب من ذوي الكفاءات العالية ويتمثل في شبكة للتلاقي وتبادل الرأي من أجل العمل التطوّعي، وكل ذلك في إطار مبادرة BaselConnect.

شخصية أخرى.. وتجربة جديدة، ويتعلّق الأمر هذه المرة بـ "لينيكي"، وهي سيدة هولندية أخرى رافقت زوجها الذي يعمل في مدينة بازل، وهي واحدة من العناصر المهمّة العاملة في هذا المشروع حيث لم تنتظر طويلا للإنخراط في العمل التطوّعي.

تقول "لينيكي" بلغة ألمانية ممتازة: "وصلنا إلى بازل قبل 11 شهرا. فعرضتُ مباشرة تقديم خدماتي بشكل تطوّعي، لأنّي أعتبر ذلك وسية مُثلى للإندماج. في البداية، جُـوبه مطلبي بالرفض بدعوى أنني لا أحسن اللهجة المحلية. لكن المطلوب حقيقة في بازل هو إتقان الألمانية السويسرية..".  

ربّما لهذا السّبب أيضا، نظرت جمعيات العمل التطوّعي في بازل بـ "ريبة" للمنخرطين الجدد من الأجانب بحسب موظفة تعمل بمكتب الإندماج، لكنها تستدرك مُضيفة "هم الآن مُرحّـب بهم".

في الأخير، أمكن للينيكي تقديم خدماتها لمؤسسة رونالد ماكدونالد التي تمكّن الأولياء من البقاء إلى جانب أطفالهم المرضى في المستشفى، ثم إلى مؤسسة "ميلكيور"، التي تقدّم المساعدة إلى الأشخاص الذين يُعانون من أمراض نفسية.

وتعتقد لينيكي أنه "إذا ما أظهرنا اهتماما كاف، وإذا لم نعقّد الأشياء، وقبلنا بإمكانية فهم كل الأشياء، سوف نحصل على الكثير. فالناس هناك يهتمون بالعمل التطوّعي الذي نقوم به، وهم سعداء برؤية الأجانب ينخرطون من أجل المجتمع ككل".

التطوع يُسهم في إنجاح الإندماج

تستقبل مدينة زيورخ، التي تتوفر على موقع إلكتروني متخصص في العمل التطوّعي، عددا هائلا من المطالب التي يُرسلها مترشّحون لهذا العمل. ويشير موظفون يعملون في المرافق الإجتماعية بالمدينة على أن "شركات تتصل بهم لتسأل إذا كان لدينا أنشطة أو أعمال لاقتراحها على مجموعات من الناطقين بالإنجليزية الراغبين في العمل التطوّعي من شاكلة ما يعرف في بلدان أخرى بـ "أيام الخدمة الإجتماعية" التي قد تكون عملا في مطعم لدور إيواء العجزة. وقد تشكّل في زيورخ فريق عمل متعدد الأقسام للردّ على هذا النوع الجديد من العروض.

 

وبينما يواصل المتطوّعان تغليف الهدايا الواحدة تلو الأخرى داخل المركز التجاري بمدينة فنترتور، قدّمت إمرأة من رومانيا، تسمى إيلينا، نفسها لهوبرت كاوش، للمشاركة في أعمال تطوّعية. وأوضحت ما دفعها إلى ذلك قائلة: "جميع أصدقائي يمارسون رياضة التزلّج، أمّا أنا، فلا. وأرغب في القيام بشيء ما مُفيد للآخرين".

أخيرا، يخلص هوبرت كاوش إلى أن "المتطوّعين الأجانب لديهم رغبة قوية جدا للإنخراط في أعمال مفيدة، يدفعهم إلى ذلك مبدإ أخلاقي يتمثّل في إعطاء المجتمع مقابلا عما أخذوه منه، وما هو مُجد أيضا بالنسبة لنا هو أنهم معتمدون على أنفسهم، وبإمكانهم تنظيم أنفسهم ذاتيا. شباب نشطون جدا في مجالات عملهم، لديهم علاقات ممتازة، ومعرفة جيدة بالصليب الأحمر. وأنا على يقين من أن العمل التطوّعي يُساهم في إنجاح اندماجهم في المجتمع السويسري".

15-01-2013

المصدر/ موقع سويس أنفو

مختارات

Google+ Google+