تحتفل جامعة لايدن هذا العام بمرور 400 عام على تخصيص كرسي الاستاذية للدراسات العربية. ظلت لايدن في خلال هذه السنوات اهم مراكز الدراسات للثقافة العربية. المستشرق المهاب وصورته المرتسمة في الاذهان لا يعدو في الغالب كونه من المعجبين بالثقافة العربية.
" فضيحة أن ينتقد الكثير من الناس اتباع الديانة الاسلامية دون أي تفهم لقوانينهم ولعقيدتهم" هذه هي كلمات اربنيوس حين تقلده لمنصب استاذ العربية قبل اربعمائة عام مضت. ومنذ ذلك الوقت يبدو أن العالم لم يتغير كثيرا، والعبارات المذكورة قد تكون لاحد دارسي الاسلام المعاصرين في زماننا هذا.
سمعة مريبة
لا يتمتع الاستشراق بسمعة طيبة في العالم العربي حيث ينظر إليه وكأنه يستخدم معرفة الاسلام للتشهير وابراز مساوئ الثقافة العربية مقابل اثبات تفوق الغرب والثقافة الغربية. ولكن حينما اعتلى اربينوس كرسي الاستاذية في جامعة لايدن في العام 1613 كانت نواياه تختلف نوعا ما عن هذه النظرة. أقر وقتها في خطبة تسلمه المنصب بأن معرفة العربية مهمة في التعامل التجاري مع الشرق وايضا لكشف زيف الاسلام، ولكن الاهم من ذلك أن اللغة والثقافة العربية تحوي عالما فكريا وثقافيا اغني من مثيله الاوربي.
" إنها حضارة مدمنة على البحث والدراسة والكلمة المكتوبة" يقول معجبا " لدى العرب الكثير من الكتب الهامة في كل فروع المعرفة بصورة لا تجدها في أي مكان آخر من العالم".
تحولت جامعة لايدن بسرعة بعد تخصيص كرسي الاستاذية للعربية وثقافتها الى اهم مركز اوربي للدراسة في هذا المجال تقول بيترا سايبستاين التي تشغل كرسي الاستاذية الآن بالجامعة بلهجة يملؤها الفخر " العلماء السابقون من جامعة لايدن امثال جوليوس، دوزي وخويا كتبوا نصوصا عربية كلاسيكية ما زالت قيد الاستخدام حتى تاريخ اليوم. وبمرور السنوات تكونت لدينا مجموعة كبيرة من النصوص الاستشراقية، ولايدن ايضا من اولى الجامعات التي تطبع فيها النصوص العربية".
دوافع
تقر سايبستاين وتعترف بأنه وبمرور السنوات تغيرت دوافع الذين يقبلون على دراسة العربية وثقافتها " الاستعمار الهولندي لاندونيسيا جعلها واحدة من أالدول التي يسكنها أعلى نسبة من المسلمين على مستوي العالم. علماء أمثال كورنيليس فولنهوفن و سنوك هرغروني كانوا مشاركين بشكل مباشر في السياسات الاستعمارية للحكومة الهولندية" ولكن عبر القرون ظل الاعجاب بالثقافة والغنى الفكري في العالم العربي واحدا من اهم الدوافع للاقبال على هذه الدراسة.
في العشر سنوات الاخيرة نشأت صورة في الرأي العام الغربي تصور العالم العربي كجزء غير متسامح من العالم إن لم نقل عنيف. صورة تقف في تضاد صارخ مع العالم العربي ككنز لثروات فكرية وثقافية غير محدودة. تقول سايبستاين في هذا المنحى:
" نريد أن ننتهز سانحة الذكرى الـ 400 لتخصيص كرسي الاستاذية في مجال العربية وثقافتها بجامعة لايدن لجذب الانتباه الى للجانب الآخر الغني والمتعدد للثقافة العربية".
احتفال متنوع
سيتم الاحتفال في هذه المناسبة بجامعة لايدن بطرق مختلفة لاجل جذب الانبتاه. ففي متحف مدينة لايدن لثقافات الشعوب سيكون هنالك معرضا عن الحج كما ستعرض أفلام عربية في اطار مهرجان لايدن السينمائي. كما أنه واعتبارا من شهر أبريل ستنظم جولات بالمدينة عبر الاماكن ذات العلاقة بالثقافة العربية مثل منزل عمر بوك أول ساكن من اصول شمال افريقية بمدينة لايدن في العام 1596 أو مثل البيت الذي يوجد على سطحه رسم للهلال والذي كان يرمز لاستعداد سكان المدينة الانحناء لسلطان تركيا اكثر من استعدادهم للانحناء للبابا، تقول بيترا سايبستاين:
"سكان لايدن البروتستانت كانوا يعلمون جيدا أن الاقليات الدينية مثلهم كانت تجد تحت حكم المسلمين معاملة افضل من التي يجدونها في اوربا".
11-02-2013
المصدر/ إذاعة هولندا العالمية