أكد المشاركون في مائدة مستديرة نظمت يوم الأحد 6 أكتوبر 2013 في جهة فينيتو الإيطالية (شمال)، في إطار الدورة الثانية للمهرجان الإيطالي المغربي أنه، في عالم أصبح معولما أكثر، أضحى النسيج الجمعوي المغربي مدعوا إلى تنظيم نفسه بشكل أفضل من أجل رفع التحديات التي تطرحها، في الآن ذاته، مسألة الاندماج داخل بلدان الاستقبال والرغبة في الحفاظ على روابط وطيدة مع وطنهم الأم.
كما حاول هؤلاء المشاركون، كل من موقعه، تسليط الضوء على مختلف جوانب الهجرة سواء على المستوى الوطني أو الدولي، مركزين الاهتمام على المشاكل المرتبطة بالجالية المغربية المقيمة في شبه الجزيرة.
وفي هذا السياق، حاول الأكاديمي والرئيس المؤسس للمركز المغربي للدراسات القانونية وعضو (جمعية رباط الفتح للتنمية المستدامة)، فريد الباشا، تقديم عناصر الإجابة المتعلقة بالسؤال موضوع مداخلته "المواطنة العالمية، أسطورة أم حقيقة¿"، داعيا إلى القيام بنظرة جديدة لمسألة الهجرة، لاسيما ما يتعلق ب "التنقل ذي القيمة العالمية".
وبعد أن أوضح أن العولمة، التي تتميز بالتطور السريع لوسائل الاتصال والنقل، تفسر على كونها "إقحاما جزئيا للسيادة الوطنية والروابط بين مفهومي المواطنة والوطن"، ذكر السيد الباشا بأن الاتفاقيات الثنائية التي وقعت في هذا المجال، أعطت الأسبقية للاتفاقيات متعددة الأطراف التي تهدف إلى طرح مسألة الهجرة على الصعيد الدولي.
فعلى المستوى الوطني، دعا الباشا إلى عدم الاقتصار على تناول المسألة من وجهة نظر سياسية، بل إشراك المجتمع المدني في أفق تنظيم أفضل لهذه الظاهرة في إطار كل بلد على حدة، من خلال مقتضيات دستورية وإحداث مجالس متخصصة.
وفي معرض حديثه عن الدينامية التي يجب أن تتسم بها مبادرات الجمعيات المغربية المقيمة في إيطاليا، أوضح السيد الباشا أن التشاور بين الدولة والمجتمع المدني سيكون مفيدا للطرفين معا، معربا عن اعتقاده بأن من شأن تنفيذ المقتضيات الدستورية المتعلقة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج تشجيع هذه المقاربة.
من جهته، تطرق عضو مجلس الجالية المغربية بالخارج، إدريس أجبالي، بالخصوص، للإشكالية التي يطرحها وجود عدد مهم من أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، مبرزا أن هذه الجالية التي لها خصوصيات مختلفة تضاعف عددها ثلاث مرات في غضون سنوات، ومشيرا إلى أن عدد أفراد الجالية المغربية المقيمة بحوالي 51 بلدا حول العالم كان يقدر سنة 1998 بحوالي مليون و 662 ألف و 870 ، وارتفع سنة 2002 إلى مليونين و 549 ألف و 215 ، قبل أن يرتفع سنة 2011 إلى ثلاثة ملايين و 556 ألف و 213، أي أزيد من 10 في المائة من ساكنة المغرب.
ويتجلى تعقيد هذه الظاهرة، أيضا، حسب السيد أجبالي، في "تأنيث الهجرة" وذلك بالنظر إلى كونها لا تهم الرجال فحسب بل تشمل النساء أيضا اللائي يمثلن حوالي 48 في المائة.
وفي معرض حديثه عن التناقض الموجود بين التجذر والانتماء، أشار أجبالي إلى تنامي ظاهرة التجنيس بقوة، مبرزا أن فكرة العودة إلى البلد الأصلي أضحت مرفوضة على نحو متزايد لأسباب عديدة من بينها التطور السريع لوسائل الاتصال والنقل.
وقال إن هذه التحولات العميقة دفعت المغرب إلى إعادة النظر في سياسته المتعلقة بالهجرة واعتماد آليات من شأنها تنظيم هذه الظاهرة، مذكرا في هذا الصدد بإحداث مجلس الجالية المغربية المقيمة في الخارج منذ خمس سنوات، والمقتضيات الجديدة التي جاء بها دستور سنة 2011.
عن وكالة المغرب العربي للأنباء