كانت عبارة "شغل عربي" تعني فيما مضى عملا دقيقا ومتقنا، كالإتقان الواضح في بناء قصر الحمراء بغرناطة، أو تصميم قطع الحلي والمجوهرات المعقدّة في قرطبة زمن الوجود العربي الإسلامي في أسبانيا. ثم تبدل الزمن والحال وسادت العنصرية والاستعمار وأصبحت هذه العبارة مرادفا للعمل غير المتقن. تحول دلالي يدينه الفنان الجزائري علي قسوم في معرضه بعنوان «احذر، شغل عربي» الذي يلجأ للفكاهة والجرأة وحتى السخرية المسكوت عنها لتفكيك الصور النمطية.

تحدث قسوم مع فرانس24 موضحا فكرته: "أردت معالجة القضايا المهمة بطريقة مختلفة؛ فنحن دائما ما نتحدث عن الهجرة في أجواء مشحونة بالغضب والتعنيف والشعور بكوننا ضحية، ونستخدم لذلك صورا حزينة بالأبيض والأسود. غير إني، على العكس من ذلك، أحب روح المرح والضحك، ومن هنا أردت تناول القضايا بشكل فكاهي وساخر".

ومن الواضح أن علي قسوم ليس الشّخص الوحيد الذي يحبّ الضحك، فمبادرته هذه لاقت نجاحا لا شك فيه؛ لوسيين، ذات الثمانين عاما، تضحك بأعلى صوتها في قاعة دار البلدية حيث يعرض قسوم أعماله. أتت لوسيين إلى دار البلدية، شأنها شأن بقية المواطنين الفرنسيين، لإنجاز معاملة إدارية فجذبتها الألوان الزاهية للوحات ذات المحتوى الإعلاني الزائف والفكاهي.

الطريقة بسيطة وفعالة ويمكن أن تقلب رأسا على عقب كل "الصور النمطية والرسائل التي تريد الإعلانات أو وسائل الإعلام أو حتى السياسيين تمريرها ونقلها إلينا" والمفهوم القابع وراءها: "قلب الأكليشيهات والرسائل واستغلال الصور الشعبية". علي قسوم هو مصمم غرافيك يعتمد الأساليب المستخدمة في وكالات الإعلان للتأثير على طريقة تفكيرنا: الصورة والمفهوم ولفت النظر.

وضعت لوسيين حقيبتها عند قدميها بينما راحت تقرأ عن كثب الشعارات المدوّنة على الملصقات وهي تتلوى من الضحك. تقرأ العبارات التالية على زجاجة من الفودكا: "مئة بالمئة برقع ...إنتاج وتعبئة أفغانستان... تحفظ في المنزل". ثم تقهقه أمام زجاجة الفودكا، خمر البطاطس، التي يغطي عنقها حجاب كامل قائلةً: "الرسالة واضحة، إنها طريقة ممتعة ومختلفة لوصف ما يجري، وقد يطوّر ذلك الأذهان".

عن موقع فرانس 24