الأربعاء، 03 يوليوز 2024 10:21

فرنسا "تُجنّد" مساجدها لمحاصرة "تصدير" مقاتلين إلى سوريا

الأربعاء, 07 مايو 2014

بدأت حدة المخاوف من خطر "الجهاد الدولي" تشتد داخل الأوساط الفرنسية، في الآونة الأخيرة، مع ارتفاع مستوى تجنيد مقاتلين من جنسيات أوروبية مختلفة والهجرة للقتال "المقدس" في سوريا؛ فرغم الإجراءات المشددة التي فرضتها السلطات الفرنسية للحد من هجرة مُواطنيها المسلمين إلى "أرض الجهاد" السورية، إلا أن أعدادهم تزداد مع اتساع رقعة "التجنيد الالكتروني" المتحرر من القيود.

وفيما تقدر فرنسا أعداد مواطنيها المنخرطين في جبهات "قتالية" معارضة لنظام بشار الأسد، بأزيد من 600 شخص مسلم، غالبا ما يوصفون بالمتطرفين والمتشددين دينيا، أعلن الرئيس فرنسوا هولاند أن بلاده بصدد تفعيل إجراءات تمنع وتعاقب كل من يذهب أو يجند للقتال في سوريا.

دعوة لإجراءات مشددة

ارتفاع المقاتلين المنسلّين من التراب الفرنسي، ومقتل بعضهم في المعارك الطاحنة في أرض الشام، دفع زعيمة حزب "الجبهة الوطنية" مارين لوبان، إلى اتهام السلطات الفرنسية بدعم التنظيمات "الأصولية الإسلامية الإرهابية"، في إشارة مباشرة إلى تنظيم القاعدة، على أنها تحظى بدعم مباشر من قبل عواصم أوروبية، ضمنها باريس، عبر تقديم المساعدة والأسلحة إلى سوريا، على حد تعبيرها.

قيادي آخر داخل "الجبهة الوطنية"، ذي التوجه اليميني المتطرف، وهو نائب لوبان، فلوريان فيلبوت، دعا إلى سحب الجنسية من الفرنسيين الذين هاجروا للقتال في سوريا، وسحب الجوازات منهم ومراقبتهم، في إطار ما وصفها "سياسة صارمة" لمنع ذهاب جهاديين محتملين إلى سوريا.

وتعد فرنسا من أكثر الدول "تصديرا" للمقاتلين إلى سوريا، متقدمة على دول مثل بلجيكا وبريطانيا، فيما يتحدث مراقبون أمنيون على أن مجموع الأشخاص الذين توجهوا إلى سوريا من دول الاتحاد الأوروبي بلغ أرقاما قياسية خلال العامين الأخيرين، حيث تجاوز العدد الألفيّ مقاتل؛ فيما يعزو متتبعون لهذا الشأن، سبب هذا الارتفاع في تصاعد الأحداث، خاصة الهجمات الكيميائية التي تشنها القوات الموالية لبشار الأسد مقابل تحقيق "المقاومة" لـ"انتصارات" عسكرية في بعض المناطق السورية، وهو ما يشكل حشدا معنويا وإغراءً يفتح شهية "الهجرة إلى أرض الجهاد المقدس".

حرب على التجنيد من المساجد

فريد ظروف (الصورة)، المسؤول والإمام بالمسجد الكبير بمدينة مونبولييه الفرنسية، عكف في الآونة الأخيرة على تقديم خطب ومواعظ تحث الشباب الفرنسي المسلم على اليقظة والحذر من الوقوع في "مخطط" التجنيد للقتال في سوريا، خاصة وأن منطقة مونبولييه تعد أبرز بؤر التجنيد في صفوف الشباب.

يتحدث فريد، في حوار له مع صحيفة "لاديبيش" الفرنسية، عن استقباله قبل أيام لشابَّيْن في مقتبل العمر (14 و15 سنة)، ممن أُقنِعوا بـ"فريضة" القتال "المقدس"، حيث يورد قائلا "هم شباب ليس لهم خلفية إسلامية صلبة.. ولا يستوعبون ما يجري حولهم، لكن ما يعرفون أنهم ذاهبون إلى سوريا من أجل القتال".

"هي كارثة بكل المقاييس تصيب صغارا وشبابا مسلما في مقتبل العمر"، هكذا يعلق الإمام على الظاهرة، مشيرا أن خطورتها تكمن في أن عمليات التجنيد لا يرى لها أثر في الواقع، "لم تعد تعتمد على خطب المساجد، لكنها تجري خلف شاشات الأنترنت وداخل غرف الدردشات وصفحات الفيسبوك التي تترجم من اللغة العربية إلى الفرنسية".

ويرى فريد ظروف أن التحول من الافتراضي إلى الواقع لدى هؤلاء الشباب يحصل بشكل سلس وسهل، "في الأنترنت تجد كل شيء"، مضيفا أن تلك الفئة جرى خداعها و"اللعب على عقولها"، بعيدا عن توجيهات المساجد.

الفقر والفشل الدراسي وصعوبة الاندماج الاجتماعي وحماسة المراهقة والرغبة في المغامرة واكتشاف الغيب، كلها عوامل تساهم في "اصطياد" فرائس لتجنيدها في قتال غير معلوم المعالم، حسب فريد، ليبقى الدور على المساجد والأسر في التعبئة للحد من "تصدير" الشباب الفرنسي للقتال في سوريا.

في إحدى مكاتب المسجد الكبير بمونبولييه، يستقبل فريد ظروف عددا من العائلات والأسر التي سبق لأحد أبنائها الهجرة إلى سوريا، "هناك أسرة في وضعية رهيبة لا زالت تنتظر رجوع ابنها ذي 19 ربيعا والذي غادرها للقتال قبل سنتين"، موردا أن أسرة أخرى أقامت الحداد أخيرا، بعد إخبارها بـ"فاجعة" مقتل ابنها.

عن موقع هيسبريس

 

مختارات

Google+ Google+