الأربعاء، 03 يوليوز 2024 10:22

مغاربة بريطانيا .. هجرةٌ تجار فاس التي استقرت عند طلبة الجامعات

الإثنين, 07 يوليوز 2014

وقُوع المغرب على مرمَى حجر من جنوب أوروبا، وخضوعه لحماية فرنسا عقودًا طوالا، عاملان جعلَا أغلب المغاربة الذين ينوون الهجرة إلى الخارج، يقصدون بلدانًا كفرنسا وإسبانيا وإيطاليا، الأمر الذِي أتاح لتلك الجاليَة أن تقع كثيرا تحت المجهر، في الوقت الذِي لم ينل مغاربة بريطانيا اهتمامًا مماثلًا، لأسباب عدَّة، تبحثُ عنها الباحثَة المغربيَّة، مريم الشرتِي، ضمن دراسةٍ نشرتها بمثابة جزء من كتاب "مغاربة العالم في 2013".

الكتابُ الذِي تنشرهُ مؤسسة الحسن الثاني للجالية المغربية المقيمية بالخارج، يلفتُ في شقه المخصص لمغاربة بريطانيَا، إلى أنَّ الهجرة المغربية نحو بريطانيا ليستْ أمرًا مستجدًا ولا طارئً،ا بل إنها بدأت منذُ القرن التاسع عشر، كما يتحدثُ عن ذلك المؤرخُون، حتى وإنْ كانت الجالية تعيشُ تحت الأضواء.

في حي "كولبُورنْ" بالعاصمة البريطانيَّة لندن، تجد مطاعم ومحلات تجارية ومدارس وجمعيات كثيرة تابعة لمغاربة، منبئة عن حضور وازن، إلَّا أنَّ الجالية المغربية تبقى رغم ذلك غير مرئيَّة بما فيه الكفاية.

ومن العوامل التِي تجعلُ المعلومات عن مغاربة بريطانيا على درجَة من الشح، كون المكتب البريطاني الوطني للإحصاء، الذِي يطلعُ على الانتماء العرقي أوْ الاثني للسكان، لا يفرق لدى عرضه النتائج بين مجموعاتٍ ذات انتماء هوياتِي مختلف، ولا يدرجُ ضمنَ المهاجرين المغاربة إلا إلا من ولدوا في المغرب، دون الجيلين الثاني والثالث، فيكون من الصعب إذ ذاك امتلاك تصور حول عدد المغاربة الإجمالي في بريطانيا أوْ توزعهم جغرافيًّا في البلاد.

وتقول الباحثة الشرتِي إنَّ شيئًا ميزَ الهجرة المغربيَّة التِي انطلقت صوب بريطانيا ابتداءً من 1960 وهي أنها غير مبنية على اتفاقيات ثنائيَّة جرى إبرامها، بقدر ما كانت نتيجة لتحرك الشبكات الاجتماعيَّة للأصدقاء والعائلات، فيما كانت النساء أكثر الوافدات من المغرب إلى بريطانيا في الثمانينات، وقد كن في الأغلب أرامل أو مطلقات أو شابات، أو عاملات نظافة، من أجل العمل وإعالة أهاليهن في المغرب، قبل أنْ يعمل في وقتٍ لاحق على إلحاق أزواج أوْ أبناء بهن في بلد الاستقبال.

وعن تاريخ الهجرة المغربيَّة إلى بريطانيا، تعرضُ الباحثة كيف أنَّ التجار المغاربة الذين هاجرُوا في القرن التاسع عشر إلى مانشتر كانُوا يشتغلُون في النسيج بفاس فراودتهم فكرة إنشاء مقاولات في بريطانيا، وبدأ تجارُ فاس إثرها في الاستقرار بمدن كلندن وليفربُول ومانشتر، حتى أنَّ ما يقاربُ اثنتي عشرة عائلة مغربية عريقة كانت تعيشُ في مانشستر، مشكلِين جالية بحوالي 150 شخصًا في العقُود الأخيرة من القرن التاسع عشر.

 

أولئك التجار سيتشتتُون بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، حين ستفضِي المنافسة اليابانيَّة إلى مزاحمة صادرات النسيج نحو المغرب، مما سيظطرون معه إلى العودة للمغرب في 1936، ويأخذُوا الجنسية الجنسية المغربية، بعد عقدين من الحصول على الاستقلال متخذِين أسماء عائليَّة بريطانية الطابع.

 

أولئك التجارُ لمْ يكونُوا جميعًا من المسلمِين فكانَ من بينهم اليهود الذين ظلت تربطهم علاقاتٌ ببريطانيا منذُ القرن الثامن عشر، لما كانتْ من صلاتٍ تجاريَّة بين تجار بريطانيين ونظرائهم من اليهود المغاربة، حيث كان يجري تبادل الأركان مقابل النسيج البريطاني، وكثيرًا ما كان يبعث التجار اليهود المغاربة بناتهم للعمل في بريطانيا داخل مصانع النسيج أوْ تعلم مهاراتٍ جديدة تتيحُ لهن فتح مقاولات، ظلت أغلبهن في بلد المهجر.

ووفقًا للأرقام الرسمية في بريطانيا، فإنَّ ببريطانيا 21 ألف و246 مهاجر من أصل مغربي، علمًا أنَّ بريطانيا لا تعتبرُ شخصًا من أصل مغربي إلَّا إنْ كان قدْ ولد في المغرب، في حين أنَّ حفيد مهاجر مغربي ولد ببريطانيا، لا يتمُّ إدراجه ضمن خانة المغاربة.

بالمقابل، يقدر المغاربة عددًا أكبر، يصلُ إلى 49 ألفًا كما هو مسجلٌ لدى قنصليَّة المغرب في 2011، فيما وصلَ عدد المغاربة الذين حصلُوا على الجنسية البريطانية منذُ 1992، 8525 شخصًا.

 

وإنْ كانَ 15 بالمائة من الطلبة الذين يحصلُون على البكالوريا في المغرب يغادرُون كل سنة نحو الخارج لمتابعة التحصيل، أغلبهم يختار في فرنسا، بالنظر إلى لاثقافة والقرب الجغرافي، فإنَّ عدد الطلبة المغاربة في بريطانيا ما فتئ يرتفع، ليلصل، كما تفيدُ ذلك أرقام "بريتيشْ كانسْلْ"، إلى 7 في المائة من مجمل الطلبة الأجانب في جامعات بريطانيَا ومعاهدهَا.

 

عن موقع هيسبريس

 

مختارات

Google+ Google+