هو نتاج صرف للمؤسسات التكوين العموميّة المغربيّة التي تلقّى بها تعليمه لـ16، لكنّ توجّهه صوب إسبانيا صقل ما راكم من معرفة حتّى يغدُو خبيرا مختصّا في الكيمياء العضويّة وباحثا ضمن مجال يقترن بالأمراض السرطانيّة ومفعول الإشعاعات بمؤسسة أكاديميّة محترمة من طينة جامعة غرناطة.
وُلد رشيد شهبون بشفشاون، لكنّه يرتبط بمدينة تطوان بفعل تنقل أسرته إليها وهو في أولى سنواته، وبـ"مدينة الحمامة" درس كافة أطوار التعليم بمؤسسات عموميّة، وبعد نيله للإجازة في الكيمياء تحصل على منحة دراسية حملته صوب إسبانيا لاستكمال التعليم العالي
حصل رشيد على شهادة الدكتوراه أواسط تسعينيات القرن الماضي، وبفعل تفوّقه نجح في انتزاع منحة جيدة تخوّل له استكمال مشوار التحصيل ما بعد الدكتوراه، ثم أتّت سنة 2000 التي شهدت توقيعه لعقد عمل هو الأول له مع جامعة غرناطَة، مموّلة من طرف الاتحاد الأوربي وتقترن باختصاص شهبون الأكاديمي في الكيمياء العضويّة.
رجوع إلى المغرب
اجتاز رشيد شهبون، في السنة الرابعة من الألفية الحالية، مباراة الولوج للاشتغال بالمدرسة الوطنية للنباتات الطبية والعطريّة بالمغرب، وبذلك فعّل هجرة معاكسة صوب الوطن في تجربة استمرّت لشهور.. ويقول عنها رشيد: "المدرسة التي صدر قرار تشغيلي بها لم تكن قد بنيت بعد، بالرغم من اجتيازي لمباراة تهمّ هذا الغرض إلى جوار آخرين.. ولذلك بقيت بالمغرب لسنة ونصف كنت أتقاضى خلالها راتبي كاملا دون عمل، حيث كنّا نسكن فيلاّ ولا انشغال لنا غير تمضية الوقت بشرب كؤوس الشاي والقهوة..".
هذه الواقعة المختلّة لم تنل من طموح شهبون الذي أفلح، رغما عن غياب المدرسة المغربية عن أرض الواقع، في استقطاب تمويلَين لمشروعين اثنين من ميزانية جهة إقليم الأندلس الإسباني.. "تمّ تمويل تجهيزات أدخلتها أنا إلى المغرب، لكن الإشكال الحقيقي كان في أستاذ مشرف علينا كان يرغب في إبقائنا ضمن الوضع الحالي في انتظار تسميته مديرا على المدرسة الوطنية للنباتات الطبية والعطرية التي كانت بعيدة عن التشييد أنذاك.. ومع استمرار الاختلال عاودت حزم حقائبي وقصدت إسبانيا من جديد".
مسار جديد بإسبانيا
لم يكن رشيد، طيلة مقامه بالمغرب، منقطعا عن المسؤولين بجامعة غرناطة التي مارس بها، محتفظا بذات الثقة التي بناها طيلة سنين.. ورغما عن تخليه عن موقعه بمصلحة الكيمياء العضوية بجامعة غرناطة إلاّ أن عودته نحو الأندلس من جديد عرفت اشتغاله بذات المؤسسة الجامعية ضمن مصلحة الفحوصات بالأشعّة، حيث استمر ذلك لعامين قبل خوضه مباراة نجح فيها للالتحاق بمنصبه الأصلي.
"عام 2011 عدت للاشتغال بمصلحة الكيمياء العضوية في جامعة غرناطة، ويوازي ذلك عملي مشرفا على مصلحة الإشعاعات وتأثيراتها على الصحّة.. ولحدّ الآن راكمت 14 من التدريس الأكاديمي بغرناطة، زيادة على 62 من المنشورات العلميّة في منابر دولية مختصّة، واسمي مقترن بـ12 براءة اختراع، إحداها هي في طريقها نحو المستهلكين مع شركة كبيرة مستقرة بالأنلس" يضيف رشيد شهبون.
ويركّز ذات الخبير المغربي على الاستغلال الصناعي لمكوّن من زيت الزيتون، كاشفا بأن إنتاجه قد تمّ على إثر أبحاث معقّدة وأن بيعه للمختصين هو في طور الإنجاز.. إذ دقق شهبون في فعالية نفس العنصر ضدّ الأكسدة، رابطا بينها وبين الأمراض السرطانية وكذا تحسين أوضاع البشرة.
ارتياح وطموح
يقرّ رشيد شهبون بمراكمته للارتياح من تجربته التي امتدّت على ضفتي البحر الأبيض المتوسّط، خاصّة وأنّها غطّته بالاحترام والتقدير.. ويورد بخصوص هذا: "ليس ذلك سهلا على أجنبي قادم من المغرب، ولا أن يهمّ الأكاديميّين والطلبة على حدّ سواء.. إذ أعتبر نفسي من المغاربة القاطنين بالخارج الذين خلقوا التوازن في سمعة البلد بالابتعاد عن النمطيّة.. وأنا فخور بانتمائي وبما حققته حتى الآن".
ويفتخر رشيد شهبون أيضا بتعاملاته مع عدد من الجامعات المغربيّة، بمدن تطوان والمحمدية ومراكش وفاس، كمشرف على أطروحات لـ7 طلبة قادمين من هذه المؤسسات الجامعيّة بناء على تنسيق في البحث العلمي يلمّها مع جامعة غرناطة في مجال الكيمياء، كما يحس بانتشاء في كلّ مرّة يتحرّك نحو المغرب لحضور مناقشة أحد هؤلاء الطلبة للبحث الذي أنجز تحت إشرافه.
ويراهن رشيد شهبون على المستقبل من أجل تحسين مستواه الاكاديمي وتوسيع أبحاثه، زيادة على الرفع من مستوى مساعدته لعموم الطلبة، خاصة المغاربة، في إنهاء أبحاثهم بالصورة الجيدة التي ينبغي أن يكون عليها هذا العمل.. ويرى أنّ "العمل بجد، ووضوح الأفكار، عاملان مهمّان ينبغي أن يتوفرا بكل راغب في النجاح كي يحقق آماله بالتألّق أكاديميا".