تزامنا مع اليوم الوطني للمهاجر، الذي يحتفي به المغرب سنويا يوم 10 من شهر غشت، يستعد المغاربة ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر للإعلان عن تأسيس ائتلاف حقوقي يضم مختلف الجمعيات المعنية بهذا الملف، ليكون بمثابة كيان توحيدي يحمل مشعل الدفاع عن حقوقهم ويدفع في اتجاه تطوير أساليب الضغط للتمكن من جبر الضرر المادي والمعنوي للضحايا ومتابعة ومحاكمة المسؤولين عن ممارسة الطرد التعسفي في حق أكثر من 45 ألف أسرة سنة 1975، وسلب ممتلكاتهم ظلما وعدوانا دون أدنى اعتبار إنساني أو قانوني.
وأكد حميد العاطي الله، عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر التأسيسي لهذا التنظيم الجديد، في اتصال هاتفي أجرته معه جريدة بيان اليوم، «أنه تم اختيار يومه السبت لعقد اجتماع للجنة التحضيرية بالرباط تزامنا مع اليوم الوطني للمهاجر، والذي من المقرر أن يحضره ممثلو مختلف جمعيات الدفاع عن ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر»، موضحا أن مبادرة تأسيس هذا «الائتلاف الحقوقي الديمقراطي المستقل أملتها ظروف وأوضاع ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر، وهي تروم تنسيق وتوحيد جهود مختلف الجمعيات المعنية بالدفاع عن هذا الملف، وتبني إستراتيجية موحدة تمكن من استغلال الآليات الكفيلة بتمكين رد الاعتبار للضحايا وجبر الضرر الذي لحق بهم، واسترجاع ممتلكاتهم ومساءلة ومتابعة المسؤولين عن تلك الجرائم طبقا لما تنص عليه القوانين والاتفاقات والعهود الدولية».
وأفاد عضو اللجنة التحضيرية، في حديثه للجريدة، أن «مختلف الجمعيات المعنية بالدفاع عن ملف المغاربة ضحايا الترحيل التعسفي القسري من الجزائر، والتي توجد مقراتها بمدن الرباط، ومكناس والناظور، وكذا جمعية المغاربة المطرودين من الجزائر التي يوجد مقرها بالعاصمة الفرنسية باريس، قامت كلها بدور فعال على مستوى التحسيس ونفض الغبار عن القضية والتعريف بها وطنيا ودوليا».
وأثار حميد العاطي الله مشكل غياب رؤية وإستراتيجية موحدة وتأثير ذلك سلبيا على مبادرات تقديم القضية للرأي العام الوطني والدولي، معتبرا أن أعضاء الهيئات السالف ذكرها «حصل لديهم اقتناع أن التحرك الوحدوي رهين بالدفع بالقضية والدفاع عنها، وخاصة تمثيلها أمام المؤسسات الحكومية وطنيا أو أمام المحافل الدولية».
ويرمي الائتلاف، المزمع إحداثه يومه السبت، الدفع في اتجاه تمكين الضحايا من إسماع صوتهم والعمل على تحقيق نتائج ملموسة سواء على مستوى المساعي التي يتم القيام بها اتجاه الحكومة المغربية، أو اتجاه السلطات الجزائرية التي تجاهلت بشكل فج هذا الملف وحاولت إقباره من خلال محاولة إصدار قرار ضمن قانون ماليتها لعام 2010 يقضي بإلحاق ممتلكات المغاربة بأملاك الدولة الجزائرية».
وتضم اللجنة التحضيرية لهذا الائتلاف أعضاء من الجمعيات المعنية بالملف العاملة على المستوى الوطني وأخرى توجد ببلدان أوروبية، فضلا عن عدد من الفعاليات الوطنية المهتمة بمجال حقوق الإنسان، عملت طيلة الأيام الماضية على إطلاق مشاورات من أجل تنظيم هذا الاجتماع التأسيسي للائتلاف الحقوقي لضحايا الطرد التعسفي من الجزائر.
وسيصبح هذا الائتلاف، وفق التوضيحات التي قدمها حميد العاطي الله للجريدة، المخاطب الرسمي الوحيد والمسؤول عن الدفاع والترافع بشأن ملف الضحايا، وسيسعى إلى الاستفادة من الأخطاء والتجارب السابقة وتدعيم مهارات وقدرات مكوناته في الترافع والعمل التشاركي الوحدوي، كما يروم أيضا إلى خلق روابط التواصل وتعزيز الوحدة بين مؤسسات وهيئات المجتمع المدني بالبلدان المغاربية.
وأوضح المتحدث أن النهج الذي سيتبناه الائتلاف الجديد سيعتمد الشراكة أساسا والفعالية والنجاعة طريقا والخطاب الموحد المسؤول أمام المؤسسات والمنظمات الحقوقية الرسمية وغير الرسمية الوطنية والدولية لتجديد التعريف بالقضية لدى جميع الجهات والسلطات الوطنية والدولية التي من شأنها أن تساعد في حلحلة الملف، والدفع في اتجاه الضغط على سلطات الجزائر لجبر ضرر الضحايا المغاربة المطرودين بشكل جماعي وتعسفي، والعمل على إنصافهم عبر تمكينهم من الحصول على حقوقهم المشروعة، وفتح صفحة جديدة عنوانها الرئيسي الإنصاف ومحاسبة مقترفي جريمة الطرد الجماعي التعسفي التي تعد جريمة ضد الإنسانية".
يذكر أن مأساة المغاربة ضحايا الترحيل القسري من الجزائر تعود إلى عيد الأضحى من سنة 1975، حين أقدمت السلطات الجزائرية على اقتراف جريمة الطرد الجماعي التعسفي لنساء، وأطفال، وشيوخ وشباب وكهول، لا لشيء سوى لأنهم مغاربة، وذلك بالرغم من أنهم كانوا يقيمون بشكل قانوني فوق التراب الجزائري.