الأربعاء، 03 يوليوز 2024 08:44

رشيد الحور.. مغربيّ تَاه قبل التميّز في أبحاث التاريخ بإسبانيا

الأربعاء, 13 غشت 2014

استقبلت الدنيا رشيد الحور بمدينة القصر الكبير خلال العام 1968، وهو سليل أسرة منحدرة من الريف تلقّى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانويّ بذات التجمّع العمرانيّ الذي رأى به النور، مختارا لنفسه، ما بعد نيل شهادة الباكلوريا، أن يتخصّص في التّاريخ خلال الدراسة الجامعيّة التي خاض غمارها، لـ4 سنين، بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، ثمّ قرر البصم على هجرة نحو إسبانيا لمواصلة تكوينه في ذات المجال الذي سبا لبّه.

خيار الهجرة

حين تحصل الحور على الإجازة في التاريخ بالمغرب، شرع في التفكير ضمن الخطوات المستقبلية التي سيبصم عليها من أجل التعمّق في دراسة هذا التخصص، وقد كان ذلك ضمن ثاني سنوات عقد التسعينيات من القرن الماضي.. إذ استجمع وثائقه التي تمكّنه من قصد مؤسسات تكوين بالخارج، مركّزا في بادئ الأمر على المؤسسات الفرنسيّة، لكنّ صعوبات لاقاها في نيل تسجيل بإحدى الجامعات جعلته يعدّل من وجهته لقصد مدريد.

ويقول رشيد: "ترجمت نفس الوثائق للاسبانية من أجل الهجرة نحو بلد لا أتقن لغته، وقد حضيت بقبول لمواصلة دراستي بمدريد ونجحت في تخطّي البحر الأبيض المتوسّط.. وقد ساعدني تأجيل اختبارات اللغة إلى متمّ السنة الأولى من تحصيلي بمدريد، حيث عملت على استغلال الشهور الممتدّة أمامي من أجل إتقان هذا اللسان الذي لم أكن أضبط الحديث به".

الدبلومات المغربيّة

بعد أن شرع رشيد الحور في التقدّم نحو نيل شهادة الدكتوراه بالعاصمة الإسبانية وجد إشكالا إداريا تمثل أمامه في عدم اعتراف وزارة تعليم البلد بالشواهد التي استقدمها من المغرب، ما اضطرّه للدراسة مع انتظار 7 سنوات كاملة حتّى يحضى بشهادة معادلة لدبلوماته تجعلها كنظيرتها الإسبانيّة، وقد أطال من مدّة انتظاره إقدامُه، بادئ الأمر، على المطالبة بمعادلة تهمّ الدراسة في تخصص الدراسات العربيّة، لكنّ تعديله الاتجاه صوب التّاريخ مكّنه مما أراد.

ذات المغربيّ تحصّل، خلال دراسته بالديار الإسبانيّة على إجازة ثانية في التاريخ من مدريد، كما أن معادلة شواهده غيرت من نوعية الدكتوراه التي نالها حتّى يقبل على سوق العمل في إسبانيا.. وهذا شق من التحديات التي لاقت رشيد الحور ونجح في تخطيها، تماما كما تخطّى الصعوبات المالية التي رافقت إقدامه على التكوين الأكاديميّ دون التوفر على منحَة في بداية مساره وسط المهجر.

"كجميع الطلبة المغاربة الذين كانوا لا يتوفرون على منحة، كان من الصعب عليّ أن أدرس بسهولة، لكن حسن حظي مكنني من منحة جعلتني أستفيد منها وزارة الخارجية الاسبانية، وهي التي ساعدتني بأن كان لها دور كبير لإنجاز مساري في الدكتوراه التي تحصلت عليها في الدراسات الإسلامية واشتغالي على تاريخ المؤسسات القضائية المرابطية في إسبانيا" يورد رشيد.

هجرة "مضَاعَفة"

بعد تخرّجه، عمل الحور على حزم حقائبه والعودة إلى المغرب من أجل اجتياز مبارتين للتوظيف، وقد كانت إحداها بشأن منصب مالي بمعهد الدراسات الإفريقيّة بالرباط.. ويقول عنها الأكاديمي المغربي: "لديّ كل الوثائق المتبثة لنجاحي، من بينها إعلان اسمي ضمن لائحة النتائج، لكني لم أتحصل على هذه الوظيفة بعدما رفض وزير التعليم العالي، وقتها، التوقيع على تمرير منصبي المالي.. ولا أعرف لماذا تمّ ذلك سنة 1999.. لقد أثر عليّ هذا الأمر بمعية عائلتي، ولو كنت قد بقيت في إسبانيا لتحصلت على عمل بسلاسة".

عاود رشيد الحور، عقب ما جرى، لمّ أغراضه ليعود إلى إسبانيا التي بقي بها عاطلا لقرابة 3 سنوات اشتغل خلالها بعدد من المهن لأوقات متقطّعة.. لكنّ العام الثاني من الألفية الجارية شهد نجاحه في مباراة لشغل منصب أستاذ مساعد بجامعة سَالاَمَـانكَا، وبعد أن قضى في ذات المنصب 36 شهرا اجتاز مبارة افلحت في تحسين وضعه المالي والإداري بشكل كبير.

"منذ 2005 حتى 2009 شغلت منصبا جيدا ، وبحلول سنة 2009 صرت موظف دولة، وأموري جيدة جدّا حاليا بعد هذا المسار الطويل وسط المحنة.. لقد عرف العام 2010 اعتراف وزارة التعليم الإسبانية بجميع الأبحاث العلمية التي أنجزتها في مجال التاريخ، والترقيات التي يتحصل عليها الأكاديميون ضمن عقود نلتها خلال سنتين فقط، وقد اجتزت 9 مباريات وطنيّة هنا من أجل ذلك" يردف ابن القصر الكبير المستقر بمدريد.

انشغالات مهنيّة

يعمل رشيد الحور بمدريد أستاذا للتعليم العالي مختصا في تدريس العلاقات الدولية للإسلام مع الدول الأوروبيّة، إضافة للغة العربيّة في وسائل الإعلام، ويركزّ أيضا على تاريخ المؤسسات القضائية والقانون الإسلامي.. إذ يعتبر الآن من قليل المتخصصين في هذا المجال الأخير بكل إسبانيا، حائزا على اعتراف وطنيّ وإقليمي ودولي بما أنجزه في التنقيب ضمن تاريخ المؤسسات القضائية الإسلاميّة، ومتحصلا على تسميته "مرجعا" ضمن المجال.

وزارة الاقتصاد الإسبانيّة قبلت تمويل بحث لرشيد الحور، امتدّ على 4 سنوات، من أجل التمحيص في تاريخ الأولياء بالمغرب، وتحديدا بمنطقة القصر الكبير.. ويورد رشيد أن هذه الدراسة يمكن أن تكتسي أهميّة لاقترانها بالهوية المغربيّة، ونساء المغرب والقصر الكبير على وجه التحديد.

ويرأس الحور، الآن، شعبة الدراسات العربية الإسلاميّة بجامعة سَالاَمَانكَا، كما يشتغل بالمركز الوطني الإسباني للبحث العلميّ بناء على عقدة تمتدّ لـ8 سنوات.. مستفيدا في تموقعه المهنيّ من جودة المنشورات الأكاديميّة التي بصم عليها، وما يزال، ومعلنا أنّ مستقبله يبقى دوما رهينا بالجد في تحسين المستوى الأكاديمي وإنتاج الأبحاث.

عن موقع هسبريس

 

مختارات

Google+ Google+