تضم ألمانيا -كبلد للهجرة- العديد من الأقليات والثقافات. وتقدر الإحصاءات الرسمية أن 20 في المئة من سكان ألمانيا ينحدرون من أصول مهاجرة. إنها وضعية ليست سهلة، خاصة في ظل مناخ جيو سياسي متأزم، غالبا ما ينعكس على مجتمع الاستقبال.
ونظرا إلى هذا التنوع الذي تشهده البلاد، وانطلاقا من مبدأ خلق إطار للتعايش بين المختلفين دينيا وعرقيا ومذهبيا، أسس المتحف اليهودي في العاصمة الألمانية منتدى للحوار اليهودي-الإسلامي، شمل أمسية موسيقية جمعت بين المغنية التركية اليهودية هاداس بال ياردن والمغني الجزائري الألماني مومو دجاندر.
وفي هذا الإطار ترى كيلي كوغلمان المشرفة على التنظيم في المتحف اليهودي في برلين، أنه “في كل مجتمعات الهجرة، لا يكون التواصل بين الأقليات الإثنية متينا. وأحيانا يصل الأمر إلى حد الصراع، وانطلاقا من هذه الخلفية، أقدم المتحف اليهودي في العاصمة الألمانية على تأسيس مبادرته هذه”.
وعن هذه المبادرة تضيف كوغلمان قائلة: “عندما فكرنا، قبل سنتين، في توسيع برنامج فعالياتنا، اتفقنا على الانكباب على محورين مهمين. يهتم الأول بتبعات الهجرة في ألمانيا، في حين يتعلق الثاني، بتأسيس منتدى للنقاش بين اليهود والمسلمين، يركز على قضايا عميقة تتقاطع فيها القضايا الفلسفية واللاهوتية للوقوف على القضايا المشتركة بين الديانتين”.
الرأي نفسه تتقاسمه معها رفيقة يونس، الشابة المسلمة والباحثة في الأكاديمية التابعة للمتحف اليهودي، حيث تقول: “يتجلى الهدف من جهة، في خلق أرضية مشتركة بين اليهود والمسلمين للتعارف وتبادل الآراء في أفق تمتين التشبيك وإعطاء دفعة جديدة لدعم التعاون بيننا في المستقبل، وتعزيز تعددية المجتمع وتنوع الثقافات من جهة أخرى”.
كما أشادت رفيقة بعدد من الفعاليات، خاصة في برلين والتي تبذل مجهودا “استثنائيا للتخفيف من الاستياء السائد لدى الجاليتين اليهودية والمسلمة في ألمانيا”. حيث قالت: إنّ “هناك العديد من المبادرات إبان الحرب على غزة التي عملت على تقوية هذا الشعور، والمتعلق أساسا بمحاولة فصل الدين عن السياسة. ومن جهتنا نعمل على تعزيز هذا الاتجاه من أجل تعايش مشترك وسلمي بين الطرفين”.
من جهتها، حاولت ياسمين شومان المشرفة على برنامج الهجرة والتعدد بأكاديمية المتحف اليهودي، الإجابة على سؤال يتعلق بمدى سهولة إيجاد طريق مشترك بين المسلمين واليهود في ألمانيا، خاصة وأن الصراع في الشرق الأوسط يلقي بظلاله على التعايش المشترك في عدد من مناطق العالم الأخرى، حيث قالت: “أعتقد أنه من الضروري أن نضع الصراع في الشرق الأوسط جانبا وأن نركز على المواضيع التي تهم اليهود والمسلمين في ألمانيا بشكل مشترك، وذلك من أجل كسب الثقة بيننا وبعدها يمكن أن ننكب على القضايا الشائكـة”..