مْ تثن الأزمة في أوكرانيا، كثيرًا من الطلبة المغاربة عنْ متابعة دراستهم في البلاد، رغم التهديدات القائمة، وإنْ كان عددٌ منهم قدْ أقفلُوا راجعِين إلى المملكة، نزُولاً عندَ رغبة آباء حرصُوا على سلامة الأبناء، أكثرَ منْ حرصُوا على ألَّا تضيعَ سنواتٌ من التحصيل هبَاءً، بالرغم من كون المدن الجامعية في البلاد بعيدَةً عن القلاقل.
"صحيحٌ أنَّ حمم الصراع بين الانفصاليِّين والجيش الأوكرانِي لا تصلُ إلى هنا في مدينة "دنيبرُوبيتروفسك"، القريبة من مناطق النزاع، إلا أنَّ كلًّا منا استشعر التبعات، بتكلفة المعيشة ارتفعتْ بصورة ملحوظة بعد 2012، سواء تعلق الأمر بالغذاء أوْ إيجار البيُوت أو الغاز، في الوقت الذِي كانَ طلبةٌ مغاربة قدْ اختارُوا أوكرانيا لكون المصاريف بها أقل من نظيرتها في دول بأوروبا الغربية"، يقُول الطالب المغربي، عصام بوحمانِي.
صورة الشهادة الأوكرانية
عصام الذِي يتابعُ دراسته في السنة الثانية منْ طبِّ الأسنان، بعدما قضَى عامًا كاملًا في دراسة اللغة، يقُول إنه جاء قبل بدء الأزمة، فلمْ يكن ليضيع بعد ذلك ما كان قدْ بدأ "مع كلِّ هذه المعاناة ثمَّة منْ يقول في المغرب إنَّ طلبة أوكرانيا يختارون البلاد كيْ ينجحُوا بأقلِّ مجهود"، يستطردُ المحدث قائلًا إن في الشهر الماضي فقطْ تمَّ فصلُ سبعة مغاربة بسبب إخفاقهم في مادَّة "الأنتوميَا"، وعدم إظهارهم جديَّة في التحصيل".
بيدَ أنَّ للتكوين في أوكرانيا نقاطهُ الإيجابيَّة أيضًا، بحسب عصام، حيثُ إنَّ الفصل لا يضمُّ سوى عشرة طلبة، الأمر الذِي يتيحُ لهم التواصل أكثر مع الأستاذ، بخلافٍ المغرب الذِي يرتفعُ فيه العدد "حتى وإنْ كنَّا نبذلُ جهدًا مضاعفًا، بالنظر إلى دراستنا مع الرُّوس في فصلٍ واحد".
لمْ نرض العودة بخفي حنين
أمَّا عبد الحمِيد بوخريصِي، الذِي تخرجَ سنة 2014 من جامعة زباروجِي الوطنيَّة للطب والصيدلة في أوكرانيا، ويتابعُ حاليًّا دراسة التخصص في الجراحة الباطنية بالبلاد، حيثُ وصل عامه الثامن فيقُول لهسبريس "بعد الثورة أحسسنا نوعا من الانفلات الأمني، بالرغم من كون زباروجِي كانت نسبيًا بدون مشاكل، ما عدا بعض المظاهرات الموالية لروسيا، وأخرى مؤيدة لأوكرانيا".
"الأثر النفسيُّ كان بالغًا، ولا نتوقفُ عن التفكير فيما يمكنُ أنْ يؤُول إليه الوضع بالبلاد، مستقبلا، ومن الطلبة المغاربة من أرغمهم آباؤهم على أنْ يتركُوا كلَّ شيء ويعودُوا إلى المغرب، من باب الحذر". كنتُ مقبلًا على التخرج لما اشتعلت الأزمة، ولمْ أستطع أنْ أفكر في العودة بخفي حنين، وإنْ عاش والداي في رعبٍ حقيقي".
في تلك الأثناء، غادر بعض الطلبة المغاربة بحسب بوخريصي، الذِي ينوبُ عن رئيس الجمعية المغربية للصداقة والتعاون بفرع زباروجِي، مدنًا طالها الاضطراب إلى أخرى آمنة، مع احتساب السنوات التي سبقَ لهم أنْ تابعُوا تكوينهم فيها "ثمة مقاولون تركُوا بيوتهم ومشاريعهم".
وعن النحو الذي تعاملت به السفارة المغربيَّة في كييف مع الطلبة في الأوقات الحرجة يقُول بوخريصِي "لمْ يولونا أيَّ اهتمام بتاتًا، وبالرغم إدراكهم مع بدء الأزمة أن الوضع سيسُوء، لم يبادرُوا إلى وضع برنامج لترحيل الطلبة المغاربة ممنْ يرغبُون في ذلك، ولا همْ سطرُوا خطَّة للمساعدَة، تلك الخطوات كانت ستمطئنُ الطلبة هنا، وتؤكدُ لهم أنَّ البلاد حريصة على أمنهم".
عشرات المغاربة مهددُون بالطرد
أمَّا الطالبة المغربيَّة، يسرا آيت الطالب، فتحكِي بمرارة عنْ مشكل يكابدهُ اليوم نحو ثلاثين طالبًا مغربيًّا في أوكرانيا دون مساندة، حيثُ دفع مجموعة منهم أقساط الدراسة في البنك، بيدَ أنَّ إفلاس البنك حال دون أنْ تحصل الجامعة على واجباتها، فما كانَ للجامعة سوى أنْ تطلب من الطلبة الدفع ثانية أوْ عدم التمكِين منْ التكوين.
سارة التي تتابعُ دراستها في الطب للسنة الثالثة تقول بحسرة في حديث لهسبريس إنَّ بعض الطلبة دفعُوا نحو 1250 دولارا، للدورة الواحدة، وباتُوا مطالبِين اليوم بالدفع مرَّة "كنَّا قدْ دفعنا ما علينا، فإذا بالإدارة تتصلُ بنا في السادس والعشرين من فبراير الماضي، مخبرة أنها لم تتوصل بالأقساط، أخبرناهم أننا بعثنا بها، فشرحُوا المشكل، واقترحُوا أنْ يسهلُوا المسألة بالدفع شهريًّا، عوض التسديد دفعة واحدة".
ويجد الطلبة المغاربة الثلاثُون اليوم أنفسهم مهددِين بالطرد في حال لمْ يدفعُوا مرَّة ثانية، "نحنُ نريدُ تدخلًا من المصالح الديبلوماسيَّة المغربيَّة في أوكرانيا، لأنَّ لا أحد يساندنَا في هذَا الملف"، لقدْ تدبر بعضُ الطلبة الأقساط بمشقة الأنفس، وليسُوا جميعًا من الميسُورين حتى يدفعُوا ثانية..لقدْ بات مستقبلنا مهددًا"، تقول سارة بحنق، عن طلبة لمْ تقف الحربُ حجرة عثرة أمام طلبهم العلم.