كيف تطرح قضية الهجرة في وسائل الإعلام الغربية؟ هذا السؤال حاولت الرد عليه دراسة أعدتها المنظمة الدولية للهجرة ونشرت في العاصمة البلجيكية بروكسل.
أوضحت الدراسة أن جزءا من الإعلام لا يتردد في نشر صورة سلبية عن المهاجرين ودورهم في المجتمع الذي يعيشون فيه، عبر التركيز على بعض الجوانب التي تشكل -بالنسبة لهذا الإعلام- نقاطا سلبية تخص المهاجرين، ومن بينها ارتفاع نسب البطالة بينهم وتزايد معدلات الجريمة التي يجدون أنفسهم متهمين بها، وانخفاض نسب التعليم في صفوفهم، وظهور مشاكل تتعلق بالاندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها.
وأضافت أنه عندما تقع مآسي كالتي راح ضحيتها الأسبوع الماضي أكثر من ثمانمائة مهاجر غرقا في البحر، تصبح التغطية الإعلامية مهمة لإعلام الرأي العام بحقيقة معاناة هؤلاء المهاجرين في بلدانهم وفي البلدان التي يتمنون الوصول إليها.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال المسؤول في المنظمة الدولية للهجرة باسكال رايتيانس، إن التغطية الإعلامية للكوارث -مثل كارثة غرق المهاجرين- معقدة، إذ ينشر الإعلام وقائع كما ينشر خطابات سياسية تهمش وتقصي المهاجرين وتتغاضى عن الكثير من الحقائق حول الهجرة، مؤكدا أنها مسألة معقدة يجب طرحها بشدة للنقاش مع مختلف وسائل الإعلام لتذكيرها بدورها التربوي، على حد قوله.
وأضاف أن تشبيه بعض الساسة وجزء من الإعلام للمهاجرين بالغزاة مثلا، يخلق الانطباع لدى الكثيرين بأن هؤلاء المهاجرين جاؤوا فقط للاستفادة من كرم البلدان المضيفة، معتبرا أن هذا الطرح الإعلامي قد يساهم في تنامي العنصرية والتمييز ضد المهاجرين.
وأشار رايتيانس إلى أنه من خلال رصد مختلف وسائل الإعلام، فإنها قليلا ما تركز مثلا على الجوانب الإيجابية للهجرة، خاصة المهارات التي يمتلكها المهاجرون والتي قد تحتاج إليها الدول المستقبلة.
حملات توعية
وأطلقت المنظمة الدولية للهجرة حملات عالمية حول مساهمة المهاجرين في النمو الاقتصادي والثراء الفكري والثقافي في المجتمعات. ونشرت صورا إيجابية وتقاريرا مصحوبة بإحصائيات تبين مساهمات المهاجرين ودورهم الإيجابي في المجتمع، بهدف تغيير نظرة الآخرين لهم وتيسير عمليات اندماجهم، وأيضا مساعدة حكومة الدول التي تستقبلهم على جني المساهمات الإيجابية للهجرة الدولية.
ويضم قانون المنظمة اعترافا صريحا ينص على الصلة الوثيقة بين الهجرة والنمو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، إضافة إلى الحق في حرية التنقل للأشخاص.
ويقول رايتيانس إن "من ضمن الحلول التي نطرحها لحل جزء من مشاكل المهاجرين، هي فتح الحدود لهم بطرق قانونية وشرعية وكذلك مواصلة إنقاذ الضحايا، إضافة إلى مساعدة الإعلام على إيجاد طرح موضوعي لملف الهجرة من خلال وسائل الإعلام بأدوات لتغطياتهم الإعلامية من تقارير وإحصائيات تؤكد على الجانب الإيجابي للهجرة ودور المهاجرين في النمو الاقتصادي والثراء الثقافي في المجتمع".
واعتبر أنه بتلك الطريقة "يمكن التصدي للمغالطات السياسية والإعلامية"، لأن تغيير نظرة الإعلام للمهاجرين سيساهم في موقف المواطنين من هذا الملف الشائك.
من جهته، يرى الخبير في شؤون الهجرة كزافييه بريك -في حديثه للجزيرة نت- ضرورة العمل على تذكير وسائل الإعلام والسياسيين، بأن المآسي المتكررة ليست نتيجة نكبات فقط وإنما هي عواقب لخيارات سياسية شرعت من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وأضاف أن الخطب التي تحاول أن تنسب أسباب هذه المآسي حصرا إلى المهربين هي بالتأكيد تحاول التغاضي عن الأسباب الحقيقة مما يجعل هذه المآسي ممكنة التكرار، بحسب قوله، مضيفا أن على الإعلام والسياسيين تقديم تفسير حقيقي للمواطنين حول أسباب هذه المآسي بدل اللعب على أوتار الشعوبية لربح الأصوات أو القراء، وشدد على ذلك بقوله إن "الأمر يتعلق بحياة أشخاص وبمستقبل شعوب بأكملها".
كيف تطرح قضية الهجرة في وسائل الإعلام الغربية؟ هذا السؤال حاولت الرد عليه دراسة أعدتها المنظمة الدولية للهجرة ونشرت في العاصمة البلجيكية بروكسل.