دعا المشاركون في اللقاء الوطني الأول للمثقفين والمهنيين من أصل مغربي في إسبانيا، الذي انطلقت أشغاله اليوم الجمعة بمدريد، إلى انخراط أكبر للمثقفين المغاربة في اندماج الجالية المغربية في المجتمع الإسباني.
وأكد المشاركون في هذا اللقاء، الذي تنظمه جمعية المثقفين والمهنيين من أصل مغربي بإسبانيا ومجلس الجالية المغربية بالخارج، على الدور المحوري للكفاءات المغربية من مختلف المشارب، في تحقيق هذا الاندماج، وجعل أفراد الجالية رقما أساسيا في معادلة التنمية ببلدان المهجر وبلدهم الأم.
وفي هذا السياق، شدد القنصل العام للمغرب بمدريد، طارق الوجري، في افتتاح هذا اللقاء، على أهمية مثل هذه اللقاءات في حضور ومشاركة المغاربة في الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية بإسبانيا، مبرزا أهمية مساهمة المفكرين والمثقفين في تعزيز العلاقات بين المغرب وإسبانيا في مختلف المجالات.
من جهته، حث رئيس جمعية المثقفين والمهنيين من أصل مغربي بإسبانيا، الحسن بلعربي، المثقفين من أصل مغربي على المشاركة في إدماج أفراد الجالية المغربية في الحياة الثقافية والاجتماعية لبلدان الإقامة، مبرزا أهمية الفنون والثقافة في خلق فضاء للسلم والتعايش بين مختلف الثقافات.
أما ممثل مجلس الجالية المغربية في الخارج، أحمد سراج، فدعا المثقفين المغاربة للمشاركة، كل من موقعه، في إقامة جسور التواصل بين المغرب وبلدان الإقامة، دون نسيان المساهمة في تطوير البلد الأم، مشيرا إلى الاهتمام الذي يوليه المجلس للتوصيات التي ستتمخض عن هذا اللقاء.
وبدوره شجع المستشار السياسي لسفارة المغرب بمدريد، العطار بوطالب، أعضاء جمعية المثقفين والمهنيين من أصل مغربي بإسبانيا على الحفاظ على روح هذه الأرضية ذات التوجه الثقافي وتحويله إلى نموذج بالنسبة لبقية أفراد الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا.
وفي سياق متصل أشار بيدرو بوفيل، رئيس نادي أصدقاء المغرب، إلى أن المغرب وإسبانيا محكوم عليهما بالتفاهم والتعاون في كل المجالات، على أساس التسامح والاحترام والحرية، وهي ثلاث قيم مشتركة بينهما، مبرزا أن التاريخ المغربي الإسباني المشترك قدم مثالا يحتذى في قبول الآخر.
وتميز اليوم الأول من هذا اللقاء بتنظيم المائدة المستديرة الأولى حول موضوع "قيمة المثقفين في الفضاء الإسباني المغربي"، والتي شدد المتدخلون خلالها على أهمية حضور المثقف في الحوار والتعايش، داعين إلى مشاركة أكبر للكفاءات المغربية في الخارج في الحياة السياسية بإسبانيا.
وأبرز أستاذ العلوم السياسية بجامعة غرناطة، خوان مونتابيس، في هذا الصدد، الحاجة لمعرفة واقع المغرب وإسبانيا، بعيدا عن الأفكار الجاهزة، لتحسين التفاهم المتبادل وإنهاء الصور النمطية الموجودة في الثقافات الشعبية بالبلدين، مشيرا إلى أن مراكز البحوث الإسبانية باتت تهتم أكثر فأكثر بالمغرب.
أما أستاذ التحليل الجغرافي والإقليمي بجامعة ألميرية، أندريس غارسيا لوركا، فدعا الكفاءات الإسبانية والمغربية لدراسة التاريخ المشترك بين البلدين الجارين لتقديم رؤية محايدة وصادقة عن "الآخر"، مشيرا إلى أن هذا الأرضية قادرة على أن تكون بمثابة آلية للتقريب بين مثقفي ضفتي البحر الأبيض المتوسط. وفي مداخلة بالمناسبة، شدد رئيس مؤسسة ابن بطوطة، محمد الشايب، الذي أكد على المعرفة كعنصر للوحدة بين مختلف الثقافات، على ضرورة تجاوز مفهوم الهجرة والتلاؤم مع مفهوم المواطن، مضيفا أنه السبيل الوحيد لضمان إدماج تام ومشاركة فعالة للجالية المغربية باسبانيا في مجتمع بلد الاستقبال. وتشارك في هذا اللقاء، الذي ينظم على مدى يومين تحت شعار "نحو توطيد فضاء مشترك"، مجموعة من الكفاءات المغربية من مختلف المشارب، تضم علماء وخبراء في الاقتصاد وباحثين وجامعيين ومقاولين وجمعويين وصحافيين وفنانين قدموا من إسبانيا، وأيضا من بلجيكا والسويد وفرنسا والمغرب.
وبحسب المنظمين فإن هذه التظاهرة تهدف إلى مناقشة الموضوعات المتعلقة بمساهمة الكفاءات المغربية في الفضاء الإسباني المغربي في مجالات التنمية والتواصل والتعايش معا، وإشراك الجيل الثاني في هذا المسلسل التنموي، والريادة المقاولاتية.
كما تميز هذا اللقاء الوطني الأول للكفاءات المغربية بتنظيم مائدة مستديرة أخرى حول موضوع "الجيل الثاني والريادات"، شكل مناسبة للمشاركين فيها لتقديم لمحة عامة عن تاريخ الهجرة المغربية في اسبانيا.
وأشاروا إلى أن وضع الجيل الثاني من المغاربة المقيم بإسبانيا يتطلب تقديم أجوبة محددة تأخذ بعين الاعتبار الظرفية والواقع الاقتصادي والاجتماعي بهذا البلد الأيبيري، التي تتميز بمجموعة من العوامل، منها على الخصوص الأزمة الاقتصادية التي ضربت هذا البلد منذ سنة 2008، والتي أثرت بشدة على أفراد الجالية المغربية.
وفي المحور الخاص بالاقتصاد، الذي تمت إثارته خلال مائدة مستديرة ضمن فعاليات هذا اللقاء، الأول الذي يعقد بإسبانيا، حول موضوع "رجال الأعمال المغاربة في إسبانيا وتحديات الازدواجية"، أبرز المشاركون عوامل النجاح في مجال الأعمال بهذا البلد الأوروبي، محذرين من العراقيل التي تعترض رجال الأعمال المغاربة الذين قرروا الاستثمار في مختلف قطاعات الاقتصاد الإسباني.
كما شددوا، بهذه المناسبة، على أنه يتعين على رجال الأعمال المغاربة المساهمة في تطوير اقتصاديات بلد الاستقبال وكذا المغرب، الذي يعتبر سوقا واعدة ومفتوح على القارة الأفريقية.
وتوج أشغال هذا اللقاء، الذي نظمته جمعية المثقفين والمهنيين من أصل مغربي بإسبانيا ومجلس الجالية المغربية بالخارج، مساء أمس السبت، باعتماد مجموعة من التوصيات ستؤخذ بعين الاعتبار من قبل مجلس الجالية المغربية بالخارج، وبتسليم جوائز تكريما لثلاثة مبدعين مغاربة بإسبانيا، هم الفنان أحمد بن يسف، والبطل المغربي في السباحة الشاب حسن البركة، الذي عبر مضيق جبل طارق سباحة، والكاتبة ليلى كروش المقيمة بكتالونيا.
وعرف هذا اللقاء الوطني الأول للمثقفين والمهنيين من أصل مغربي مشاركة كفاءات ومهنيين بينهم علماء وخبراء في الاقتصاد وباحثون وجامعيون ومقاولون وجمعويون وصحافيون وفنانون قدموا من إسبانيا وبلجيكا والسويد وفرنسا والمغرب.
يشار إلى أن جمعية المثقفين والمهنيين من أصل مغربي بإسبانيا، التي تأسست سنة 2011، تروم بالأساس تعزيز ثقافة السلام والحوار والعدالة والتعايش بين أفراد الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا، ودعم جميع مبادرات التعاون والعمل المشترك بين إسبانيا والمغرب.
عن وكالة المغرب العربي للأنباء