الأزمة الاقتصاديَّة التي كابدها المهاجرُون في أوروبا، إبَّان الأعوام الأخيرة، لمْ تكن لتحُول دون بعث كثيرٍ منهم بالأموال إلى بلدانهم الأم، بالوتيرة التي اعتادوها. حتَّى أنَّ جالية كلِّ دولةٍ على حدة، أرسلتْ مليارات الأورو، سنة 2014، وفقا لما كشفتْ عنه تقريرٌ تابعٌ للأمم المتحدَة.
المعطيات الأمميَّة كشفتْ أنَّ المهاجرِين في أوروبا أرسلُوا 96.6 مليار دُولار من البلدان التي يقيمُون بها صوب بلدانهم الأصليَّة، على أنَّ القسم الأكبر من الأموال التي تم تحويلها، آلتْ إلى البلدان الأوروبيَّة الفقيرة، والشرقيَّة منها على وجه الخصوص.
وحلَّ المغرب في المرتبة السَّادسة بين قائمة أكثر الدول التي استقبلتْ أموالًا من مهاجري أوروبا، حيثُ أرسل المغاربة إلى بلادهم 5.4 مليار أورو، خلال العام المنصرم. متبوئِين بذلك المرتبة الأولى بين الجاليات المغاربيَّة.
وأوضح الصندوق الدولي للزراعة والتنمية، أنَّ العمال المهاجرين في روسيا كانُوا الأوائل أوروبيًّا من حيث التحويلات بإرسالهم 18.2 مليار أورو، خلال 2014، متبوعين بالمهاجرين في بريطانيا، ثمَّ المانيا وفرنسا وإيطاليا، وإسبانيا التي تأثر المهاجرُون فيها بصورة بليغة، بسبب الأزمة، ما اضطرَّ عددًا منهم إلى أنْ يقفلُوا عائدِين إلى بلدانهم.
أمَّا أكثرُ بلدٍ استقبل التحويلات الماليَّة القادمة من أوروبا فكان أوكرانيا، متبوعة بكلٍّ من بولندا ورومانيا، فيما أرسل المهاجرُون إلى نيجيريا 6.5 مليار أورو، و5.5 مليار أورو إلى الصِّين.
في غضُون ذلك، صرح مدير الصندوق الدولي للزراعة والتنمية، كيانُو نوانزِي، بأنَّ من الضروري معرفة ما إذا كانت أموال المهاجرِين قدْ جرى تحويلها مقابل رسوم بسيطة، لافتًا إلى أنَّ الأهم هو أنْ تكون تلك التحويلات قدْ ساعدت عائلات كثيرة حول العالم على تحسين وضعها وبناء مستقبلها، لارتهانها بما يبعثه الأهل من المهجر".
المغرب كان قدْ احتل المرتبة السَّادسة عشرة عالميًّا، والثالثة عربيًّا بعد مصر ولبنان، في مؤشر تحويل الأموال منْ الخارج، مستفيدًا في ذلك على مستوى تأمين العملة الصعبة، حتى وإنْ كانت دراسة أعدتها اللجنة الاقتصاديَّة لإفريقيا قدْ لقتت مؤخرًا إلى أنَّ التحويلات لا يجرِي استثمارها بما يساهمُ في خلق ديناميَّة اقتصاديَّة، ولا زالتْ تؤُول في قسمٍ كبير منها إلى الاستهلاك.
وتساهمُ التحويلات التي يبعثُ بها المهاجرون المغاربة في الخارج بنحو سبعة في المائة من الناتج الداخلي الخام للمغرب، وسط ترقبٍ لارتفاعها بعد عودة الاقتصاد الأوروبي إلى الإقلاع، بالنظر إلى تواجد القسم الأكبر من جالية المغرب في دُول القَارة العجوز.